كل المصريين تقريبا أصبحوا الآن يعرفون وبدقة الفارق بين الحريات وتطور ديمقراطيتهم وحقوق الإنسان, والفوضي التي تدعونا إليها جماعات المصالح التي ورثت أفكار المحافظين المتطرفين في الولاياتالمتحدة والتي مازالت نافذة في بعض دوائر الإدارة الأمريكية. وتطل برأسها من حين لآخر.. فتدعونا للحرية بأشكالها المختلفة. ولأن عيونها شاخصة وراء مصالحها الضيقة وأهدافها السياسية الخبيثة ومصالح أطراف أخري.. ولأن فشلها عالميا وداخليا ظاهر لكل المراقبين, فإننا مازالنا نتساءل ماذا تريد هذه القوي الآن بالضبط؟ فالخيط الرفيع الذي فصلناه سابقا بين الديمقراطية التي نسعي إليها والفوضي بكل أشكالها التي تتستر برداء الديمقراطية.. أصبح هو الآخر واضحا بل وجليا أمام الرأي العام, في بلادنا..فمصر تنتشر فيها كل يوم الجماعات الاحتجاجية التي تعبر عن مصالحها بكل حرية وتجد التعاون المباشر من المسئولين والرأي العام وهذه حقيقة ظاهرة لكل الناس بلا خوف أو تخويف وهي ظاهرة ديمقراطية وهناك حرص واضح عليها. ونحن ندرك ان الخطر علي التطور السياسي والديمقراطي في بلادنا لايأتي من الداخل, فالمصريون أظهروا حرصهم أكثر من مرة علي تحقيق الاستقرار والأمن بقدر حرصهم علي ممارسة الديمقراطية والحرية, فهم يعرفون أنها الضمانة للاستمرارية كما أن ظروفهم وإمكانياتهم الاقتصادية لا تتحمل الفوضي والاضطراب, ويدركون أن الخطر عليهم يكمن في التدخل الخارجي في شئونهم الداخلية.. خاصة الشأن السياسي. الذي هو من أخص خصائصهم الداخلية.. وبالذات عندما يأتي ممن ثبت فشلهم في كل ماتدخلوا فيه بالشرق الأوسط.. فقد فشل الأمريكيون في عهد بوش الإبن وإدارته في كل الحروب التي خاضوها بعد أحداث سبتمبر2001 ضد الارهاب وافغانستان وباكستان..واضطربت هذه البلاد بلا فائدة أو مردود.. وهاهي العراق ظاهرة للعيان وشاهده علي رعونة التدخل الخارجي في شئون الدول, فبالرغم من الانتخابات والحريات المزعومة مازالت تحت الاحتلال منذ7 سنوات. وزادت عليها وطأة الحرب الأهلية والطائفية بل وتدخل إيران في شأنها الداخلي وتشكيل حكومتها.. والضحايا هناك بالملايين والتدهور حاد في مستوي المعيشة برغم ثروتها البترولية العريضة. إن التدخل الأمريكي في شئون الدول, هو صانع الفوضي والاضطراب, فالأموال القادمة من الخارج للجماعات في الداخل هي التي تغري البعض بالقفز علي الديمقراطية.. فالمشهد السياسي المصري والحريات الواسعة داخله تغري بعض الخارجين علي القانون باستغلال هذا المناخ للاساءة للتطور الديمقراطي وضربه من الداخل. والانتقادات الأمريكية الأخيرة علي لسان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية هو نموذج معيب لهذه السياسة القديمة التي تحاول أن تتجه الآن رغم ثبوت فشلها صوب مصر وكان علي هذا المتحدث أن ينأي بنفسه عن الدخول في هذا الشأن لمصلحة بلاده ولمصلحة التطور الديمقراطي في بلادنا ومنطقتنا إذا كان يعنيه ذلك حقيقة ويحرص عليه كما يحاول ان يبدو.. فلم يحدث في مصر, تدخل أمني ضد الحريات فما حدث والشارع خير شاهد عليه هو حماية الديمقراطية من محاولات جماعات صغيرة فرض لغتها الفوضوية علي شارع وأحزاب سياسية تتطور وتنمو في مناخ حر.. إننا نحيي موقف الأحزاب المصرية والمجتمع المدني الذي رفض التدخل الأمريكي في شئوننا الداخلية, بل وفي انتخاباتنا المستقبلية, نحيي المتحدث باسم الخارجية المصرية اليقظ الذي رد علي هذه الدعاوي الأمريكية ووضعها في حجمها الطبيعي محذرا من تكرارها, فنحن مجتمع يسعي نحو المزيد من الديمقراطية دون التضحية بأمنه واستقراره, ودون الإضرار بمصالح الأغلبية وإلا أصبحت الديمقراطية مثارا لسخط الناس لأنها تضر بمصالحهم الاقتصادية واستقرارهم المنشود. [email protected] المزيد من مقالات أسامه سرايا