قال لي النائب الشاب الذي يعجبني كثيرا لأنه متهور غالبا متزن أحيانا: " كلنا »أبوالعريف«! أدق الأسرار نخترع لها تفاصيل.. وأصعب النظريات ننظر إليها باستخفاف.. ونرفع أحد الحاجبين.. ونقول في ثقة: الحل موجود! أعقد الأسئلة لها عندنا جواب.. ونتبرع بالإفتاء في كل شئ.. ولا نعترف أبدا بأننا لا نعرف.. ونسخر من الحكمة الأزلية التي تقول: »من قال لا أدري.. فقد أفتي..«. ولم أشأ أن أقاطع النائب الشاب كما هي عادتي.. فقد وجدته يطرق موضوعا يشكو منه واقعنا.. ومرضا أصاب مجتمعنا.. وتركته يسترسل قائلا: » مصيبتنا أننا تخيلنا أنفسنا نفهم في كل شئ.. لدرجة أن كثيرا منا أصبح يتنبأ بالمستقبل.. خذ عندك أصوات تقول في ثقة: انتخابات مجلس الشعب القادمة سيجري تزويرها!.. وانتخابات الشوري كانت بروفة لها! والبعض الآخر يناقش الأحكام القضائية.. والبعض الثالث يتحدث عن الطب الشرعي.. وآخرون في السياسة الخارجية.. والغريب أن المهندس يتحدث في الطب.. والطبيب يتحدث في القانون.. ورجل القانون يتحدث في الصناعة.. والإعلامي يتحدث في أي شئ..«. وسكت النائب الشاب قليلا ثم أكمل قائلا: » وسط هذا "الخليط" العجيب تبرز الشائعة.. إنها قمة ادعاء المعرفة.. أو قل إنها "اختراع" الذين لا يعرفون ويدعون المعرفة.. فهي تفاصيل وهمية يريد مطلقها أن يبدو في ثياب »أبوالعريف« وسط مجتمع مستعد لتقبل الأوهام علي أنها حقيقة.. حتي لا يظهر أنه لا يعلم.. وليس من المستبعد أن يسهم في نشر الشائعة كأنه رآها بعينيه وعايشها بنفسه..«. واختتم النائب الشاب كلامه قائلا: "- الشفافية والوضوح هما العلاج لشفاء »أبوالعريف«.. لا تجعلوا في الأفق نقطة واحدة تحتاج إلي إيضاح.. دعوا المعرفة تنهال علي المجتمع بأكمله بردا وسلاما.. وانشروا التفاصيل كل التفاصيل بمنتهي الصراحة حتي يختفي »أبوالعريف« من حياتنا. وصية سقراط من أقوال الفيلسوف سقراط الخالدة: » أنا لا أعرف سوي أنني لا أعرف«.