قال لي النائب الشاب الذي يعجبني كثيرا لأنه متهور غالبا متزن احيانا: »نظرية جديدة.. آخر موديل.. أصبحت هي الغالبة في كل الاتجاهات.. في السياسة.. وفي الاجتماع.. وحتي في الرياضة.. النظرية الجديدة يمكن أن نسميها »انتظر حتي يخطيء خصمك.. ثم ادخل انت لاستغلال هذا الخطأ لمصلحتك«.. وهي -كما تري- نظرية لا تكلف شيئا.. بل تدخر المجهود المطلوب لتوفير استراتيجية خاصة بك ولا تطلب منك إلا ان تنتظر كالصياد الذي يراقب الفريسة.. حتي إذا جاءت اللحظة المناسبة.. انقض عليها.. وغالبا ما تكون هذه اللحظة هي لحظة ارتكاب الفريسة لخطأ يمكن استغلاله!« قاطعت النائب الشاب قائلا: »ولماذا تسميها نظرية جديدة؟ إنها موجودة منذ وجود الانسان علي وجه الأرض. وفي التاريخ الحديث هل نسيت قصيدة نزار قباني الخالدة عن النكسة.. عندما قال ان خصومنا اصابونا بالنكسة والهزيمة ليس لعبقريتهم.. ولكنهم تسللوا كالنمل من اخطائنا؟«. رد النائب الشاب قائلا: »ولكن النظرية اشتد تطبيقها هذه الأيام بشكل مكثف.. انظر مثلا الي المعارضة سواء في البرلمان أو في بعض الفضائيات أو في صحف الاثارة والتهييج.. انهم ينتظرون وقوع أي خطأ ولو بسيط من الحكومة.. فتصبح مهمتهم تضخيم هذا الخطأ والنفخ فيه حتي تتصاعد منه السنة اللهب لعلها تحرق الحكومة.. وتنزل عليهم بردا وسلاما.. وشماتة وسعادة غامرة.. جماعات تفعل ذلك.. واحزاب تحاول تقليدها.. وفضائيات كرست مجهوداتها لنشر النظرية.. وكما قلنا: حتي الرياضة.. فقد رأينا العالم كله في مباريات الكأس الأخيرة التي اقيمت في جنوب افريقيا يتحدثون عن فرق كرة القدم ليس لها استراتيجية أو خطة في الملعب سوي استغلال اخطاء الفرق المنافسة والتسلل الي هزيمتها من خلال هذه الاخطاء«. وسكت النائب الشاب قليلا ثم اكمل قائلا: »لا يوجد انسان بلا اخطاء.. ولا يوجد حزب بلا اخطاء.. كما ان المجتمع -أي مجتمع- لابد وانه في حركته الدائبة لابد ان يخطيء.. فإذا ساد الوعي لدي الجميع ان هناك من يتربص لينفذ من هذه الاخطاء.. فلاشك ان التسلل عبر هذه الاخطاء سيتناقص. وأول ما يدل علي الوعي بهذه الحقيقة هو الاعتراف بالخطأ والعمل علي تداركه«.