د. طارق فهمى إسرائيل كما هو واضح ستنتقل من مواجهة لأخرى مع استهداف كل الجبهات التى تحدث فيها رئيس الوزراء الإسرائيلى أمام الكونجرس ما يدور فى إطار الصراع الراهن بين حزب الله وإسرائيل هو العمل على فك الارتباط بين جبهات الإسناد الرئيسية، والتى تعمل إلى جوار حركة المقاومة فى قطاع غزة، وهو ما تخطط له إسرائيل، وتعمل على الوصول إليه من خلال مقاربات سياسية وأمنية واضحة مع عدم التركيز على مخطط واحد، وهو ما برز بالفعل مؤخرا فى اشتداد المواجهات مع حزب الله والتحرك إلى الشمال خاصة أن الحرب التدريجية بين الجانبين تتضح معالمها، بل ودخول المواجهات منعطفا جديدا من خلال الاعتماد على استراتيجية الجيل الخامس فى المواجهة وتنويع مصادر الحرب للسيبرانية ما يؤكد على أن المرحلة المقبلة، والمرتبطة بالحرب الحالية متعلقة بمسعى إسرائيلى لتغيير الواقع الأمنى والعسكرى بصورة مباشرة مع عدم الاستمرار فى الوضع القديم بل وتجاوز حدود الاشتباك الحقيقى فى ظل صراع مستمر ومطروح داخل إسرائيل يركز على أن الهدف الجوهرى إنهاء أية تهديدات أو مخاطر من الجبهة الشمالية مع تحييد جبهة الضفة الغربية لبعض الوقت استندا على فكرة الأولويات، وهو ما يدفع فى الوقت الراهن لاستخدام كل الوسائل والطرق فى التعامل، وهو ما يجرى خاصة أن الرؤية الإسرائيلية الداخلية، والتى تجمع المستويين العسكرى والعلمى باتت تبحث عن مداخلة تمت فى سياقها وتركزت فى نقل المواجهة مع حزب الله تحديدا لمرحلة أخرى تتضح معالمها فى يوميات المواجهة، وستتم بصور مختلفة ما يشير إلى أن المواجهات ستذهب إلى اتباع أنماط نوعية من التعامل بين الطرفين، وسيمتد إلى التعامل مع التيار الحوثى هو الآخر انطلاقا من فرضية خطيرة تركز على طرح الثوابت السابقة والتى كانت تتعامل معها إسرائيل، وهو ما فرض تدخلا عاجلا داخل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية خاصة فى جهاز أمان المعنى بالشئون العسكرية وتوظيف إمكانيات وخبرات الوحدات المتخصصة، ومنها 8200 على سبيل المثال بالتعامل وتغيير قواعد الاشتباك دون إعلان، وهو ما سيمتد إلى منابع المخاطر والتحديات الراهنة والمحتملة. وبالتالى فإن أدوات أجهزة الاستخبارات ستمضى فى سياق العمل عن قرب ومن ثم فإن تصفية قيادات كبيرة فى حزب الله ستتم بصرف النظر عن وجودهم فى الضاحية الجنوبية أو خارجها كما يمكن التوقع بتصفيات جماعية، واختيار رموز محددة لضرب حزب الله من الداخل، وإظهاره بصورة هشة ضعيفة ومحاصرة خياراته بصرف النظر عما يجرى فى إطار الرد الراهن على ما يجرى من استهدافات لإسرائيل كما كان يجرى وبوتيرة أعلى ما يؤكد على أن الهدف الرئيس لإسرائيل الانتقال تدريجيا وبصورة عاجلة من مرحلة الاشتباك الدورى المعتاد إلى مرحلة أخرى من دفع كل جبهات الإسناد لقطاع غزة إلى حافة الهاوية. وفى نفس التوقيت خاصة أن الحرب فى غزة انتهت فعليا وتم التعامل مع القطاع من منظور جديد وإن كان القلق الأكبر لإسرائيل فى حكم القطاع وإدارته فى الواقع السياسى والاستراتيجى الجديد. ومن ثم عاد الحديث الإسرائيلى عن صفقة يخرج القيادات الأمنية والسياسية من القطاع وتحسم الأمر، وهو ما سيكون محور الطرح الإسرائيلى مع التسليم بأن الاوضاع فى القطاع لن تستقر بصورة أو بأخرى وهو ما سيتطلب التعامل مع جبهات الإسناد وفك ارتباطها بما فى ذلك جبهتا غزة والضفة الغربية فى المقام الأول، وبما يؤمن إسرائيل من تبعات أى مواجهات يمكن أن تتم، وفى هذا السياق يمكن لإسرائيل أن تنصت لدعاوى فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا فى التهدئة، ولو لبعض الوقت بعد أن نقلت رسائلها إلى حزب الله مع التأكيد الأمنى والاستخباراتى ببقاء الخطر كما هو قائم ومستمر، وأنه يمكن أن يطرح نفسه فى صور عدة فى المديين المتوسط والطويل الأجل وأن هذا الأمر لا يعنى التسليم بالوضع الراهن. فإسرائيل كما هو واضح ستنتقل من مواجهة لأخرى مع استهداف كل الجبهات التى تحدث فيها رئيس الوزراء الإسرائيلى أمام الكونجرس أنها سبع جبهات كاملة تتطلب التعامل معها بصورة مباشرة والاشتباك مع عناصرها وهو ما يشير إلى احتمال الاتجاه واقعيا إلى عمليات حذرة من أعلى تجاه الحوثيين فى اليمن مع العمل فى مناطق باب المندب والبحر الأحمر وبالقرب من الممرات البحرية الدولية مع تغيير نمط التعامل والاشتباك فوق التقليدى مع إيران نفسها والانتقال من التعامل الحذر التدريجى مع جبهات الإسناد إلى جبهة الإسناد الرئيسة إيران. ومن ثم فليس مستبعدا الاتجاه إلى تنفيذ مخطط شامل لشل قدرات الأطراف الرئيسية سواء من خلال إعادة اختراق البرنامج النووى الإيرانى والعمل على تخريب ما يجرى من تقدم لافت ومهم فى هذا التوقيت مع الانتقال تدريجيا إلى مراحل متقدمة إلى شل القدرات الصاروخية أو اختراق برامج التعامل مع المسيرات وفك شفرتها ما قد يؤدى إلى خيارات أخرى فى إطار مستوى التصعيد الراهن والذى ما زال يجرى فى إطار مرحلى وتدريجي. يمكن التأكيد إذا على حقيقة راسخة متعلقة بالمخطط الإسرائيلى الراهن تجاه الأطراف المعادية والتى تركز على التعامل الاستباقى مع منابع التهديدات بصورة صفرية ومباشرة ودون الالتزام ولو شكليا بقواعد الاشتباك المطروحة.