الإنسان في هذا الكون لا يستطيع أن يعيش منفرداً بل لابد من أسرة يسكن إليها ومجتمع يخضع لنظامه فهو مدني بطبيعته ومن هنا تتكون المجتمعات الإنسانية باختلاف طبائعها وأعرافها والزواج هو الرباط المتين الذي يربط الأسر ويمنحها الوئام ويحفظها من الآثام فهي شركة من ذكر وأنثي بدأت حياة البشر ومن بيت آدم وحواء نبعت الإنسانية. وقد أعطي الإسلام للرجل حق الإدارة ولواء القيادة لما أعطاه من مقومات لهذا الحق: "الرجال قوامون علي النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض وبما أنفقوا من أموالهم" وقد أوضحت الآية الكريمة أمرين تحملهما طبيعة الرجل القيام بمشاق الأمور والإنفاق بما يحتاج إليه بيت الزوجية وما تنشرح به صدور الأبناء والأسرة وقوله تعالي: "بما فضل الله به بعضهم علي بعض" إشارة واضحة إلا أن هذا التفضيل شبيه بتفضيل بعض أعضاء الجسم علي بعض فلا غضاضة أن تكون اليد اليمني أفضل من اليسري أو العقل أفضل من البصر مادام الخلق الإلهي اقتضي ذلك وهو ما أكده المستشار أحمد خيري في كتابة مركز المرأة في الإسلام. من الناحية العملية لابد لأي شركة من مدير يديرها ويتكلم باسمها ويكون صاحب الكلمة الأخيرة بشئونها كي تحقق الأرباح وتجني الثمار وقد اعجز التشريع الإسلامي المجتمعات الإنسانية قاطبة عندما شرع حقوقاً لم توجد في قانون ولا ميثاق بشري علي مر العصور. ولم يطلق سطة الرجل في هذه الحقوق بحيث يطغي بها علي المرأة بل جعل لها ضوابط فلا إفراط ولا تفريط. وسنتكلم عن ثلثا حقوق للرجل علي زوجته أولها حق الطاعة وهو أمر بديهي لكل زوجة تريد أن تندرج تحت زوجها تشعر بأنوثتها وضعفها الجبلي فلا صدام ولا اصطدام فتنال رضا زوجها فضلاً عن رضا ربها كما ثبت عن عبدالرحمن بن عوف أنه صلي الله عليه وسلم قال: "إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي باب شئت" رواه الإمام أحمد. وقوله صلي الله عليه وسلم "لو أني آمر أحد أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها بما له عليها من حق".. رواه الترمذي وأحمد. وهذا الحق ليس مطلق بل نقيد بقيدين الأول: ألا تخالف شرع الله سبحانه وتعالي حيث قال صلي الله عليه وسلم : "لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف" متفق عليه لا سيما وأن طاعة الزوجة ليست متعلقة بشخصه وإنما وفقاً للأوامر والقواعد التي نظمها الشرع الحنيف وقد رأينا في ساحات المحاكم كثيرات أقمن دعاوي تطليق للضرر بسبب محاولة الزوج مخالفة الشرع الحنيف وأمرها بذلك لاس يما في المعاشرة الزوجية. الثاني: أن يكون أمر الزوج الصادر لها في شأن من شئون الزوجية والأسرة لا في شئونها الشخصية الخاصة كالتصرف في بعض أموالها أو بيع بعض ممتلكاتها فلا يجب عليها طاعته في هذا الأمر. الحق الثاني: القرار في بيت الزوجية حيث إنه من الحقوق الأصيلة أن تقيم الزوجة في منزل زوجها وهذا امتثالاً لقوله تعالي: "وقرن في بيوتكم" وهذا ليس المراد به حبس الزوجة وتضييق الخناق عليها يكف ذلك وقد أباح الإسلام لها الخروج للعمل إن اضطرت لذلك والخروج لسوق وغير ذلك مما يلزم لاحتياجها فالقرار في البيت ما هو إلا لأمن الأسرة ولأمان ولراحة المرأة والحفاظ عليها والبعد بها عن مزاحمة الرجال حتي لا تجرح كرامتها وحسبها فخراً أن الله تعالي