ورثت مصر النظام البيروقراطي الإداري من الاستعمار الفرنسي الذى استمر 3 سنوات قبل أن يهزمه المصريون، ثم جاء الاستعمار البريطانى ليزيد البيروقراطية تعقيدًا! هذا ما خلفه الاستعمار، واعتذر عنه رئيس الوزراء د.مصطفى مدبولي ووعد بتذليل أى عقبات أمام تنفيذ المشروعات، خلال الإعلان عن حزمة استثمارات سعودية فى مصر قيمتها 5 مليارات دولار من صندوق الاستثمار السعودي، بناء على توجيهات من ولى العهد الأمير محمد بن سلمان. وظني أن هذا الاعتذار يعكس مدى جدية الحكومة فى القضاء على بقايا البيروقراطية التى تعرقل تنفيذ العديد من المشروعات، ويعكس أيضًا إرادة حقيقية لنسف هذه البيروقراطية، فالاعتراف بوجود الخطأ خطوة مهمة فى طريق الإنجاز والنجاح. أهمية التعاون الاقتصادى مع السعودية ومع الإمارات لا تكمن فى كونه استثمارًا يهدف للربح، ولكنه نواة لشكل الشراكة والتكامل العربى، وكيفية توجيه رءوس الأموال العربية للاستثمار فى الدول العربية ولتقوية وخلق كيانات عربية اقتصادية عملاقة. ويظل بلدنا متفردا فى تحقق منتهى العائد الاستثمارى لأى مستثمر، حيث نمتلك أكبر سوق (120 مليون نسمة)، وانخفاض العمله يجعل المنتجات المصدرة من أراضينا تتمتع بقيمة تنافسية فى الأسواق العالمية، وتميزها بامتلاك تنوع فى فرص الاستثمار بمختلف المجالات والقطاعات، فضلًا عن أننا بوابة النفاذ إلى أفريقيا والعالم. بقى أن يتم ضخ هذا المبلغ وأى رءوس أموال جديدة فى مجالات زراعية وصناعية ودوائية ومنتجات يحتاجها السوق العربى والأفريقى، لتحقيق الاكتفاء الذاتى النسبى من الغذاء والصناعات الحيوية، وتحقيق التكامل العربى فعليًا وليس بروتوكوليًا.. وأعتقد أنه تم الاستثمار فى قطاع العقارات بمصر خلال العشر سنوات الماضية بما فيه الكفاية. مصر بإمكانياتها البشرية وموقعها العبقرى وامتلاكها قناة السويس، والسعودية والإمارات برءوس الأموال والمواد البترولية اللازمة لمد المصانع بالطاقة بأسعار مخفضة يمكنهم من إقامة صروح صناعية عملاقة، واستصلاح أراضٍ للزراعة تكفى غذاء العالم العربى وتزيد. أحلم بصناعات عربية متطورة مكتوب عليها «الاتحاد العربى» تنافس المنتجات التى تحمل شعار «الاتحاد الأوروبى».. إرادة مصر والسعودية والإمارات قادرة على تحقيق ذلك.. والتقارب وتطابق وجهات النظر للزعماء الثلاثة السيسى وسلمان وبن زايد فرصة ذهبية لصنع المعجزات.