القوات المسلحة قادرة على حماية الوطن فى ظل التحديات الراهنة    الجامعات تستقبل طلابها فى أول يوم دراسى    صلاح مغاوري: مبادرة «حياة كريمة» تقضي على ظاهرة جشع التجار    هيبة يشارك فى منتدى الاستثمار المصرى اليونانى بأثينا    مسؤول أمريكي: الاحتلال يخشى هجوم إيران ويطلب من الولايات المتحدة التدخل    حزب الله يعلن رسميا اغتيال أمينه العام حسن نصر الله    أوساسونا يفاجئ برشلونة ويتقدم 2-0 في شوط مثير بالدوري الإسباني.. فيديو    نهاية الشوط الأول| تعادل إيجابي بين بايرن ميونخ وباير ليفركوزن    مؤمن زكريا ليس الوحيد.. أسطورة السحر في كرة القدم المصرية بين الاتهامات والهروب من الواقع    رئيس مياه المنوفية يتفقد محطات المياه والصرف بمراكز المحافظة    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة مساكن تحت الإنشاء بالسلام    أحوال الطقس في مصر.. شبورة مائية مع فرص سقوط أمطار    المتهم بقتل رجل عربي الجنسية يمثل جريمته: «كان بخيلًا معي فقررت الانتقام»    محمد فؤاد المهندس يكشف سبب رفضه تقديم السيرة الذاتية لوالده في عمل فني    5 أبراج فلكية تميل للإحباط والخوف غير المبرر من المستقبل.. ابتعد عنهم    رانيا يوسف بطلة «منورة بأهلها 2» بشخصية «سلمى البغدادي»    أحمد عمر هاشم: الأزهر حمل لواء الوسطية في مواجهة أصحاب المخالفات من فرق وجماعات    لأطفالك.. طريقة تحضير ناجتس الدجاج مثل المطاعم    مصرع شاب دهسته سيارة بطريق الفيوم الزراعي    النني يشارك في فوز الجزيرة أمام النصر بالدوري الإماراتي    محافظ مطروح يوجه بتوزيع فتيات الخدمة العامة بناءاً على رغباتهن    نتنياهو: اغتيال نصر الله خطوة ضرورية لتغيير موازين القوى في الشرق الأوسط    نبيل الحلفاوي: الزمالك في أفضل حالاته تعادل مع الأهلي في أسوأ حالة له    نشوى مصطفى تكشف حقيقة اعتزالها التمثيل بعد مسلسل «إمبراطورية ميم»    شعبة الخضراوات والفاكهة تعلن انخفاض أسعار الطماطم الخميس المقبل    دعاء لأهل لبنان.. «اللهم إنا نستودعك رجالها ونساءها وشبابها»    ضبط 7 أطنان دقيق بلدي مدعم خلال حملة تموينية في الجيزة    اليوم العالمي للسعار.. كيف تتعامل مع عضة الحيوانات المسعورة وداء الكلب؟    الهجمات الإرهابية تتصاعد في مالي.. اتهامات لجماعات انفصالية مدعومة من أوكرانيا ومولدوفا    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    التحالف الاجتماعي العربي يدعو لمقاطعة دولة الاحتلال وفرض عزلة دولية عليها    ذهبية وبرونزية لمنتخب مصر في بطولة العالم للخماسي الحديث تحت 19 سنة    ميدفيديف يهزم مانارينو ويتأهل لربع نهائي بطولة الصين للتنس    انفعال غير مبرر وتصرف غريب من متسابقة فى كاستنج.. وعمرو سلامة: "أنت هايلة دا خطير".. فيديو    وزير التربية والتعليم يعقد لقاءً موسعا مع موجهى المواد الأساسية بالمديريات والإدارات التعليمية على مستوى الجمهورية    مواعيد قطارات السكة الحديد على خط "القاهرة - الإسكندرية"    أسرار في حياة حسن نصر الله «من سيرته الذاتية»: والده بائع خضار وأسرته غير متدينة    معرض الصين الدولي لتجارة الخدمات.. جسر بين الشركات الصينية والعالمية    التحول إلى الدعم النقدي.. خطوة مهمة لحوكمة منظومة الدعم    سفير الصومال يثمن إرسال القافلة الطبية المصرية إلى مقديشيو    وزير الإنتاج الحربي يترأس مجلس إدارة المركز الطبي التخصصي    الدفاع الروسية: القضاء على نحو 1990 عسكريا أوكرانيا خلال الساعات ال24 الماضية    الرئيس السيسي يدعو مجلس الشيوخ للانعقاد الأربعاء المقبل    رئيس الوزراء يزور دير سانت