ما حدث في ميدان التحرير أمس يشير إلي أننا ماضون في تدمير الوطن بروشتة صاغها أناس لا يفكرون إلا في أنفسهم ومناصبهم وسيطرتهم وقتلهم للآخر أمس واليوم وغدا. ما حدث يشير إلي أن الطرف الثالث ليس أكذوبة وإنما كان واقعا وأن الذين كتموا أصوات الداعين إلي حساب ومحاسبة الرئيس.. والذين حطموا منصة كانت تهتف: عيش.. حرية.. إسقاط التأسيسية تبدو ملامحهم مطابقة للقتلة المأجورين وأصدقاء الجمل ورفقاء سرور والشريف وكامل وأبو العينين. الميدان بفضلهم تناسي وحدته وانقسم إلي مسيرات بعضها مع الرئيس والآخر ضده وما بينهما غاب الشعب وتصارع النخبة وتقاتل الساسة و أصحاب المصالح فجاع الفقراء وظهر المظلومون وعاد الأغنياء إلي الظهور وتمت تبرئة قتلة الثوار وتلاعب سارقو الفرح والثورة بالقوانين وزهق الناس. وبينما كان الشعب يتفرج مرة ويهمهم أخري إلا أنه يبدو هذه المرة وكأنه يريد الثورة من جديد ولكن علي سارقي فرحته والذين أمموا ثورته وحطموا أحلامه في التغيير وآماله في غد أفضل بعد أن فشلوا في تغييبه عن الوعي بمخدر الدين الذي يضعونه في كأس النهضة أحيانا وفي كوب البركة أخري إلا أنه يذهب مع الريح ويصول ويجول حتي يجد ما كان يحلم به وقد وصل إلي أبواب الشاطر ومالك والممالك وليس إلي واحد من أبناء الوطن. لهذا توقف الشعب عن الكلام ويبدو أنه سيتوقف عن أشياء كثيرة ويبدو أنه سيقولها قريبا: ثورة من جديد!. ولم يكن ذلك من فراغ فقد عاد هتاف: الشعب يريد إسقاط النظام..ليهز الميدان من جديد وعاد هتاف: يا أهالينا انضموا لينا ليداعب البلكونات الصامتة والنوافذ المغلقة والرءوس التي أسكرها شراب النهضة وغيبتها أكاذيب النهوض وأعادتها إلي الوعي أسلحة بيضاء أشهرت في وجه ثوار الميدان أمس وأعمال للتدمير طالت منصات كل من يعارض الرئيس ويطلب محاسبته بعد موقعة المنصة أمس ومطاردات التيارالشعبي علي طريقة الشيخ والأخ في الله رامبو الجديد!. ومثلما تحركت الجمال من نزلة السمان كانت الأتوبيسات تقوم بتجميع المدافعين عن دولة الحزب الواحد والجماعة الواحدة حتي يخرسوا من يهتفون: الدستور دستور الشعب مش دستور تيار ولا حزب. للأسف.. مافيش تغيير ولا حساب ولا حقوق للشهداء أو مساحة للمعارضة أو الرأي الآخر.. فيه صراعات وكراسي ومناصب ومنافع وتقسيمة للمتلاعبين والمتاجرين بالدين في دوري السياسة للهواه.. وتحيا دولة الإخوان!!