انتابتني حالة من الضحك الهيستري عندما قرأت الهجوم السافر والنقد اللاذع من الدكتور أحمد صبحي منصور زعيم جماعة القرآنيين الهارب بالولاياتالمتحدةالأمريكية في حق الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
صبحي منصور يري أن الشيخ القرضاوي بالذات هو أكبر أعداء القرآنيين وأكثرهم سرقة لاجتهاداتهم!! وانه "أي القرضاوي" ينتظر لسنوات طويلة حتي يلحق بما يقوله زعيم القرآنيين!! ولا يمل من اصدار العديد من الفتاوي بتكفيرهم.. منصور طالب القرضاوي بإعلان توبته إلي الله بسبب موقفه من القرآنيين!!
بداية أوضح ان ما دفعني إلي كتابة هذه السطور ليس بقصد الدفاع عن الدكتور يوسف القرضاوي فالرجل يملك العديد من الأدوات التي تجعله يرد علي صبحي منصور وأمثاله ولكن أردت ان يعرف الجميع من هو صبحي منصور وما هي جماعة القرآنيين التي يتزعمها.
الدكتور صبحي منصور هرب إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية عقب احداث سبتمبر 2001 ومن هناك ادعي انه مضطهد في مصر بسبب أفكاره وأنه حضر إلي أمريكا للعمل علي تأسيس ما اطلق عليه "نموذج الإسلام المعتدل"!! بالطبع احتضنته الإدارة الأمريكية ومنحته حق اللجوء السياسي وفيها انشأ موقع "أهل القرآن" علي شبكة الإنترنت لبث سمومه ضد الإسلام ونشر أفكاره الشاذة.
جماعة القرآنيين التي يتزعمها أحمد صبحي منصور أفرادها من المنافقين الذين يظهرون غير ما يبطنون.. يتدثرون بعباءة الإسلام ويصطنعون الحرص عليه والدعوة إليه والعمل علي وحدة الأمة وبينما هم يعلنون ذلك يسعون إلي تحقيق أغراضهم الخبيثة في القضاء علي الإسلام عن طريق التشكيك في مصادره الموحي بها من عند الله سبحانه وتعالي وخاصة السنة النبوية المطهرة وذلك بإثارة الشبهات ضد سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم والزعم بانها ليست من الدين ولا صلة لها بالتشريع الإسلامي ويزعمون أن القرآن هو المصدر الوحيد للشريعة الإسلامية.
وطائفه القرآنيين ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر بالهند.. ثم بدأت في الانتشار بترويج فكرة الاعتماد علي القرآن فقط مستغلين ان أهل السنة يعتمدون علي جمع الأحاديث من أهل البيت والصحابة في حين أن الشيعة يرفضون الأحاديث الواردة عن الصحابة ومن هنا بدأ القرآنيون يرددون مقولة حق يراد بها باطل وهي ان الحل لهذا الخلاف هو الأخذ بالقرآن فقط في عملية التشريع.
ومع أن الظاهر أن ما يوحد القرآنيين هو انكار السنة النبوية والأحاديث التي يرويها صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم مثل أبي هريرة إلا أن الواقع يشير إلي انهم ليسوا متفقين وهناك خلافات وانقسامات بينهم علي مستوي العالم فطائفة القرآنيين الموجودة في مصر ويتزعمها أحمد صبحي منصور المقيم بالولاياتالمتحدةالأمريكية تروج من خلال موقعها "أهل القرآن" عن معتقدات وأفكار يرفضون فيها الاستدلال بأية أحاديث نبوية أو قدسية ويعتبرون ان هذا الموقع هو اللبنة الأولي لتجميع القرآنيين علي مستوي العالم وتوثيق الروابط بينهم والتعاون معا في الأمور الدينية والدنيوية..
وفي المقابل فإن هناك موقعا آخر علي شبكة الإنترنت يسمي موقع "القرآنيين" يقوم عليه شخص جزائري يدعي نور الحاج حمد يقول: إن القرآنيين كما عرفتهم فئة ضالة إلا من رحم ربك لانهم غير صادقين فيما يزعمون علي أنهم يتبعون التنزيل وحده مصدرا للتشريع فقد وجدت منهم اعتراضا كبيرا مع التنزيل حين عرضت عليهم التشريع الذي أنزله الله!!
وجماعة القرآنيين ياسادة ترفض السيرة النبوية والحديث والتفسير وحجاب المرأة ولاتحرم أكل لحم الخنزير أو شرب الخمر ولا تعاقب الشواذ من الرجال أو المثليين من النساء وتطالب بالمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث.
وصبحي منصور يؤكد في موقعه علي شبكة الإنترنت أن القرآنيين ليسوا جماعة أو فئة أو طائفة يمكن أن نسجلهم أو نجمعهم في مؤتمر أو نضمهم في تنظيم ولكنهم فقط منهج عقلي في فهم الإسلام ويريدون الاصلاح السلمي للمسلمين من داخل الإسلام بعد أن ثبت فشل القائمين علي المؤسسات الدينية الرسمية في القيام بالاصلاح بل ثبت انهم سبب التخلف واتهام الإسلام بالتطرف.
العالم الجليل الدكتور محمود مزروعة أكد في دراسة صدرت مؤخرا ان طائفة القرآنيين نشأت علي أيدي الانجليز الذين كانوا يستعمرون الهند وهي حركة من الحركات الكثيرة التي قام بها الانجليز في هذه المنطقة لهدم الإسلام وتفريق المسلمين مثل "القاديانية" وغيرها.. الدكتور مزروعة يشير إلي ان رءوس هذه الحركة كانوا علي اتصال دائم وقوي بالانجليز وكان الانجليز يمدونهم بالعون المادي والمعنوي..
الدكتور مزروعة أكد أن هذه الحركة بجميع طوائفها خارجة عن الإسلام وفاسقة وإن زعمت لنفسها الإسلام وانتسبت إلي القرآن فان انتسابها إلي القرآن باطل لانها كفرت بالقرآن في نفس اللحظة التي كفرت فيها بالسنة لانه لا تفرقة بين القرآن والسنة فهما يخرجان من مشكاة واحدة هي مشكاة الوحي الإلهي المعصوم.. وأن هدف هؤلاء والغاية التي يسعون إلي تحقيقها هو القضاء علي الإسلام وتفريق الأمة المسلمة وان انتسابهم إلي القرآن إنما هو ستار يتخفون وراءه ليزاولوا تحت شعاره انشطتهم الهدامة وحركاتهم التخريبية.
ونهاية يمكن القول إن اتهام صبحي منصور للشيخ يوسف القرضاوي بسرقة اجتهاداته ومطالبته بإعلان توبته إلي الله بسبب موقفه من القرآنيين أمر يثير الضحك فشر البلية ما يضحك.
*عضو مجلس نقابة الصحفيين المصريين [email protected] صحيفة المصريون 8/9/2009