قال الإمام الشافعي رحمه الله: إذا انكشف الغطاء يوم القيامة عن ثواب أعمال البشر, لم يروا ثوابا أفضل من ذكر الله تعالي, فيتحسر عند ذلك أقواما فيقولون: ماكان شيء أيسر علينا من الذكر, فهي عبادة لاتحتاج لطهارة أو استقبال للقبلة أو لهيئة أو وقت محدد, ومع ذلك لايؤديها إلا القليل الموفق لها. قال تعالي: والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما( رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء) يقول ابن القيم لن تجد أحن من الله عليك.. فو الله لو يعلم الساجد ما يغشاه من الرحمة بسجوده ما رفع رأسه وأهل الفجر فئة موفقة, وجوههم مسفرة, وجباههم مشرقة,وأوقاتهم مباركة, فإن كنت منهم فاحمد الله علي فضله, وإن لم تكن منهم فادعو الله أن يجعلك منهم... ما أجمل الفجر.. فريضته تجعلك في ذمة الله, وسنته خير من الدنيا ومافيها, وقرآنه مشهود.. إن قرآن الفجر كان مشهودا (1) لما نزل الموت بالعابد الزاهد عبدالله بن إدريس اشتد عليه الكرب, فلما أخذ يشهق بكت ابنته فقال: لاتبكي, فقد ختمت القرآن في هذا البيت أربعة آلاف ختمة, كلها لأجل هذا المصرع... (2) لما كان عامر بن عبد الله بن الزبير علي فراش الموت, يعد انفاس الحياة وأهله حوله يبكون, وبينما هو يصارع الموت, سمع المؤذن ينادي لصلاة المغرب ونفسه تحشرج في حلقه, وقد اشتد نزعه وعظم كربه, فلما سمع النداء قال لمن حوله: خذوا بيدي.. قالوا إلي اين ؟.. قال: إلي المسجد.. قالوا: وأنت هكذا.. قال: سبحان الله!! أسمع منادي الصلاة ولا أجيبه خذوا بيدي.. فحملوه بين رجلين فصلي ركعة مع الإمام ثم مات في سجوده.. (3) احتضر عثمان بن الأسود فبكي فقيل له: ما يبكيك, وأنت أنت.. يعني في العبادة والخشوع, والزهد والخضوع.. فقال: أبكي والله أسفا علي الصلاة والصوم.. ثم لم يزل يتلو القرآن حتي مات. (4) ولما نزل الموت بيزيد الرقاشي أخذ يبكي ويقول: من يصلي لك يا يزيد إذا مت ؟, ومن يصوم لك ؟, ومن يستغفر لك من الذنوب, ثم تشهد ومات.. (5) لما حضر هارون الرشيد الوفاة وعاين السكرات صاح بقواده وحجابه: اجمعوا جيوشي, فجاءوا بهم بسيوفهم ودروعهم, لا يكاد يحصي عددهم إلا الله, كلهم تحت قيادته وأمره, فلما رأهم بكي.. ثم قال: يا من لايزول ملكه, ارحم من قد زال ملكه,ثم لم يزل يبكي حتي مات...