أيا كانت نتيجة الاستفتاء التي سوف تحسمها المرحلة الثانية الأسبوع المقبل فإن الفائز الأول هو الشعب المصري الذي اصطف في طوابير الحرية معلنا أنه صاحب القرار ولا غير, وأنه صاحب الرأي ولا دونه أحد. وانه حارس ثورته ولا غيره أحد.. شعب حر لا يقبل الوصاية.. يرفض الاملاءات من أحزاب أو تيارات, وها هي مشاهد الحرية التي اكتست بها لجان الاقتراع بالأمس جاءت رسالتها واضحة, وأدلتها دامغة, ساطعة, ناصعة, كاشفة تؤكد لكل المتصارعين, المتناحرين, المتآمرين أن الشعب ها هنا, وأن ثورته سوف تكتمل, مهما كانت التضحيات ومهما كانت العراقيل والمعوقات. قولوا ما شئتم من أسماء سميتموها, اسلامية, ليبرالية, علمانية.. مصر ستبقي واحة للحرية وقلعة للتسامح, تجمع كل الناس وتحتضن جميع البشر.. وطن لكل من شرب من نيلها الخالد وارتاد شوارعها العريقة, وسمع مآذنها ا لشاهقة وأجراس كنائسها المقدسة, وطن لا يقبل القسمة, ولا يعرف الفرقة, ولا يقبل الغلو, ويقف ضد التطرف. نعم درس جديد في الحرية قدمه الشعب المصري أمس للعالم, ولطمة قوية علي وجه أنصار التصنيف, واتباع التقسيم. ما بين نعم ولا للدستور الجديد تكمن الحقيقة الواضحة, وهي أن الشعب الذي ثار في يناير مستمر في طريق الاصلاح, لاقتلاع جذور الاستبداد, وازالة ما تبقي من فساد, وارساء قواعد مجتمع عصري قائم علي قيم التسامح, وقبول الآخر, مجتمع العدالة والحرية والكرامة الانسانية, هذا ما رأيته في عيون شباب مصر وشيوخها وسيداتها الذين اصطفوا بايمان وعزيمة انتصرت علي عناء الانتظار لساعات طويلة أمام اللجان حتي أدلوا بأصواتهم بكبرياء وعزة, وارادة قوية, ليصنعوا بأنفسهم مستقبلا جديدا, ويبنوا بايديهم وطنا حرا دون وصاية وبلا مزايدة. يقينا ان مصر بهذه الارادة الصلبة والعزيمة القوية سوف تفوت علي كل الصعب, وسوف تجتاز هذا الاختبار, الي وطن حر لا يقبل القسمة. [email protected] رابط دائم :