نظم المركز الدولي للدراسات المستقبلية والإستراتيجية ندوة بعنوان تداعيات الأزمة السورية علي الأمن الإقليمي والدولي بمشاركة نخبة من السياسيين والخبراء الإستراتيجيين. طرحت الندوة- من خلال جلستي عمل- مجموعة من المحاور من بينها تأثيرات الأزمة باحتمالاتها المختلفة علي مواقف وتحركات سوريا والدول والأطراف العربية وبخاصة مصر, ومواقف وردود الفعل الإسرائيلية إزاء احتمالات مسارات الأزمة السورية, كذلك مواقف وأساليب الحركة المتاحة من قبل القوي الإقليمية لاسيما تركيا و إيران تجاه الاحتمالات المختلفة للأزمة. ناقشت الندوة أيضا مواقف وتحركات القوي الدولية ذات الثقل في ظل الاحتمالات المختلفة لتداعيات الأزمة السورية( أمريكا- الاتحاد الأوربي روسيا- الصين) والتأثيرات المحتملة للأبعاد المحيطة بتطورات الأزمة السورية علي الوضع الإقليمي. شارك في الندوة اللواء محمود خلف الخبير الأمني والإستراتيجي, د.مصطفي اللباد مدير مركز الشرق للدراسات الإقليمية والإستراتيجية, د.مصطفي علوي أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة, د. هالة مصطفي رئيس تحرير مجلة الديمقراطية سابقا, اللواء أسامة الجريدلي رئيس المركز الدولي للدراسات المستقبلية والإستراتيجية وعدد من الخبراء والمتخصصين. في البداية قال اللواء أسامة الجريدلي: إن الأزمة السورية باتت شديدة التعقيد وتتسم بالعنف القتالي يتخللها عمليات جس نبض دبلوماسية ومراجعة مقترحات ووسطاء ومبادرات تتشابك فيها مصالح ونوايا قوي داخلية أو خارجية. وحاليا فإن الأزمة السورية تتسم بتشابكات مصالح قوي إقليمية متعددة ومتباينة الأهداف والمصالح متمثلة بالأساس في إيران وحزب الله من جانب وتركيا من جانب آخر, لتنعطف بشكل خطير لتتسم بالتدويل ارتباطا بمواقف وتحركات القوي الدولية ذات الثقل( الولاياتالمتحدة- الإتحاد الأوروبي- روسيا الاتحادية- الصين الشعبية) والذي لكل منها حساباته ومصالحه ومصالح حلفائه. وأضاف اللواء الجريدلي أنه فيما يتعلق بإسرائيل فانها تعلن بغير ماتبطن بأنها ليست طرفا في الأزمة الجارية وسترد بقسوة في حالة أي مساس عسكري بها من جانب سوريا في الوقت الذي تدور فيه حرب نفسية بين الطرفين تستهدف إسرائيل من خلالها مصالح خاصة تريد تحقيقها من محصلة هذه الأزمة التي تخضع لتوازنات في حساباتها ما بين القضاء علي نظام بشار أو استمراره. من ناحية أخري أشار اللواء محمود خلف الخبير الأمني والاسترتيجي إلي أن إسرائيل لو قدر لها اختيار نظام في سوريا لاختارت الإبقاء علي نظام بشار الأسد. وأشار إلي أن روسياوإيران تعملان بقوة في سوريا إلي جوار نظام بشار الأسد. فالصراع علي أرض الواقع ليس مابين الجيش الحر والجيش السوري إنما هو صراع دولي وإقليمي. وأضاف اللواء محمود خلف أن الأزمة بشكلها الراهن يقول إنها ممتدة لأجل غير مسمي كما أن الحل السياسي معقد. وإذا أتينا إلي الأزمة السورية وعلاقتها بمصر سنجد أننا معنيون بالموضوع بشكل أو بآخر لأن سقوط النظام له تداعياته السيئة علي مصر. فالواقع يقول ان الحالة العراقية هي الأقرب لتطبيقها في سوريا وفي جميع الأحوال فإن ذلك سيوثر سلبا علي مصر لأنها هي القوة الوحيدة بالشرق الأوسط المنوطة بإيجاد التوازن بالمنطقة ولقد كان قرار قطع العلاقات مع سوريا من أسوأ القرارات التي اتخذت خلال الفترة الماضية فأرض الشام هي امتداد للأمن القومي المصري ويجب اعادة العلاقات بشكل فوري. من جانبها أوضحت د. هالة مصطفي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إنه منذ انفجار الأزمة السورية قبل عامين والحديث لا ينقطع عن احتمال تقسيم سوريا إلي وقد تنضم إلي هذه التقسيمات أجزاء من لبنان وتركيا والعراق وفق توزيع الأقليات والطوائف. وهو سيناريو باتت تعززه حرب المدن الدائرة الآن بين قوات النظام من ناحية والمعارضة من ناحية أخري... ولكن ستبقي السيناريوهات مفتوحة وتثير كثيرا من التساؤلات أهمها إلي أي مدي ستؤدي الضربة العسكرية المتوقعة إلي تغيير مسار الصراع وإضعاف النظام إلي حد القبول بتنحي الأسد أو الإقرار بالتقسيم وماذا سيكون عليه رد فعل إيران و حزب الله و روسيا. وأكدت هالة مصطفي أننا الآن نشهد للأسف صراعات مذهبية وطائفية تعود بنا إلي مرحلة ما قبل تشكيل الدولة القومية. كما أن الواقع أثبت أن سقوط الأنظمة في البلاد العربية أصبح البديل له هو القوي السياسية الإسلامية لأنها الأكثر تنظيما في حين أن المعارضة المدنية هشة جدا. ومن ضمن الأمور التي ظهرت للأسف ظاهرة الميليشيات والتي انتشرت بشكل واسع النطاق بعد ثورات الربيع العربي وهي ظاهرة تؤثر علي كيانات الدول وتفتح الباب لسيناريوهات مختلفة في المنطقة. كما أن الشرق الأوسط الكبير ظهر كمصطلح في بداية الثمانينيات علي أساس أن الحدود بعد الحرب العالمية الثانية رسم بعدها الحدود وفقا للمصالح الغربية وبالتالي هي حدود غير نهائية يمكن أن تخضع لإعادة التشكيل ولقد كان غزو العراق بمثابة نقطة تحول فيما يخص هذه الإستراتيجية قد يسمح بها الصراعات المذهبية والطائفية الموجودة بالمنطقة. وأخيرا أوضح د. مصطفي اللباد مدير مركز الشرق للدراسات الإستراتيجية أن الأزمة السورية لها بناء صراعي دولي وإقليمي ومحلي نتيجة لأهمية سوريا الجيو- سياسية حيث تفصل تركيا عن الجزيرة العربية والعراق عن البحر المتوسط وبها كل الأقليات العرقية والطوائف. واليوم بسبب التناحر نجد أن الشعب السوري يقف أمام النظام وإيران مقابل تركيا وروسيا مقابل أمريكا. أما عن الضربة العسكرية فأكد د. اللباد أنها مستبعدة في حين انه أشار إلي أن تركيا تساند المعارضة لأن شمال سوريا ممتد من حلب حتي ادلب مما يشكل كتلة متناغمة مع الشريحة السنية في تركيا وفي نفس الوقت كل هذا يمثل فرصة لإغلاق دائرة الخطر من المد الكردستاني الموجود في شمال شرق سوريا وكرد العراق.