لم يتكف الخوارج والشيعة بالهجوم علي پسنة رسول الله- صلي الله عليه وسلم - وإنما طعنوا في الصحابة- رضوان الله تعالي عليهم أجمعين. ومن المعلوم أن سنة رسول الله- صلي الله عليه وسلم- إنما وصلت إلينا من خلال الصحابة- رضوان الله عليهم- بل إن الدين كله وصل إلينا من خلالهم. فهم الطبقة المعاصرة لرسول الله- صلي الله عليه وسلم- زمانا. المطلعة علي أحواله قولاً وفعلاً. الحريصة علي أن تحفظ عنه كل حركة وسكنة. وأن تنقل عنه كل لفظة وسكتة. الأمينة في وصف أحواله- صلي الله عليه وسلم- صغيرها وكبيرها. والصحابة- رضوان الله عليهم- هم الذين نقلوا إلينا أحوال النبي- صلي الله عليه وسلم - كافة لم يخرموا منها شيئاً. حتي صرنا بفضلهم- جزاهم الله عن الأمة خيرا- كأننا نعايشه في أحواله- صلي الله عليه وسلم - كافة. ونعاين هيئاته كافة. فهم-رضوان الله عليهم- هم الذين نقلوا إلينا الدين كاملاً عن رسول الله- صلي الله عليه وسلم- الذي تلقاه عن ربه وحيا في القرآن أو في السنة. فإذا جاء من الطوائف والفرق من يرفض الأخذ عنهم مستنداً إلي ما يزعمه من أنهم ليسوا عدولاً. فعمن من يأخذ دينه. وأني له أن يعرف شرائع الإسلام؟ ومن أين سيأخذ أحكام الدين في الصلاة وهيئاتها. والزكاة ومقاديرها. والصيام وأحكامه. والحج ومناسكه. ثم من أين له أن يعرف ما يحل وما يحرم. وما يأخذ أو يدع في شئون الحياة جميعها. ثم أين نجد كل هذا في القرآن المجيد؟ وأين يجده هؤلاء الذين يزعمون أنهم يكتفون بالقرآن وحده دون السنة النبوية المشرفة؟ إن رفضهم السنة النبوية كان له الأثر في خروجهم علي الدين وابتداعهم فيه ما ليس منه. واعتناقهم عقائد. ومزاولتهم شرائع لا تمت إلي الإسلام. بل تناقض الإسلام وتعارضه. وقد انتهي بهم الأمر إلي أن نقضوا عري الإسلام . وكفروا الأمة المسلمة. وما كفرت الأمة ولكن الظالمين كفروا. يهدمون الدين بحجة الحرص عليه. ويكفرون بالقرآن وهم يزعمون الاستمساك به والاعتماد عليه. فأين منهم آياته البينات التي تأمر بطاعة رسول الله - صلي الله عليه وسلم - والأخذ عنه والائتمار بأمره والانتهاء بنهيه؟ بل أين منهم آياته البينات التي تنص علي أنه - صلي الله عليه وسلم - لا ينطق عن الهوي. وأن سنته وحي من عند الله - تعالي - وأين من هؤلاء الذين يخالفون عن أمر رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قوله تعالي - محذراً إياهم ومن علي شاكلتهم : ] فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم [ " النور:64". هكذا بدأت مسيرة إنكار سنة رسول الله- صلي الله عليه وسلم- والشغب عليها ورفض اعتبارها مصدراً تشريعياً كالقرآن. والخروج علي طاعة رسول الله- صلي الله عليه وسلم- بدأت مسيرة الضلال هذه علي أيدي الخوارج والشيعة "الرافضة". ثم تلقفها منهم وسار علي ضلالهم طوائف من المتكلمين وأشهرهم في هذا الباب المعتزلة. ثم استمرت مسيرة الضلال يسلمها ضال إلي ضال. ويأخذها ضال عن ضال. وقد افترقوا في ضلالهم إلي مذاهب وطوائف. فطائفة تنكر السنة النبوية المطهرة بجملتها. ما كان منها قولاً. وما كان عملاً. وما كان تقريراً. ويعدون أقواله- صلي الله عليه وسلم- وأفعاله مثل أقوال الناس وأفعالهم لا صلة لها بالدين من قريب أو من بعيد. وطائفة تأخذ من السنة بما كان عملاً وتطرح ما كان قولاً. دون تمييز أو سند من شرع أو عقل يسوغ هذه التفرقة. فإن صاحب العمل هو نفسه صاحب القول- صلي الله عليه وسلم-. وطائفة ثالثة هي أقل الطوائف جرماً في هذا الباب. ولكنها أعمها وأطمها وأكثرها عدداً. وما ذهبت إليه أعظم شيوعاً وذيوعاً. ذلكم الذين يقولون لا نأخذ من سنة رسول الله- صلي الله عليه وسلم- إلا بما تواتر قولاً وعملاً. أما خبر الواحد فلا يأخذون به ولا يعتبرونه. ومن هؤلاء من يرفضه جملة. ومنهم من يرفضه في العقائد. وقد ظلت مسيرة الضلال هذه تنتقل عبر التاريخ بطوائفها المختلفة وعلي مستوي الأمة المسلمة شرقاً وغرباً. حتي كانت نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. حيث نبتت نابتة سوء بين المسلمين في بلاد الهند. وذلك بنشأة ما سمي بطائفة ¢ القرآنيون ¢ تلك الطائفة التي زعمت الاعتماد علي القرآن وحده. وطرح السنة النبوية المطهرة. وأخذت تدعو إلي نحلتها بهمة ونشاط تحت رعاية الاستعمار الإنجليزي. ثم انتقلت من الهند إلي باكستان- بعد التقسيم- تحت مسمي ¢ البرويزيين¢.