لقاء ىجمع بىن أوباما والشيخ حمد بن خليفة بين التشكيك والتأكيد علي استخدام قوات الأسد السلاح الكيميائي كغاز السارين القاتل لقمع الثوار.. وبين رفض الاتهام والإصرار علي الإدانة، لا تزال نبرة التهديد والتحذير تهيمن علي الخطاب السياسي بين الغرب والنظام السوري بحجة تجاوز الأخير الخط الأحمر.. ووسط المذابح اليومية وإراقة الدماء يعيش السوريون حالة من الذعر والقلق، تزهق أرواحهم ثمناً لأطماع الغرب وجبروت الأسد. وفي ظل الحرب الدائرة في سوريا، يختلف معظم المراقبين علي نوايا الإدارة الأمريكية وما تعنيه بالخطوط الحمراء خاصة أنها تدعم تسليح الثوار لمواجهة جيش الأسد، فيما يراها البعض الآخر أنها محاولة أمريكية إسرائيلية لتعبئة المجتمع الدولي معنوياً قبل شن هجمة عسكرية ضد دمشق. كان هناك أيضاً تشكيك خيم علي رؤي المحللين لخلفيات الاتهام المذكور فاتهم البعض منهم الإدارة الأمريكية بازدواجية المعايير وتذكيرها بعدم تحديد تلك الخطوط الحمراء، خاصة أن الحديث قد جري العام الماضي عن قيام سوريا بتوزيع مواد من منظومتها للسلاح الكيميائي علي قواعدها العسكرية، وعن البدء باستعدادات عسكرية في هذه القواعد. وقد دفع ذلك عدة دول، وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة وحتي روسيا، إلي إرسال تحذيرات حادة إلي الرئيس السوري بشار الأسد تحذره من مغبة استخدام هذا السلاح. وصرح أوباما وكبار المسئولين في الإدارة الأمريكية أن استخدام هذا السلاح هو بمثابة "خط أحمر"، إلا أن هذا الخط ظل غامضاً، نظراً لأنه لم توضع معايير واضحة لاستخدام السلاح الكيميائي، ولم تذكر ماهي ردود الأفعال التي ستتخذها واشنطن للرد علي ذلك. وفي هذه الأثناء برزت معلومات تحدثت عن قيام الولاياتالمتحدة، وبمساعدة دول صديقة إقليمية، بوضع خطة للسيطرة علي مخازن السلاح، أو تفجيرها من الجو وتدميرها. وكشفت صحيفة "الديلي تلجراف" البريطانية عن وجود اشتباكات طاحنة تدور بين مقاتلين محسوبين علي تنظيم القاعدة ومتمردين وبين قوات من النظام السوري من أجل السيطرة علي مصنع كبير للأسلحة الكيميائية لازال النظام السوري يهيمن عليه. وتأتي هذه العمليات من خلال تسليح قطر للثوار في سوريا بموافقة من واشنطن. ومن ناحية أخري، رأي المحللون وكأنه تهديد يمكن أن يغير قواعد اللعبة ويفرض اتخاذ خطوات رداً علي استخدام هذا السلاح المدمر. وبرزت المعلومات الاستخباراتية خلال الفترة الماضية من الجانب الإسرائيلي تتحدت عن استخدام حقيقي لهذا السلاح، وأهم حادث جري في مارس الماضي بحلب، حيث تحدثت التقارير عن مقتل نحو 25شخصا وإصابة آخرين. يومها تبادل نظام الأسد والثوار الاتهامات، فاتهم نظام الأسد الثوار بأنهم استخدموا سلاحا كيميائيا، وردّ عليه الثوار باتهامات مضادة. وأكدت الولاياتالمتحدة امتلاكها لأول مرة أدلة تفيد استخدام النظام السوري لغاز السارين ولكن بكميات قليلة وبصورة محدودة، وهو الأمر الذي كان أوباما يقول إنه "خط أحمر"، وإن حدوثه سيغير من قواعد اللعبة وسيدفع الأمريكيين لإعادة حساباتهم بشأن الموقف من سوريا. إلا أنه سرعان ما تضاربت الأقوال، حيث نفي رئيس الهيئة السياسية والأمنية بوزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد ما تناقلته وسائل الأمريكية والأجنبية علي لسان مصادر إسرائيلية أن إسرائيل تلقت موافقة من جهات مختلفة لقصف سوريا وأنه لا علم له بشأن التأكيدات حول قيام سلاح الجو بشن هجمات داخل سوريا بموافقة من الحكومة الإسرائيلية، وفقاً لصحيفة "يديعوت أحرونوت" عن جلعاد قوله إنه