في السنوات الأخيرة تكررت مرات عدة مقولة' تدخل في شئوننا الداخلية', سواء من مسئولين مصريين يحذرون, أو كتاب يستنكرون, أو أجانب ينفون, والحقيقة أن التدخلات محاولات قائمة و مستمرة و لا فائدة من إنكارها. المهم ليس رصد محاولات التدخل, أو الرد علي هذه المحاولات, وليس المهم أن نعلن موقفا قويا, أو نتخذ إجراءا صارما في مواجهة هذه المحاولات, وإنما المهم هو لماذا قرر هؤلاء المتغطرسون التدخل في شئوننا ؟ أعتقد أننا ساهمنا بقدر ما في إتاحة الفرصة للبعض للتعامل مع شئوننا الداخلية باعتبارها شأنا عاما يجوز للآخرين الحديث في شأنه والتعاطي معه علي خلفية الحق في ذلك, ولم لا والبعض منا يرسل بتقارير لجهات خارجية, وهو ما يوحي بمطالبتها التدخل دون موقف رسمي بذلك. لن يستطيع كائنا من كان منع الغرب من مواصلة سياسة التدخل في شئوننا الداخلية, خصوصا و أن تيارات سياسية بازغة في هذه الدول تجاوزت مفاهيم التدخل إلي التهديد و التلويح بقرارات أو بقطع معونات وخلافه, وخطوتها الأولي في ذلك الضغط علي حكوماتها أو إثارة الرأي العام ضد حكوماتها. السبيل الوحيد لسد الطريق هو تطبيق سياسات وسن تشريعات تكرس مبدأ المواطنة بين المصريين, ليسوا كمسلمين أقباط, وإنما حتي بين المسلمين أنفسهم, تشريعات تحقق تكافؤ الفرص والمساواة بين المصريين في كل شيء, تشريعات تحيل المباديء الدستورية إلي واقع معيش. ستظل محاولات التدخل في شئوننا قائمة, و لن يتراجع هؤلاء المتغطرسون عن محاولاتهم, ولكن سنظل نحن أصحاب القرار, إما بإتاحة الفرصة لهم, أو بسد الطريق عليهم و إفشال مبرراتهم و حججهم, او باتباع سياسة المعاملة بالمثل.. و اعتقد انها رسالة واضحة. لن يصلح الاستمرار في إعلان الرفض للتدخل في شئوننا الداخلية, و لا يجوز أن يعلن مسئول مصري' كل شوية' أننا نرفض التدخل في شئوننا, يجب أن نضع نهاية لهذا الطريق, و هي نهاية في أيدينا أن نقررها.