لأول مرة منذ ثورة يناير قضت مصر ليلتها منقسمة محتقنة مرتجفة, الكل يسأل إلي أين المسير, وإلي متي المنتهي؟ وما بين المؤيدين والمعارضين لقرارات الرئيس تاهت الحقيقة وتوارت البينة. ودخل المجتمع في سجال حول ما هو قانوني أو دستوري, وما هو ثوري أو شرعي, فضاق بنا الوطن رغم اتساعه وتراجع الاستقرار بعد أن كنا نعتقد أنه بات قريبا, لم يكن أحد يتوقع أن رفقاء الثورة صاروا فرقاء, وتناسوا دماء الشهداء.. مشاهد تتكرر, وشواهد تعيد نفسها, وكأن الثورة ما قامت, والدماء ما سالت. هكذا باتت مصر جريحة, تتألم, تنزف دما علي ما آلت اليه أحوال أبنائها, عين دامعة علي قصر الاتحادية وقد تحول ساحة لأصحاب الحناجر ومنصة لدعاة المنابر يطلقون منها صكوك الوطنية, وقذائف إسقاط الحرية, شعارهم الانتصار لقرارات رأوا فيها أنها تحمي الثورة, بينما العين الأخري علي التحرير وقد تحول الي ميدان حرب بين الشرطة والمتظاهرين الذين خرجوا حماية للثورة واحتجاجا علي قرارات رئاسية رأوا فيها اجحافا وافتئاتا علي مبادئ الثورة وحقوق شهدائها. وما بين الاتحادية والتحرير تظل الحقيقة التي لا يستطيع أحد أن يتجاهلها وهي أن الشعب المصري لن يقبل الوصاية ولن يقبل أن يعيده أحد الي الخلف, وان ما حققه من مكتسبات في ثورته لن يستطيع أحد أن يهدرها أو ينتقص منها, أو ينازعه فيها وأن دولة العدل والديمقراطية لا محالة قادمة, وأن شموع الحرية التي أشعلتها دماء الشهداء الابرار لن تطفئها خفافيش الظلام, ودعاة القهر والاستبداد, مهما علوا في الأرض وليعلم الجميع أن النار إذا اشتعلت لن ينجو منها أحد. من المفترض أن الرئيس حسن النية في قراراته وأنه كما قال بالأمس يستهدف بها المحافظة علي الوطن والثورة وليس المقصود منها تخليص حسابات من أحد وأن الجميع لديه له أسهم متساوية في الوطن, ومن المفترض أيضا أن معارضي هذه القرارات نواياهم صادقة, ويرون فيها تغولا وديكتاتورية, وانقلابا علي الثورة ومن ثم فإن من العقل والحكمة أن يجلس الرئيس مع معارضيه ويتحاور معهم إما يقنعهم ويطيعونه أو يقنعونه ويقومونه, وننقذ البلاد من التهلكة, فهل يفعلها الرئيس؟. [email protected] رابط دائم :