كافحت كثيرا من أجل أن تكمل تعليمها وقاومت الضغوطات التي كادت أن تعرقلها، فلم تمنع الظروف المعيشية الصعبة أو العادات والتقاليد القديمة "الطيبة أنور"، الفتاة الصعيدية من أن تصل إلى أعلى مستويات التعليم بحصولها على شهادة الماجستير، لتعمل جاهدة لسنوات طويلة لتحمي أطفال قريتها من نفس المصير الذي تعرضت له في بداية طفولتها. بعد ولادتها بثلاثة أشهر قرر والديها الانفصال نهائيا، لتكمل بقية حياتها في منزل والدتها وخالتها، وكانت هذه أولى التحديات وليس آخرها، كما كان جدها من الأب كان ضد تعليم الفتيات، لتظل تحلم الفتاة أن تكمل تعليمها كلما رأت عينها الأطفال ذاهبون إلى المدرسة. حينما كانت الطيبة أنور الضوي، تبلغ من العمر 6 سنوات كانت تتمنى الذهاب إلى المدرسة مثل بقية الأطفال في عمرها، إلا أن معتقدات جدها حالت دون ذلك، «لما بقي عندي 12 سنة قابلت واحدة صحبتي معاها كتاب وقالتلي أنها رايحة فصول محو الأمية، فسالتها ينفع أجي معاكي.. قالت ماشي بس بلغي أمك الأول». بالفعل وافقت الأم أن تلتحق «الطيبة»، بفصول محو الأمية، وبعد عام من الدراسة بفصول محو الأمية نجحت في اجتيازها، إلا أن رغبتها في التعليم لم تنتهي عند ذلك الحد، «بعد محو الأمية كنت ريحة أجيب حاجات شفت المدرسة الإعدادية شغالة الفترة المسائية، وفي مدرس واقف على الباب مسكت في إيده زي العيل الصغير وسالته ينفع آجي اتعلم قالي آه ينفع». داخل فصول المدرسة الإعدادية كان هناك تحد آخر في انتظار «الطيبة»، حيث التحقت بالمدرسة في الفصل الدراسي الثاني، وكان يتوجب عليها دراسة الفصلين الدراسين معا، وبالفعل نجحت في اجتياز هذا الامتحان. وتدرجت في التعليم حتى وصلت إلى الجامعة، والتحقت بكلية دار العلوم بجامعة المنيا، ولم تكن شهادة البكالوريوس أقصي طموح فتاة الأقصر، فعملت على استكمال دراستها العليا، فحصلت على دبلوم تربوي بجامعة جنوب الوادي، بتقدير امتياز. لم يقف طموح «الطيبة»، عند هذا الحد فعملت على الالتحاق بتمهيد الماجستير بجامعة القاهرة، ونجحت في اجتيازها، إلا أنها قررت التوقف لفترة عن دراسة الماجستير نظرا لمرض رضيعها، الذي لم يتحمل مشقة السفر برفقة والدته من الأقصر إلى القاهرة أثناء دراسة والدته للمرحلة التمهيدية. وأثناء الرحلة التعليمية لفتاة الأقصر، عملت على القيام بأنشطة تطوعية تتلخص في الاهتمام بتعليم فتيات قريتها الذين لما تتح لهم فرصة التعليم، «بعمل برامج تعليم للأطفال الي معندهمش فرصة يتعلموا عشان احميهم من نفس المشكلة اللي قابلتها في بداية حياتي». كان التفوق مصاحب للفتاة الصعيدية ليس على الصعيد الدراسي فقط، فحصلت على العديد من الجوائز والدورات، بينها دورات في الحاسب الألي، واللغات، كما حصلت شهادة التفوق في المشروعات التعليمة على مستوي الجمهورية لعام 2013، وعدد من شهادات التقدير لأنشطتها التطوعية.