كاترين    مصدر لمصراوي: محمد هاني يعود للقاهرة بمفرده (صور)    محافظ الشرقية يُكلف وكيل "الصحة" بتوفير الرعاية الصحية لأسرة عزبة العروس بمنيا القمح    رئيس الوزراء يوجه بضغط البرنامج الزمنى لتنفيذ مشروع "التجلي الأعظم" بسانت كاترين    رئيس هيئة الدواء يكشف سر طوابير المواطنين أمام صيدليات الإسعاف    مياه القناة تعلن خطة استقبال الشتاء بالسويس والإسماعيلية وبورسعيد    بتخفيضات 30%.. توجيه مهم من وزير التموين بشأن أسعار الخضر والفاكهة    للاعتداء على مصور.. إيقاف إيميليانو مارتينيز مباراتين مع الأرجنتين    «الضرائب»: تحديث الموقع الإلكتروني للمصلحة ونشر الاتفاقيات الدولية (رابط)    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    رئيس جهاز السويس الجديدة تلتقي مستثمري منطقة عتاقة للاستماع لطلباتهم ومقترحاتهم    وزير الخارجية لنظيره الصيني: لا تهاون في قضية سد النهضة    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    «لا يقارن ب علي معلول».. تعليق مثير من نجم الأهلي السابق عن يحيى عطية الله بعد السوبر    مجلس بلدية صيدا بلبنان: آلاف النازحين يفترشون الطرقات ولا يجدون مأوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نتنياهو والمأزق التاريخي‏..‏ الاستشهاد بالقرآن الكريم نموذجا‏

ان القدس لم تذكر ولا مرة في القرآن الكريم‏,‏ بينما جاء ذكرها عشرات المرات في التوراة انه اللؤم الذي لم يسبق له مثيل من جناة البشر‏,‏ ان ينتقل نتنياهو هذه المرة الي البحث عن حق اجداده في فلسطين في القرآن الكريم‏
وفي ضوء هذا الاستخدام الذرائعي للقرآن‏,‏ لتبرير سلب فلسطين‏,‏ يجوز لنا بالتأكيد ان نعتنق الرأي المعقول القائل‏,‏ بأن ساعة الخطاب التوراتي قد دنت‏,‏ ولعلي كنت لا اجد الجرأة الكافية للتقدم بهذا التفسير‏,‏ لو لم يكن عدد لا بأس به من علماء الاثار والتاريخ الاسرائيليين انفسهم‏,‏ قد زودونا بأغلب الحقائق العلمية للازمة‏,‏ وهل هناك من دليل ابلغ من اعتراف المرء علي نفسه؟‏!‏
ومن ابرز من جسد هذا الاعتراف او التحدي لو عز عفرون صاحب كتاب الحساب القومي الذي دحض فيه الحق التاريخي لليهود في فلسطين‏,‏ وانحاز للرأي القائل‏,‏ بأن مسرح الاحداث التوراتية‏,‏ يمكن ان يكون في اي بقعة علي وجه الارض‏,‏ الا تلك البقعة من الارض المسماة بفلسطين‏.‏
ومن هذه الزاوية نقابل شلوموزاند المؤرخ الاسرائيلي والاستاذ بجامعة تل ابيب والذي وضع كتابا بعنوان متي وكيف تم اختراع الشعب اليهودي واكد فيه كذب المقولة ان هناك شعبا يهوديا‏,‏ وانه هرب من بطش الرومان في عام‏70‏ م وقال‏:‏ ليس هناك ولم يكن هناك ابدا شعب يهودي‏,‏ بل فقط ديانة يهودية‏..‏ ويخلص زاند الي رفض كل النصوص والقصص التوراتية التي تشير الي الهوية القومية اليهودية بما في ذلك الهجرة من مصر‏,‏ بالاضافة الي كل المآسي التي جرت مع غزو يوشع بن نون وقال‏:‏ ان كل تلك القصص ما هو إلا أساطير‏.‏
ووفقا لهذا النسق من الافكار‏,‏ يذكر المؤرخ الاسرائيلي توم سيجف :‏ أن الصهاينة كانوا في حاجة إلي خلق عرق مشترك واستمرارية تاريخية‏,‏ وهو ما اسفر عن سلسلة من الاكاذيب وتستدعي هذه الحقيقة‏,‏ كما يستدعي هذا الموضوع بعض التفسير‏,‏ وذلك ان عراقة تاريخ فلسطين وحضارتها‏,‏ قد استدعيا انتباه كتبة التوراة فتفننوا في سبيل ادخالهما في دائرة اساطيرهم‏,‏ لاكثر من سبب اهمها ان يصنعوا من تلك الشراذم اليهودية شيئا يضفي الشرعية علي اغتصابهم لفلسطين واظهار قوتهم وجبروتهم‏,‏ وهم يعيشون حالة القهر الناتج عن سبيهم‏,‏ وتكمن الخطورة هنا‏,‏ في أن الجهل بهذه القضية هو في الواقع سند تعتمد عليه منصة الدعاية الصهيونية‏.‏
