لم أكن أعرف الكاتب الراحل جلال الدين الحمامصي معرفة شخصية ولكني كنت اتابع بشغف عموده اليومي في الأخيار دخان في الهواء علي مدار سنين طويلة. وكنت اتعجب لقدرة الراحل رحمه الله علي الاستمرار في كتابة عمود المفعم بالنقد علي مدار كل هذه السنين وبذات القدرة والحرفية. وتمنيت في لحظات كثيرة أن اتعرف إلي الرجل ومرت السنون وأنا اتطلع لهذه الأمنية الغاليه وبعد برهة من الزمن تلقيت دعوة إلي لقاء فكري في لقاء يجمع بين شباب الحزب والاستاذ جلال الحمامصي. ولم يكن رحمة الله عليه ينتمي إلي الحزب الوطني بل كان ينتمي إلي شريحة الكتاب المعارضين وجلس الراحل علي المنصة وظللت ارمقه بعيني ولا أصدق أني أمام الحمامصي وجها لوجهه وظللت اتفحص هذا الكيان الضخم لرجل يحمل عقلا واسع الاطلاع وتواضع المفكر الجليل.. ودارت المناقشات بشفافية كبيرة وبصراحة مفرطة ظل الرجل يرد علي اسئلة الشباب وانتهي اللقاء فهرولت إلي خارج القاعة لأحظي بلقائه منفردا معه فقد كان يشغلني معرفة طبيعة العلاقة بينه وبين السادات وتحققت هذه الرغبة وبادرت بمصافحته ثم بسؤال مباشر عن علاقته بالرئيس الراحل وتطرقت في بداية الحديث بتوجيه الكلام إليه بانه الكاتب الوحيد الذي انتقد الرئيس السادات في حياته واحترم قداسة الموت بعد رحيله فرمقني الراحل بنظراته الثاقبة وبدأ في الاجابة والحديث عن هذه العلاقة وكانت الاجابة بالنسبة لي أشبه بقنبله مدوية. حيث قال كاتبنا الكبير بالحرف الواحد أنا والسادات كنا زملاء في زنزانة وكانت بيننا مودة كبيرة وعندما أصبح السادات رئيسا للدولة انقطعت صلتي به حتي لايظن البعض أنني اسعي إلي تملقه بل علي العكس انتقدته في بعض أساليب إدارته للحكم وبعض قراراته. ثم توقف الكاتب الكبير عن الكلام لبرهة ليأخذ نفسا عميقا وبدا علي ملامح صوته الحزن والاسي وكأن الرجل يستعد للبوح بأمر جلل وعلي الفور لم يسلمني الحمامصي كثيرا لحيرتي بل باغتني باعتراف في غاية الاهمية كان أشبه بقفاز ألقي في وجهي ثم صارحني قائلا أننا نحن معشر الكتاب لقد مارسنا علي السادات نقدا لاذعا وثقيل الظل في مرحلة كان فيها السادات مثقلا بالأعباء ولكون الرجل بشرا فقد نفد صبره فلم يحتمل كل هذا النقد المتواصل ففصلني من أخبار اليوم وللحق والتاريخ هو الذي أعادني إليها وسكت وانتهي اللقاء ووصلنا إلي باب سيارته فصافحته بكل إكبار واحترام. فقد كان مثالا رائعا لكاتب احترم ذاته فاحترمه قراؤه [email protected] رابط دائم :