تعلن جمهورية مصر العربية عن حاجتها لحكماء وعقلاء لتوعية مجموعات من مواطنيها, وخبراء لعلاج حالات الجنون السياسي الذي أصاب النخبة بها ويشترط في المتقدم ان تكون له خبرة في إطفاء نار الفتن, والتعامل مع الحالات المستعصية علي فهم الوطنية, والحالات التي تعاني ضمورا في إدراك مبادئ الحرية وقيم الاختلاف, وكذلك يشترط الخبرة في علاج اعراض المراهقة السياسية, ونوبات الصرع السياسي, كما تعلن البلاد عن حاجتها لمدربين في فنون العمل الحزبي, ومبادئ الانتماء للاوطان والحفاظ علي أمن مواطنيها ويفضل في المتقدم ان يكون له سابق خبرة في التعامل مع اعداء الحريات وصعاليك السياسة والمصابين بفيروسات هدم البلاد ونشر الفوضي واراقة دماء الأبرياء. نعم مصر تفتقد الي عقل وفعل مسئول, الي كل صاحب رؤية, بعد أن غابت الحكمة في التعاطي مع ازمة الدستور التي اوشكت علي ان تحرق الوطن, وها هم رفقاء الثورة باتوا علي عداء, بينما جلست النخب في مكاتبها تخطط وتدرس كيف تنال من الطرف الآخر, وليذهب شباب مصر وقودا لصراع زائف, وتسيل دماؤه في الميادين ثمنا لمغامرات غير محسوبة ومؤامرات محبوكة اعدت بليل للنيل من هذا الوطن الذي اوشك علي الانهيار بفعل هذا الطيش والجنون الذي يحدث أمام الاتحادية وفي الميادين. كل الاطراف خانت هذا الوطن, وداست علي حقوقه تحت الاقدام, بعد ان انجرفت الي شريعة الغاب, واعطت ظهرها للحوار العاقل البناء الذي يحافظ علي مقدرات الشعب ويحمي امنه ويصون استقراره, وكل قطرة دم تسيل علي الارض من ابناء الوطن ستكون في رقبة كل المتصارعين المتناحرين, ولن يرحم التاريخ من اشعل هذه الفتنة فهو ملعون في الدنيا والآخرة. ان في حياة الامم لحظات تاريخية إما ان تستوعب الظرف وتفوت علي كل الصعب واما ان تسقط في الهاوية الي غير رجعة, وما أحوج مصر الي رجال وطنيين يستوعبون ويقدرون بمسئولية ما تمر به البلاد ويطفئون بحكمة النيران التي اشتعلت بقول حق يحقن الدماء ويجمع الفرقاء, انها لحظات حاسمة يعرف فيها الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال, والواقع يؤكد ان مصر بالفعل خلت ممن يقولون الحق. ولا عزاء للثورة..