الحزب الوطني احتكر الإعلام الحكومي وإمكانيات الدولة لصالح مرشحيه محيط – علي عليوة
مشهد من الانتخابات في مصر (ارشيفية ) أصدر مركز سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز في مؤتمر صحفي عُقِد اليوم الأربعاء الموافق 9 يونيو 2010 بمقر المركز بالدقي بالقاهرة تقريره الخاص بمراقبة تغطية وسائل الإعلام لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى .
ويقع التقرير في مائة وست صفحات ومقسمًا إلى أربعة أقسام: القسم الأول، مراقبة أداء الصحف، ويتناول مراقبة أداء بعض الصحف المستقلة، مثل، المصري اليوم، والدستور، والشروق.
والحكومية مثل الأخبار، والأهرام، والجمهورية، وروز اليوسف، والمعارضة مثل،الوفد، والدولية مثل الحياة.
والقسم الثاني: مراقبة أداء القنوات التليفزيونية، ويتناول القنوات الحكومية مثل، القناة الأولى بالتليفزيون المصري، وقناة النيل للأخبار، والقنوات المستقلة، مثل دريم2، والمحور، والفراعين.
أما القسم الثالث، فيتناول مراقب أداء المواقع الإليكترونية وعلى رأسها: موقع اليوم السابع، وموقع مصراوي، وموقع مصريون، وموقع بر مصر، وموقع إخوان أون لاين، وموقع الحزب الوطني.
وتناول التقرير نتائج تغطية وسائل الإعلام المختلفة لانتخابات الشورى، من حيث عدد المواد الصحفية المساحة التي حصل عليها كل حزب أو جهة أو فرد، واتجاه تلك المساحة ( إيجابية جدًّا، إيجابية، محايدة، سلبية، سلبية جدًّا).
وذلك لمعرفة مدى حياد وسائل الإعلام في تغطيتها لتلك الانتخابات، ومدى قدرتها علي التعبير عن برامج وتحركات المرشحين بشيء من الشفافية والنزاهة.
وقد توصل التقرير إلى أن الصحف القومية (الأخبار – الأهرام – الجمهورية) كانت منحازة تمامًا للحزب الوطني، سواء من حيث المساحة أو المواد المنشورة أو الاتجاه العام للصحيفة.
وذلك كله علي حساب بقية الأحزاب والجهات المرشحة في تلك الانتخابات، الذين حازوا علي النصيب الأكبر من النقد السلبيرغم انه صحف ملك لكل المصريين وليس الحزب الوطني .
أما الصحف المستقلة وعلى رأسها المصري اليوم والشروق فكانت أكثر حيادًا من الصحف القومية خاصة من حيث اتجاه التغطية، وإن انحازت للحزب الوطني من حيث المساحة، حيث حصل الحزب الوطني على ما يقرب من نصف المساحة التي خصصتها تلك الصحف لتغطية انتخابات الشورى.
وكانت جريدة الدستور هي الوحيدة المختلفة ضمن الصحف المستقلة، حيث لوحظ أنها كانت منحازة للإخوان علي حساب الحزب الوطني، إذ كانت الصحيفة الوحيدة التي أعطت مساحة للإخوان تفوق تلك التي حصل عليها الحزب الوطني، ولكنها في العموم كانت محايدة مع كافة الأحزاب والجهات المعارضة من حيث اتجاه التغطية.
أما بالنسبة للقنوات التابعة للتليفزيون المصري فقد خالفت تلك القنوات ما سبق وصرّح به وزير الإعلام قبيل الانتخابات من إعطاء مساحات متساوية لكافة الأحزاب والجهات المرشحة بما في ذلك أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المرشحين كمستقلين.
حيث لوحظ أن تلك القنوات قد أعطت أكبر مساحة من تغطيتها للانتخابات للحزب الوطني، فيما أعطت مساحات محدودة لباقي الأحزاب المرشحة، بينما لم تعط شيئًا للمستقلين، ولذلك جاءت تغطية تلك القنوات منحازة من حيث المساحة والاتجاه.
التليفزيون المصري انحاز لمرشحي الوطني بينما كانت تغطية القنوات المستقلة وعلى رأسها قناة دريم والمحور والفراعين، محايدة من حيث اتجاه تغطيتها، ولكنها أيضًا كانت منحازة للحزب الوطني من حيث المساحة.
حيث حصل الحزب علي النصيب الأكبر من تغطية تلك القنوات، والتي وصلت في بعض القنوات لأكثر من 50%.
أما فيما يتعلق بالمواقع الإلكترونية فقد كان موقع اليوم السابع من أكثر المواقع متابعة لانتخابات الشورى، لدرجة أن متابعته قد فاقت في كثير من الأحيان متابعة الصحف والقنوات الفضائية.
وقد كان الموقع محايدًا من حيث الاتجاه مع الأحزاب والجهات المعارضة للحزب الوطني بما في ذلك المستقلين، وإن كان منحازًا من حيث المساحة للحزب الوطني الذي حصل بدوره على ما يزيد عن 50% من المساحة المخصصة لتغطية الانتخابات.