ولنضف امثلة اخري ولا نخشي الامثلة ففي يوليو‏1998‏ اعلن فريق من علماء الآثار الاسرائيليين بطلان العديد من الادعاءات التوراتية التي بنت عليها الصهيونية دعاواها‏,‏ بل يذهب عالم الاثار الاسرائيلي نيل بيتر ليمكه الي ابعد من ذلك‏,‏ اذ يري انه لا يوجد اي شيء في السجل الاثاري‏,‏ يدل علي كينونة اسمها اسرائيل وان تقييم اسرائيل علي انها ظاهرة سياسية يعتمد علي التراث التوراتي‏,‏ ومما يثير الانتباه‏,‏ ان ليمكه يقول‏:‏ ان المهمة الاكثر الحاحا بالنسبة الينا‏,‏ هي الاعتراف بجهلنا‏,‏ وهذه الملاحظة ذات اهمية قصوي‏,‏ يتفق عليها عدد متزايد من العلماء الاثاريين الاسرائيليين ومنهم زئيف هرتسوج في مقالة له في صحيفة ها آرتس عام‏1999,‏ تشبه عن قرب ما جا ءعلي لسان ليمكه وقد اثارت آنذاك دويا بين الآثاريين والمؤرخين والسياسيين‏,‏ وكان عنوانها التوراة‏.‏ لا اثباتات علي الارض وعنوانها يكفي‏,‏ فالمعني واضح ولا يحتاج الي شرح او تكرار‏.‏
ومما يثير الانتباه ايضا‏,‏ ان هذا الاتجاه لم يقتصر علي علماء التاريخ والآثار والانثروبولوجيا الاسرائيليين فحسب‏,‏بل ساهم فيه بعض رجال الدين اليهود من نبلاء الضمير‏,‏ ومنهم الحاخام يسرول ويس ابرز اعضاء جماعة اليهود المتحدين ضد الصهيونية والذي يؤكد‏:‏ ان اسرائيل قد افسدت كل شيء‏,‏ ليس علي اليهود فحسب‏,‏ بل علي شعوب العالم جمعاء عبر المائة سنة الماضية‏,‏ اي منذ ميلاد الحركة الصهيونية وذلك بتلفيق مفهوم او فكرة اليهودية‏,‏ من ديانة روحية الي هدف قومي للاستيلاء علي فلسطين مما يتناقض مع الحقائق التاريخية والتعاليم اليهودية‏,‏ ولكون اليهود منفيين بأمر من الله‏.‏
ونستطيع ان نتوسع في هذه القائمة ونزيدها طولا‏,‏ ولكن ما ذكرناه يكفي للدلالة علي تهافت نظرية نتنياهو حول القدس ما بين التوراة والقرآن الكريم ذلك ان علم الآثار الفلسطيني قد بات يشكل عامل فناء للحق التاريخي المزعوم لليهود في فلسطين فالتنقيبات الآثارية قد اضافت الكثير من الارباكات المعقدة لاصحاب الخطاب التوراتي فكل اثر جديد يكتشف‏,‏ يعمق الهوة بين المرويات التوراتية وحقائق التاريخ‏.‏ وهكذا يمكننا القول علي وجه اليقين‏,‏ ان اولئك العلماء الذين استرشدنا بأقوالهم قد نجحوا بجدارة في اثارة الشكوك حول الصدقية التاريخية للمرويات التوراتية‏,‏ ومن ضمنها ما تشدق به نتنياهو أخيرا لكونها تمس عصبا اساسيا من اعصاب الحركة الصهيونية التي تبذل منذ نشأتها جهودا خارقة للبرهنة علي ان كل شيء في فلسطين له اصل يهودي يردونه الي التوراة‏,‏ ويحيطونه بالروايات المأخوذة منها‏.‏
وهكذا يستطيع المرء ان يدرك وبسهولة بالغة‏,‏ ان تصريح نتنياهو ومضامينه‏,‏ انما يندرج في اطار عملية الاسقاط نتيجة لمركبات النقص التي بات يشعر اليمين الايديولوجي في الحركة الصهيونية‏,‏ ذلك انهم لم يجدوا من يفرغون فيهم عقدهم غير العرب المسلمين‏,‏ مستغلين تقصيرهم في بحث ماضيهم‏,‏ والبؤس العلمي الذي يحيط بهم‏,‏ واتكالهم علي غيرهم ليقرأوا تاريخهم ويعيدوا كتابته علي هواهم‏,‏ فيما تقتضيه مصالحهم‏...‏ وعلي هذا الاساس‏,‏ تأتي اهمية تضافر الجهود من اجل غربلة تاريخ شرقنا العربي القديم‏,‏ وتاريخ فلسطين علي وجه الخصوص‏,‏ وتنقيته واعطائه صوتا معبرا‏,‏ بعد ان حجبته عن الانظار مخططات توراتية صهيونية‏,‏
صاغت رواية تحتفظ بالماضي لاسرائيل وحدها‏,‏ بعد ان تسربت المعلومات الاثارية علي علاتها الي المؤرخين العرب عموما‏,‏ وبالنقل الحرفي احيانا‏,‏ كحقائق تاريخية لا سبيل الي انكارها‏..‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.