سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
دراسة حديثة كشفت علاقتها بالنخبة: الفضائيات الخاصة تهزم التليفزيون الرسمي في أزمة الدستور
التغطية التليفزيونية تتسم بالطابع الهجومي في تناول الأزمة إعلامياً
الاستفتاء على الدستور منذ إعلان الدستور الجديد في ديسمبر 2012 والجدل مستمر بشأنه، ففي الوقت الذي يصفه أنصار التيار الإسلامي بأنه "أعظم دساتير العالم"، تعتبره المعارضة أكثرها اهتراء ويكشف فقراً تشريعياً وضعفاً في الصياغة أدي إلي وجود ثغرات عدة بدأت بالحديث عن قانون مباشرة الحقوق السياسية، وخطأ حرف "أو" بدلاً من "و"، ما أتاح لمن كان عضواً في برلمان 2005 منفرداً (أو) 2010 الترشح في الانتخابات المقبلة، وتنامي الجدل مع وجود نص آخر يعطي الحق لكل مواطن في ممارسة حقه الديموقراطي، وهو ما استند إليه حكم قضائي صدر أخيراً يسمح لرجال الشرطة والجيش بالتصويت الانتخابي، وغيرها من الأمور غير المحسومة تشريعياً حتي اللحظة وتضع الدستور الجديد في دائرة اتهام بعض المعارضين له بأنه "مشوب بالعوار". إعلامياً، كانت رحي الصراع تدور في اتجاه آخر، وهو مدي اعتماد النخبة المصرية علي أي من القنوات الرسمية أو الخاصة في متابعة الجدل الدائر حول أزمة الدستور، وهو ما لخصته دراسة ميدانية أجريت حديثاً تحت عنوان "اتجاهات النخبة نحو أخلاقيات تغطية الفضائيات المصرية لأزمة الدستور المصري"، وأعدها كل من هاجر شعبان سعداوي المعيدة وباحثة ماجستير بقسم الإعلام في كلية الآداب بجامعة المنيا، ومحمود لطفي السيد باحث الدكتوراه بقسم الإعلام في كلية الآداب جامعة جنوب الوادي، وتمت المشاركة بها في المؤتمر العلمي الدولي الأول لكلية الإعلام بجامعة الأزهر والذي أقيم أخيراً تحت عنوان "المهنية الإعلامية والتحول الديموقراطي". المهنية والأخلاقية ويؤكد الباحثان أنه في ضوء الاهتمام الذي أولته الفضائيات العربية بصفة عامة والمصرية بصفة خاصة لتغطية أزمة الدستور المصري الجديد، ومتابعة تطوراتها علي نحو منتظم، وانطلاقاً من عدد من الإشكاليات، أبرزها المهنية والأخلاقية التي أثارتها تلك التغطية، تمثلت مشكلة هذه الدراسة في تقصي مدي التزام القنوات التليفزيونية الفضائية المصرية بأسس الممارسة الصحفية المهنية في تغطيتها لأزمة الدستور، ومراعاتها للمبادئ الأخلاقية التي نص عليها عدد من مواثيق الشرف المهنية، واتجاهات النخبة نحو هذه الأخلاقيات من خلال رصد وتحليل آرائهم واتجاهاتهم. واستمدت هذه الدراسة أهميتها من ضرورة متابعة التغطية التليفزيونية عامة وتغطية الفضائيات المصرية خاصة، وتقييمها في ضوء معايير الأداء المهني والمواثيق الأخلاقية، وخاصة في أوقات المحن والأزمات التي تمر بها الشعوب والأوطان بالتطبيق علي أزمة الدستور الجديد، وفي إطار ما أعقب ثورة 25 يناير 2011م من تغيير الخطاب الإعلامي المصري علي وجه العموم وتغيير الخريطة الإعلامية للإعلام التليفزيوني والفضائي المصري علي وجه الخصوص، برزت لنا علي الساحة تساؤلات عدة في مجال الإعلام والتغطية الإخبارية التليفزيونية، كما ظهرت أيضاً تساؤلات حول إشكاليات الأخلاقيات ومواثيق الشرف، مدي تأثير "أخلاقيات المهنة" هذه، علي دور القائم بالاتصال، خاصة بعد ظهور أزمات سياسية كأزمة الدستور. أهداف الدراسة ويعد الهدف الرئيسي للدراسة هو التعرف علي اتجاهات النخبة نحو أخلاقيات التغطية الإخبارية في القنوات الفضائية المصرية لأزمة الدستور، وتنبثق منه عدة أهداف فرعية أهمها علي سبيل المثال: معرفة مدي اهتمام النخبة بمتابعة أحداث أزمة الدستور وتطوراتها، التعرف علي أهم مصادر المعلومات عامة، والفضائيات المصرية خاصة التي تعتمد عليها النخبة لمتابعة أحداث الأزمة، معرفة أسباب اعتماد النخبة المصرية علي مصادر معلومات معينة لمتابعة أخبار وتطورات الأزمة، ومدي ثقتهم في هذه المصادر، وكذا تقييم مدي التزام الفضائيات المصرية بالأخلاقيات المهنية في تغطيتها لأحداث أزمة الدستور وتطوراتها من وجهة نظر النخبة. وتطرح الدراسة مجموعة مهمة من الأسئلة، ففي حين تسعي إلي الإجابة عن تساؤل رئيسي "ما اتجاهات النخبة نحو أخلاقيات تغطية الفضائيات المصرية لأزمة الدستور؟"