وعلى العكس من ذلك كانت المواقع الحزبية وعلى رأسها موقع إخوان أون لاين وموقع الحزب الوطني منحازة للجهة التي تنتمي إليها من حيث المساحة والاتجاه، وإن كان موقع إخوان أون لاين محايدًا من حيث المساحة حيث أعطى الحزب الوطني مساحة قريبة جدًّا من تلك التي أعطاها لمرشحي جماعة الإخوان.
ولكنه كان منحازًا جدًّا من حيث الاتجاه، حيث كان اتجاه تغطيته للحزب الوطني سلبيًّا جدًّا. أما بقية المواقع ( مصراوي، المصريون، بر مصر ) فكانت منحازة في تغطيتها من حيث المساحة للحزب الوطني ومحايدة من حيث الاتجاه في بعض الأحيان.
ولتفعيل دور وسائل الإعلام في تغطية الانتخابات سواءً كانت تشريعية أو رئاسية، فقد وضع المركز عدة توصيات للقضاء علي ما شاب العملية الحالية من سلبيات، وذلك من أجل انتفائها في الانتخابات القادمة، تعميقاً للممارسة الديمقراطية، وإسهامًا في دفع وتطوير مصر للأمام، من خلال انتخابات ديمقراطية نزيهة وشفافة.
وتتمثل تلك التوصيات فيما يلي:
أولاً : تكوين لجنة تابعة للجنة العليا للانتخابات تكون مهمتها مراقبة الأداء الإعلامي للصحف القومية وتصحيح مساراتها خلال الحملة الانتخابية بحيث تحصل كافة القوى والجهات المرشحة علي نسب متساوية من تلك التغطية.
ثانيًا: تفعيل دور اللجنة الإعلامية التي شكّلها وزير الإعلام بحيث تتوسع في تغطيتها لتشمل القنوات والصحف والمواقع، وتقديم توصيات بكيفية تغطية الانتخابات بحياد ونزاهة، والاستفادة من التوصيات التي قدمتها لتفعيل الأداء الإعلامي في متابعة الانتخابات.
ثالثاً : أن يتم التناول الإعلامي لرموز الدولة والمسئولين بشكل معتدل وبصفتهم رموزًا لعامة المواطنين ووفقاً لمناصبهم ، وأن تتوقف الحكومة عن إنتاج برامج الدعاية السياسيّة باستخدام الأموال العامة التي هي ملك كل الشعب وكذلك عدم تسخير مؤسسات الدولة لصالح مرشحي الحزب الوطني.
والتوقف عن استخدام تلك البرامج كوسيلة للتأثير السياسي عبر وسائل الإعلام في فترة الانتخابات. وأن توضع ضوابط وآليات تحدّ من قدرة الحكومة على إساءة الاستفادة من القوانين والإعلانات وتوزيع الأخبار في التأثير على حياد وسائل الإعلام المستقلة وخصوصًا الصحافة، وأن تصدر الجهات الحكوميّة مطبوعاتها الخاصّة، ولا تفرض أخبارها وتوجهاتها على الصحف المستقلة .
رابعاً : أن تسهّل الحكومة مهمّة القائمين على مراقبة الإعلام، والاستفادة من تقاريرهم وتوصياتهم، والاستفادة كذلك من تقارير المنظمات المختصة المعنية بالحريات الإعلامية بشكل عام، وأن تعدّل القوانين والممارسات المقيدة لحريّة الصحافة والتعبير وخصوصًا المتعلقة بالانتخابات بما يتناسب مع المعايير الدولية والمواثيق التي التزمت بها مصر.
خامسًا : أن يكون هناك ميثاق شرف للصحافيين يتضمّن معايير واضحة بشأن النزاهة والحياد في تغطية الانتخابات، وأن يتم تقييم ومحاسبة الصحافيين والكتاب من قبل مؤسساتهم ومن قبل الجهات المعنية الأخرى بناء على ذلك.
وأن يتم تدريب الإعلاميين والصحفيين على المهنية والنزاهة والحياد والمعايير الدولية المتعلقة بدور الإعلام في الانتخابات، وأن يتم إجراء دورات التدريب بشكل خاص في الفترات التي تسبق الانتخابات كما يمكن الاستعانة بالمنظمات المختصّة وتجارب الدول الأخرى.
وأن يكون هناك تعاون مع المنظمات الدولية المعنية بالحريات الصحافية والجهات المعنية بالرقابة على وسائل الإعلام سواء فيما يتصل بنشر التقارير أو تنفيذ التوصيات أو التدريب أو التشاور والحوار بشأن كلّ ذلك.
سادسًا : ضرورة قيام مؤسسات المجتمع المدني في مصر بوضع استراتيجيات لحفز الدولة على ضمان الحريات والحقوق المتعلقة بالصحافة والإعلام.
ووضع قوانين وسياسات لإصلاح سياسات الدولة المتعلقة بالإعلام الانتخابي وتطويرها والتعاون والتشاور مع المنظمات المختصة بالحريات الإعلامية والاستفادة مما تصدره من تقارير والعمل على نشرها.
وتطوير برامج مراقبة الانتخابات ومتابعتها، وكذلك برامج مراقبة دور الإعلام في الانتخابات. والتحرّك لإنشاء مؤسسات مستقلة مختصة باستطلاعات الرأي، وخصوصًاً فيما يتعلق بالانتخابات.