أطلق عليها والدها اسم «الطيبة»، وكان لها حظ كبير من اسمها، فقد غلب على كل صفاتها، ونشأت في بيئة صعيدية يحكمها التمسك بالعادات والتقاليد. حكايتها يعرفها كل أهل قريتها بعد أن ذاعت سيرتها في معظم القرى المجاورة لها يوم أن شغلت نفسها بطلب العلم بعد أن فاتها قطار التعليم الذى أقل مثيلاتها ممن هم فى عمرها وإلتحقن بالمدرسة الإبتدائية. سرعان ما أصيبت بإكتئاب بعد أن بلغ عمرها 12 عاما، ولم تنل حظها من العلم بعد أن رفض أهل والدها أن يعطوها شهادة الميلاد بعد إنفصاله عن والدتها وظلت تكابد سنة تلو الأخرى وهي تغبط أقرانها من أبناء قريتها وهم يذهبن للمدرسة إلا أنها تحقق لها ما يشبه المستحيل وهو ما تكشف عنه السطور القادمة.. أصيبت الطيبة أنور الضوى، بحالة إكتئاب لم تفق منها إلا عندما شاهدت إحدى بنات القرية تحمل قلم وكراس وهى تسير ليلا بعد أن عرفت منها أنها إلتحقت بفصل محو الأمية والذى تم إفتتاحه مؤخرا بالقرية، فهرعت إلى جدها لأمها الذى كانت تعيش معه بعد إنفصال والدتها عن والدها وترجته أن يلحقها بهذا الفصل وكان لها ما أرادت وإلتحقت ونجحت بتفوق وحصلت على المركز الأول بين الدارسين وأحست بأنها أخيرا تحقق حلمها. تبدلت حياة "الطيبة"، بعد إلمامها بالقراءة والكتابة، كما تقول أحسست أن ورائى أعواما ثقيلة فأنا أحب العلم والتعلم ولا أخشى من طول السفر في ركابه فذهبت إلى المدرسة ووجدت أحد المدرسين يقف على باب مدرسة "حاجر الأقالته" الإبتدائية، في ريف البر الغربي لمدينة الأقصر، وطالبت منه أن يساعدها على دخول المدرسة واستكمال تعليمها. رق قلب المدرس، وأعجب بفصاحة الطفلة وقابلها بناظر المدرسة الأستاذ فرج الله سيد، الذى أبهرته شخصية الطفلة التى عاجلت الناظر بقولها: «أنا نفسي أتعلم، نفسى أذهب إلى المدرسة، وأحصل على شهادة دراسية فأعتذر ناظر المدرسة الذى قال لها للأسف القانون يمنع دخولك المدرسة ولكن سألحقك بنظام "المنازل"، وافقت وتعاطف معي ناظر المدرسة الذى أعتبره صاحب فضل كبير علي عندما سمح لى بالحضور ك "مستمعة" فى الفصل حيث تقارب السن مع التلميذات وقال هذا على مسئوليتي ولو حدث تفتيش أو لجنة من الوزارة ستغادري لمنزلكم وبعدها تعودين». وعملت " الطيبة"، مصحح لغة عربية في إحدى الصحف الأسبوعية بالقاهرة التى عشت فيها مع أبيها وزوجته، وقدمت في مسابقة في التربية والتعليم وبالفعل عادت لتعمل مدرسة في نفس المدرسة التى إحتوتها من قبل وهي مدرسة "حاجر نجع الأقالته الإبتدائية"، وعندما رأت طموح جدها الذى يصر أن يلقبها بالدكتورة، قررت أن تستكمل دراستها العليا وعملت دبلومة تربوية نظام عامين، وسرعان ما حصلت على تقدير جيد جدا وامتياز في نفس جامعة جنوب الوادي. وأضافت: «بعدها تقدمت لدراسة تمهيدى ماجستير بكلية دار العلوم بالقاهرة ونجحت قبل أن أسجل رسالة الماجستير بعنوان التعليم كمدخل لتمكين المرأة الريفية لمواجهة القهر المجتمعى تناولت فيها الصعوبات اللي واجهتها المرأة المصرية وتحديها للعادات والتقاليد والظروف المحيطة بها والرفض المجتمعى أحيانا ودور المرأة في المجتمع من الناحية السياسية والثقافية والاجتماعية وحصلت على الرسالة بتقدير عام امتياز مع مرتبة الشرف وتم تكريمي من دكتورة ايمان هريدي رئيسة الدراسات العليا عميدة الكلية وأعطتني شهادة تقدير وهدية شخصية». وأشارت: «تمت خطوبتى لزوجى وأنا فى الماجستير وتزوجنا بعد أن وقف معى في دراستي، ظل يبذل كل ما في وسعه من أجل راحتي وهذا شجعني على إستكمال دراستي فالتحقت بتمهيدي الدكتوراه وتجاوزت الإمتحان وفي نوفمبر القادم "بعد أيام" سأضع خطة البحث الخاص بى وفكرت في دراسة تأثير التقدم التكنولوجي في تطوير المجتمع الذى تحول إلى قرية صغيرة عن طريق شبكة الإتصالات الدولية إلا أن الأستاذ المشرف اقترح نكمل في نفس مجال تعليم المرأة إلا أنه أرجأ الموضوع بحيث نجتمع لنبحث ونختار أفضل الموضوعات». أقرا ايضا | جامعة المنوفية تمنح الدكتوراة لباحث في فلسفة العلوم تخصص ميكروبيولوجي