، تنبثق منه عدة تساؤلات فرعية تحاول التعرف علي مدي اهتمام النخبة المصرية بمتابعة أخبار أزمة الدستور، وكثافة التعرض، وأهم مصادر المعلومات من وسائل الإعلام والاتصال التقليدية والحديثة التي يعتمدون عليها، ومدي ثقتهم بها، وتقييمهم للتغية الإخبارية لأزمة الدستور، ومدي إلتزام الفضائيات بأخلاقيات المهنة الإعلامية، بالإضافة إلي مقترحاتهم لتطوير التغطية الإخبارية للفضائيات المصرية بما يجعلها أكثر مهنية وإلتزاماً بمواثيق الشرف الأخلاقية، من خلال استمارة استبيان تم تحكيمها من قبل أساتذة الإعلام والاتصال ومناهج البحث والإحصاء. وتنتمي هذه الدراسة إلي الدراسات والبحوث الوصفية Descriptive Studies التي تسعي إلي دراسة ظاهرة أو حدث أو واقعة أو أزمة معينة وتوصيفها ومعرفة جوانبها كافة، وهذه الدراسة تسعي إلي رصد وتحليل آراء واتجاهات النخبة المصرية نحو مدي التزام الفضائيات المصرية بالمبادئ الأخلاقية التي نص عليها عدد من مواثيق الشرف المهنية خلال فترة أزمة الدستور، ويستعين الباحثان في هذه الدراسة بمنهج المسح لتحقيق أهداف الدراسة والإجابة عن تساؤلاتها واستخلاص نتائج تفسيرية ذات دلالة منها، حيث تتضمن الدراسة مسحاً ميدانياً لعينة من النخبة المصرية، حيث تم الاعتماد علي أسلوب العينة العمدية علي عينة قوامها 100 مفردة من النخبة المصرية الإعلامية (الصحفي الحامل بطاقة عضوية نقابة الصحفيين، والإعلاميين في قطاعات إعداد وتقديم البرامج في الفضائيات) والأكاديمية (من جامعات القاهرة والأزهر والمنيا وأسيوط). النتائج الفضائيات المصرية الخاصة كانت أهم وأول الفضائيات متابعة من قبل النخبة المصرية، بينما جاءت القنوات الحزبية، متمثلة في قناة مصر25 في مرتبة متأخرة بين ترتيب القنوات، في حين جاءت الفضائيات الحكومية في خاتمة الفضائيات المصرية التي تتابعها النخبة، وكذا ارتفاع نسبة مشاهدة الفضائيات المصرية بين أفراد العينة، وعدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين الذكور والإناث في معدل مشاهدتها، تفوق الفضائيات الخاصة في الحصول علي نسبة ثقة أفراد النخبة، في حين انخفضت نسبة ثقتهم في الفضائيات الحكومية، بينما قلت تماماً ثقتهم في الفضائيات الحزبية. وكشفت النتائج أيضاً ارتفاع حرص واعتماد أفراد النخبة علي الفضائيات الحكومية والخاصة في الحصول علي المعلومات عن أزمة الدستور، في حين انخفضت درجة اعتمادهم وحرصهم علي الفضائيات الحزبية، وأوضحت أن الفضائيات المصرية لعبت دوراً قوياً في تجميع وحشد المظاهرات حول أزمة الدستور باختلاف مضامين كل قناة بحسب توجهها السياسي ونمط ملكيتها، والملاحظ أن الفضائيات المصرية أثناء تغطيتها لأزمة الدستور كانت تقدم برامج عدائية لبرامج أخري في قناة فضائية أخري، فكان الطابع الهجومي هو الغالب في التغطية التليفزيونية لأزمة الدستور. وتفوقت الفضائيات الخاصة علي الحكومية والحزبية في أغلب العبارات الإيجابية الخاصة بمهنية الإعداد وأخلاقياته، وأظهر المبحوثون ضعف التزام الفضائيات باختلاف ملكيتها بمهنية التقديم وأخلاقياته، بينما تفوقت الفضائيات الحكومية علي الخاصة والحزبية في كل العبارات الإيجابية الخاصة بمهنية وأخلاقيات المسؤولية الاجتماعية بفارق كبير وواضح. وطرحت النخبة حزمة من المقترحات لتطوير مهنية تغطية الفضائيات المصرية وأخلاقياتها أبرزها علي الترتيب: أن تتناول في تغطيتها الأمور والأحداث بجوانبها كافة، وأن تلتزم الموضوعية وتعتمد علي بث الحقائق، وضرورة استضافة جميع الأطراف من كل التيارات السياسية المختلفة، وعدم التحريض علي العنف والدعوة إلي الحوار والتهدئة.