لا يعرف ما هو مؤكد، كل ما يمكنه تأكيده هو ما يخرج فقط علي لسان الناطق باسم الجيش الإسرائيلي. وأضاف قائلاً إن حزب الله حريص علي ألا يمتلك أي أسلحة كيمائية الآن وهو فقط يحاول نقل الأسلحة المتطورة التي تملكها سوريا والتي تمتلك منها أيضاً كميات كبيرة. وكشفت وسائل الإعلام الأجنبية أن أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي زار واشنطن، والتقي الرئيس أوباما أبريل الماضي، قد أبلغ الإدارة الأمريكية بشكل ملح أنه يجب علي الأخيرة التدخل فوراً بالقوة العسكرية لإسقاط نظام الأسد وإلا سينتصر، مستنداً علي معلومات من المعارضة السورية. مضيفاً أن العامل الوحيد الذي يمكن أن يعطل هذا الأمر هو توجيه ضربات صاروخية للقدرات العسكرية لمراكز القيادة والسيطرة العسكرية التابعة للأسد. فيما رجحت صحيفة "إندبندنت" البريطانية ألا يتدخل أوباما عسكرياً في الأزمة السورية، رافضاً المخاطرة بعمل عسكري يبدد به تريليونات الدولارات ويفقد في إثره المزيد من الأرواح. ورأت الصحيفة أن مراوغة الرئيس أوباما بشأن الحرب الأهلية السورية، وتفضيله عدم التسرع في مسألة التدخل هناك، علي الأقل ما لم تتهدد المصالح الاستراتيجية الأمريكية الأكثر حيوية. وذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن أوباما تراجع عن خطه الأحمر الذي رسمه ضد استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا من قبل النظام الحاكم. وذكرت في تقريرها أنه بعدما أكدت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل قيام النظام السوري باستخدام أسلحة كيميائية ضد شعبه، وحتي بعدما أعلن وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل أن واشنطن تعتقد بدرجات متفاوتة من الثقة أن مثل تلك الأسلحة قد تم استخدامها، خرج أوباما ليعلن أنه لم يكن يخادع، ولكن ما فعله يؤكد العكس تماما. وخلال الأسابيع القليلة الماضية، شكل فريق من خبراء بعد طلب من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للتحقيق في مزاعم استخدام أسلحة كيميائية في سوريا. وتتساءل الصحيفة، ما الحل إذن لإنهاء تلك الأزمة؟ وأوضحت الصحيفة البريطانية أن هناك حرجاً كبيراً يواجه البيت الأبيض، فمجرد فرض منطقة حظر جوي ربما يجر واشنطن إلي حرب شاملة، وهو الأمر الذي لا ترغب فيه إدارة أوباما الآن. وأضافت أن هذا الحرج تتعرض له الولاياتالمتحدة الآن، فمنذ أشهر أصر أوباما علي عدم التدخل، وأحجم بشدة عن توريط جيش بلاده بشكل مباشر في الحرب السورية، واضعاً خطاً أحمر أمام قوات النظام بشأن استخدام أي من مخزونها من الأسلحة الكيماوية ضد الثوار، وهو ما أكدت الأدلة أنه اخترق من قبل الأسد. وذكرت الصحيفة أن أوباما قد يكون محقاً في إحجامه العميق خشية اندلاع حرب شاملة، فرغم حدوث ما توقعه من قبل وهو استخدام قوات الأسد لغاز الأعصاب السارين في إحدي الهجمات التي شنتها قوات النظام علي أحد تجمعات المعارضة في مدينة حلب، وهو ما يعد خرقاً للخط الأحمر، فإنه من غير المرجح أن يتدخل أوباما أبداً في سوريا. ونقلت عن مسئولين استخباراتيين بواشنطن أن سوريا تمتلك أنظمة دفاع جوي متقدمة، ناهيك عن تحديث أنظمتها من الصواريخ أرض-جو الرقمية، وكذلك الصواريخ طويلة المدي التي لديها القدرة علي مهاجمة الطائرات الأمريكية التي تقلع من قاعدة الناتو في قبرص، التي تم استخدامها بقبرص. ونقلت الصحيفة عن أحد الباحثين قوله إن أمريكا تعاني من أزمة في التعامل مع الملف السوري، وإن هناك مخاطر سواء اختارت اللجوء إلي القوة أو الوقوف علي الحياد.