التف أهالي قرية العمايدة في سوهاج حول رجال المباحث الذين جاءوا بصحبة فريق من النيابة لمعاينة موقع ارتكاب الجريمة البشعة التي اهتزت لها جدران نفوسهم واستقبلوها بدهشة واستغراب فاق حدود عقولهم. عرف أهل القرية الشيخ أحمد منذ صغره, فقد درس في الأزهر وتخرج منه ليعمل معلما في معهد القراءات محفظا للقرآن الكريم و مدرسا للحديث وعلوم الدين لأهل بلدته الذين عرفوه بحسن أخلاقه و بشاشة وجهه ونيته الطيبة وقلبه الكبير في التعامل مع الصغير قبل الكبير. بدأ أحمد رحلة الضلال عندما أستغل جهل أهل قريته بعلوم الدين وأميتهم وبدلا من أن يأخذ بأيديهم إلي طريق الحق كان له نبراسا وإماما في طريق الشيطان فقد أتته فكرة شيطانية بأن يقوم بعلاج الناس بالدجل والشعوذة وأعمال السحر لعلاجهم من الأمراض مثل الحسد والمس و البحث لهم عن الأمان المفقود في تلك القرية المظلمة بعد انتشار جرائم السرقة التي ترتكبها عصابات منظمة من اللصوص وقطاع الطرق. استطاع أحمد خداع أهل القرية بعد أن لعبت المصادفة دورا كبيرا في تغييب عقول الناس وصدقوه حيث استطاع التوصل إلي عصابة الماشية التي استولت علي5 رءوس ماشية من حظيرة أحد الفلاحين واتفق معهم علي أن يعطيهم مبلغا من المال مقابل إعادة الماشية وبعد أن تكرر الأمر أكثر من مرة أذهل أحمد الجميع بقدراته الفائقة في معرفة اختفاء الأشياء و علاج المس والحسد مدعيا أنه يمارس العلاج بالقرآن وهو منه براء. كانت آمال ذات العقد الخامس من عمرها تعاني حالات بكاء هستيري تصيبها وتشعر بدوار ثم تسقط فاقدة للوعي ورغم أنها ذهبت إلي أكثر من طبيب من تخصصات مختلفة إلا أن الجميع فشل في تشخيص مرضها و بعدما يئست أشار عليها نسوة في القرية بأن تذهب إلي الشيخ أحمد لأنها مصابة بحسد وربما يكون مسا شيطانيا لجان مريب. ترددت آمال في البداية عن إقدامها علي تنفيذ النصيحة ولكنها رضخت في النهاية وذهبت إلي الشيخ المزيف و التقته وشرحت له حالتها وأخبرها بأن نساء أقاربها يكدن لها كثيرا حقدا وحسدا بعد أن حباها الله بمال وجمال وكان رد فعلها الطبيعي بأن تصدق ما قاله لها وبدأت في رحلة العلاج وكان أول استفساراته عن حالتها المادية وكمية الذهب التي تتزين بها أمام نساء العائلة وجاراتها وأخبرته بأنها ترتدي الكثير منه أمامهن لكيدهن. وبعد عدة جلسات من العلاج طلب أحمد من آمال بأن تأتي إليه في كامل زينتها من الحلي والأساور الذهبية ورضخت لطلبه كعادة أي مريض يطلب النجاة والرحمة من الأولياء الأموات في القرية بعد أن عجز عن ذلك الأطباء من الأحياء. ولجت آمال إلي منزل الدجال ووجدته جالسا في محراب الشيطان حيث كان قد أعد عدته وبعد أن انتشرت الأدخنة في الغرفة وشعرت آمال بالإغماء انهال عليها أحمد بآلة حادة فوق رأسها مسددا لها عدة ضربات حتي فارقت الحياة واستولي علي مصوغاتها الذهبية وظل يفكر في كيفية التخلص من الجثة حيث هداه شيطانه إلي حيلة ماكرة بأن وضعها داخل برميل حديدي ثم قام بصب كمية من الخرسانة عليها وظن أن أيدي العدالة بعيدة عليه ولكن خاب ظن الشيطان بعد أن بدأ رجال المباحث في تعقب بلاغ باختفاء ربة منزل تبلغ من العمر45 سنة تدعي آمال. بدأ فريق من رجال المباحث بالبحث والتحري عقب إخطار اللواء محسن الجندي مساعد وزير الداخلية لأمن سوهاج ترأسه العقيد أحمد الراوي مفتش مباحث المنشاة وأشرف عليه العميد الحسن عباس مدير المباحث الجنائية لكشف ملابسات اختفاء السيدة. بدأ فريق البحث في تكثيف تحرياته وبعد جمع المعلومات حول السيدة المتغيبة وردت معلومات إلي رجال المباحث أنها كانت تتردد علي أحد الأشخاص الذي يمارس الدجل والشعوذة يدعي الشيخ أحمد م مدرس بمعهد القراءات وأضافت التحريات أن المجني كانت تتردد عليه لتلقي العلاج من مس شيطاني. وبمداهمة منزله عن طريق قوة من مباحث المنشاة بقيادة المقدم رأفت رشوان رئيس مباحث المركز تبين لهم وجود برميل حديدي ثقيل الوزن وبعد فحصه ظهرت تحته بقعة دماء كبيرة بعد أن تبين وجود ثقب به. كانت بقعة الدماء علي الأرض هي أول أصابع الاتهام التي أشارت إلي المتهم والذي بسرعة البرق حاول الهرب بعد أن ظهرت عليه علامات الارتباك والقلق وتمكن رجال المباحث من ضبطه والتحفظ عليه وبعد تحطيم الخرسانة التي بدت حديثة الوضع داخل البرميل تبين وجود الجثة بداخله. وبمواجهة الشيخ المزيف بالأمر خر باكيا وتشنج واعترف بفعلته وان الأموال كانت هي الدافع وراء تخلصه من آمال حيث استولي منها علي13 سوارا وخاتما وكوليها وحلقا بعد أن تخلص منها ثم قام بوضعها داخل برميل وصب الخرسانة عليها لإبعاد الشبهات الجنائية عنه وإخفاء جريمته. وأمام النيابة العامة اعترف المتهم تفصيليا بارتكاب الواقعة وارشد عن الأداة المستخدمة في الجريمة لتأمر النيابة بحبسه4 أيام علي ذمة التحقيق بعد أن صرحت بدفن الجثة.