أغرب ما يميز الأحداث المؤلمة التي تمر بها مصر منذ إصدار الدكتور محمد مرسي إعلانه الدستوري أنك تشعر عند متابعة ما يقال من جانب الرئيس والحكومة وقيادات التيارات الإسلامية أنهم يتحدثون عن بلد غير مصر وعن مواطنين لا نعرفهم. فالرئيس حينما تحدث في حواره مع التليفزيون المصري قال إنه أصدر هذا الإعلان للحفاظ علي ثورة25 يناير وأنه حريص علي الديمقراطية والحرية ولا يتدخل في القضاء ولن يسمح لأحد بأن يهدم دولة القانون وأننا نحب ونحضن بعض ولا يمكن أن يعتدي أحدنا علي الآخر وأنه سعيد بالمعارضة رغم ضيقه من زيادة جرعة الفلول علي أساس أن ما يحدث في سيمون بوليفار ومحيط الداخلية وشوارع بعض المحافظات مجرد تمثيل ضمن فيلم الحفاظ علي الثورة وأن استشهاد جيكا وإسلام من لزوميات نجاح الفيلم وأن حرق بعض مقار الجماعة وحزب الحرية والعدالة هو الحضن الذي يقصده الرئيس. وبمجرد أن تستمع إلي رموز القوي الوطنية ومنهم البرادعي وصباحي وشباب الثورة والحركات السياسية وغيرهم الكثيرون يساورك إحساس بأن البلد يسرق وحقوق ثورته تغتصب وأننا لا محالة أمام ديكتاتور يحصن نفسه ويجعل من ذاته فرعونا ولا يسمع رأيا ولا يتشارك مع أحد ويدللون علي ذلك بأنه قال في حواره أنه يتشاور مع الكل ولكن هو الذي يقرر ومسئول عنه. فإذا ذهبت إلي التأسيسية فإنك تجد العجب العجاب حيث يفاجيء المستشار حسام الغرياني الجميع بجلسة من نوع خاص للجنته يواصل خلالها الأعضاء الأساسيون والاحتياطيون اجتماعهم للانتهاء من الدستور بالتصويت الماراثوني دون مراعاة التمهل في المناقشات أو دقة الصياغة ولا حتي قبول ملاحظات الأعضاء للدرجة التي جعلت عضوا يخاطب الغرياني قائلا: هذا رأيي وأنا أعرف أنكم لن تأخذوا به! ودون تبرير منطقي يبعدك عن أجواء الريبة تجد المستشار الغرياني يقول: المادة دي هدية ودي مش خسارة في شعب الثورة ولأنه يريد أن يقول أنه يعرف مصالح المصريين أكثر منهم فقد ضرب بالتحفظات التي أطلقتها قوي وتيارات ونقابات بل وأعضاء من اللجنة عرض الحائط الدستوري. الرئيس يقول والمعارضة تتحرك والميادين تشتعل ومسيرات الرفض واعتصامات الثورة ومخاوف الحرب الأهلية تتزايد وأولي الأمر يتعاملون مع الجميع بالحب والأحضان وهدايا الدستور الذي يحافظ علي ثورة الشعب في دولة لا يمكن أن تكون مصر بخلافاتها واتهاماتها ورايات رافضي ومؤيدي رئيسها المنتخب... والله حرام! [email protected] رابط دائم :