المعضلة الرئيسة التى تواجه إسرائيل هى العمل على فرض المناعة الوطنية فى محيطها الراهن مع تكريس استراتيجية المواجهة تنشغل الإدارة الأمريكية وفرنسا وأطراف أخرى إقليمية بالبحث عن حل لتهدئة الأوضاع على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية تخوفا من الدخول فى مواجهة بين إسرائيل وقوات حزب الله خاصة مع استئناف الاتصالات المستجدة بشأن السعى للتوصل لتهدئة جديدة يقودها الوسطاء وعلى رأسهم مصر والتى ستستضيف هذا الأسبوع الوفود المعنية للتفاوض. وبالرغم من حالة القبول من الطرفين بالتهدئة، وعدم تغيير قواعد الاشتباك إلا أن الأمور الراهنة والتصعيد الدورى والمتكرر قد تؤدى بالفعل إلى خيار التصعيد، وربما المواجهة الكاملة فى حال الاستمرار فى مخطط التصعيد من قبل الحكومة الإسرائيلية التى تملك الكثير من المبررات للتأكيد على خيارها فى المواجهة بصرف النظر عن سيل التحذيرات من قطاعات الاستخبارات، وهيئة الأركان من التحسب الحقيقي، والجاد من تبعات ما يجرى فى الوقت الراهن بصرف النظر عن دور المستوطنين وحالة النزوح، والتخوف من استمرار المشهد الراهن ما قد يؤدى بالفعل فى لحظة معينة إلى 7 أكتوبر لبناني، وما يشير إلى أن الأمر بات يمثل عقدة لدى القيادات الإسرائيلية، والتى تريد الانتقال من المشهد الراهن الذى يوصف عدم الوضوح إلى حالة أكثر وضوحا تتعامل مع استمرار مخاطر بقاء حزب الله قويا على طول الحدود مع إسرائيل مما يعنى ليس حسم الأمر مع الحزب بقوته المتنامية، وإنما تأجيل الحرب والمواجهة حتى فى حال التوصل لتهدئة على جبهة غزة والالتزام بعقد الهدنة ولو فى مراحلها الأولى كما هو مخطط من قبل الوسطاء، وبما يؤكد على أن الأمر مختلف فى أى مواجهة أيا كان شكلها فى ظل تصميم إسرائيلى على دفع التكلفة فى حال الدخول فى حرب مع حزب الله وذلك بصرف النظر عن الترتيبات الأمنية، والاستراتيجية التى تقوم بها إسرائيل فى عمق القطاع، وتقليص مساحته ما يؤكد على أن إسرائيل تقدم فى الوقت الراهن على حسم أطر المواجهات مع غزة ولبنان وليس إدارتها، كما كان يجرى فى توقيت سابق من عمر الصراع فى الشرق الأوسط، وبما يؤكد على أن الحكومة الإسرائيلية الحالية ترى أن على رأس مهامها تغيير بوصلة التعامل، وليس إدارته فى اتجاه محدد وبما يؤكد على أن الأمر سيتجاوز استراتيجية إسرائيل الماضية، والتى كنت تركز على مواجهات خاطفة وليست طويلة الأجل، وبما يؤكد على أن خيارات إسرائيل التصاعدية لم تعد تعمل فى اتجاه واحد بل فى اتجاهات مختلفة تركز على الانتقال تدريجيا إلى تأمين مستقبل الدولة العبرية فى محيطها الراهن عربيا وإقليميا، وعدم الاستمرار فى مسار التهدئة خاصة أن إشكالية السلام وفق رؤية الحكومة الراهنة يجب أن ترتبط بقدرات عليا وحسابات شاملة وتعلية للخيار الأمني، وعدم الإقدام على تقديم تنازلات فى أى تسوية ما قد يؤدى إلى مزيد من الصدامات التى لن تتوقف عند حزب الله، أو حماس إنما تمتد لتشمل مواجهة التنظيمات المعادية فى الإقليم وآليات التعامل معها، ووفق رؤية حقيقية لمواجهة أية مخاطر أو تحديات مطروحة. يشير الواقع الإسرائيلى سياسيا واستراتيجيا إلى أن المعضلة الرئيسة التى تواجه إسرائيل هى العمل على فرض المناعة الوطنية لإسرائيل فى محيطها الراهن مع الإمعان وتكريس استراتيجية المواجهة، وعدم انتظار الطرف الآخر أيا كان فى تهديد حدود الدولة فى ظل مخاوف من تخلى حلفاء إسرائيل عن دعمها، وتوفير وسائل المساندة مثلما جرى فى حرب غزة مؤخرا الأمر الذى سيتطلب إعادة بناء القدرات العسكرية والتحول من الجيش الذكى إلى جيش الشعب القوى الذى يدافع عن سموات، وحدود الدولة العبرية الأمر الذى سيتطلب استعادة القدرة القتالية وتوفير المتطلبات الكاملة له، وهو ما سيصعب من استهداف المشهد الراهن، ويضعه فى سياقه السياسى والأمني، ويتطلب إعادة بناء نظرية جديدة للأمن القومى الإسرائيلي، وبما يؤثر على ما هو قادم من أولويات حقيقية يمكن أن تساهم فى توجيه الأهداف الرئيسية لإسرائيل وعدم اقتصارها على حزب الله، أو حماس حيث لا تزال الضفة الغربية الجبهة الأكثر خطورة فى ظل سيناريوهات قد تجرى فى أى لحظة وترتبط بما هو جارٍ من اقتحامات مستمرة وتمكين بالشعب الفلسطيني، والذى ما زال يتحين الفرصة لفرض المواجهة، والدخول فى سيناريو ربما أكثر خطورة خاصة فى حال تغير الأوضاع فى الضفة ورحيل القيادة الفلسطينية، والتى تراه إسرائيل أنه قد يمثل يوم جهنم والذى قد يهدد أمن الدولة العبرية بالفعل ويتطلب سرعة التعامل مع تفعيل قنوات الاستخبارات والأمن فوق التقليدى وفتح مسارات استراتيجية مبتكرة لاختراق ما يجري، ويستهدف أمن إسرائيل على الجبهات المعادية، والتى ستظل تمثل خطرا كبيرا على استقرار الداخل وبما يؤكد أن خريطة استهداف إسرائيل ستمتد بما يتطلب حلولا عاجلة وليس تهدئة أو استقرارا قد يتطور فى أى لحظة، وسيمثل خطرا كبيرا على مستقبل الدولة التى لم تستكمل بعد ال100عام فى محيطها الإقليمي.