نعتها بذلك في الجنة "حور مقصورات في الخيام" إلا أن هذا الحق مقيد بواجب علي الزوج وهو الإنفاق علي زوجته فإن امتنعت الزوجة علي القرار في مسكن الزوجية رغم أن الزوج غير مقصر في الإنفاق عليها كان هذا نشوزاً مانعاً من الإنفاق عليها حتي تعود للقرار في منزل الزوجية وقد جري القواع العملي في القضاء في حالة خروج الزوجة من منزل الزوجية والقرار في غيره أن يرسل إليها انذاراً بالطاعة عملاً بنص المادة "6" ولها أن تعترض عليه خلال ثلاثين يوماً عملاً بنص المادة "63" من قانون المرافعات. وأن تبين في الاعتراض أن مسكن الزوجية غير ملائم لها شرعاً وأنها لا تأمن فيه علي نفسها ولا مالها وأن الزوج غير أمين عليها فإذا تثبت المحكمة عن طريق الشهود ذلك حكمت بعدم الاعتداد بهذا الإنذار وإن ثبت عكس ذلك قضت برفض الاعتراض وهو ما سهل علي الزوج بعد ذلك إقامة دعوي بنشوز الزوجة ووقف نفقتها شرعاً ولا علاقة بلك ذلك بنفقة الأولاد حتي لو كانت الزوجة حاضنة لهم. الحق الثالث: وهو حق التأديب وهو ما يؤكد أن الإسلام أصلح النفوس البشرية التي قد تصاب بالتقلب والاعوجاج وهذا في سبيل الحفاظ علي الأسرة من الانهيار والحياة الزوجية من الدمار فلمظاهر الحياة وانحراف القلوب نزعات تحاول أن تغير الروابط وتؤدي بالعواطف وتقطع الصلات وتزرع في النفوس النفرة بدل الألفة والشقاق بدل الوفاق والفراق بدل التلاق وقد تتمكن هذه النزعات من القلوب فتجلب الحقد والكراهية وهو ما يجعل المرأة غير جادة في أداء رسالتها وتحملها لمسئوليتها فكان الدواء الشافي والعلاج الراقي الذي يضبط الشعور ويجمع الشرور حيث قال تعالي : "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً النساء": .34 وهذه الاية الكريمة دستوراً للإصلاح ونبراساً للإنصاف والتدرج في معالجة الأمور دون تسلط أو استبداد فقدم الشرع الحنيف مرحلة الموعظة الحسنة علي الهجر في المضجع الذي يؤدي إلي الشعور بالوحدة وجود الفراغ العاطفي والحسي في العلاقة الحميمة بين الزوجين ثم جاء بالحل الأخير الذي لابد منه للإصلاح وهو الضرب فكم من نساء لا تستقيم أمورهن إلا بهذا؟ وهذا مرجعه إلي العادات والأعراف فربما زوجة ستجيب بمجرد النصح وربما أخري لابد معها من الهجر وأخيراً هناك من لا تستقيم إلا بالضرب إلا أن هذا الحق له ضابط ألا يكون ضرباً مبرحاً يحدث أثراً وقد نصت المادة "209" من قانون الأحوال الشخصية "أن للزوج حق تأديب زوجته تأديباً خفيفاً علي كل معصية لم يرد في شأنها حد مقرر ولا يجوز له أصلاً أن يضربها ضرباً فاحشاً ولو بحق وهذا يؤدي إلي معاقبته وفقاً لقانون العقوبات بجريمة الضرب مادة "242" فضلاً علي أحقيتها لرفع دعوي تطليق لضرر نص المادة "55". إن تجاوز هذا الحد إذن هي منظومة متكاملة للأسرة جاءت بها هذه الشريعة الخاتمة التي لو سرنا عليها لكانت حلاً لمشاكل لاتزول حيث تطالعنا الصحف كل يوم بما يندي له الجبين في الأحوال الشخصية وأحوال الأسرة وكثرة الجرائم وهو ما انعكس علي المجتمع حيث أحجمت كثيرات علي الزواج حيث يوجد في مصر 13 مليون عانس منهم المتعلمات والمثقفات يخشين الإقدام علي الزواج لعدم معرفة أحكامه الشرعية التي لم توفر كتشريع في أي شريعة من الشرائع وأي نحلة من النحل.. فالحمد لله علي نعمة الإسلام وكفي بها نعمة.