أكدت الأيام العصيبة الماضية أن القوات المسلحة هي صمام الأمان لشعب مصر، بعد حالة انعدام الأمن وتفشي ظاهرة انتشار البلطجية وعصابات الإجرام التي تسعى للسلب والنهب لممتلكات الأفراد والشركات والدولة، إثر انسحاب الشرطة، ليصبح الجيش هو الدرع الوحيد الذي يحمي مصر. استطاع الجيش أن يسجل انتصارا في حماية الجبهة الداخلية يحسب به ولا يقل أهمية عن نصر أكتوبر 1973، حيث أثبت أنه جيش مصر ولا يستخدم لصالح طرف بعينه، كما أنه الحصن الأمين لمصر لحمايتها من الأخطار الداخلية والخارجية. قرار نشر القوات المسلحة والذي بدأ فعليا منذ مساء "جمعة الغضب" 28 يناير المنصرم جاء بعد الانفلات الذي شهدته القاهرة والمحافظات،إثر انسحاب الشرطة واختفاء رجالها لتصبح شوارع مصر بلا أمن لتنتشر السرقات وأعمال السرقة والنهب والسلب، وبعد دقائق من صدور القرار بدأت المدرعات والدبابات والسيارات العسكرية فى الانتشار. كانت أمام رجال القوات المسلحة أكثر من مهمة، وكل واحدة منها لا تقل أهمية عن الأخرى. وفي مقدمة تلك المهام نشر الأمن في ربوع مصر والتصدي لعصابات الإجرام والبلطجة. الجيش اتبع منطق التلاحم مع الشعب لحماية مصر، حيث طلب من رجال مصر الشرفاء حماية ممتلكاتهم وأنفسهم. وكانت الاستجابة الفورية من شعب مصر عنصرا رئيسيا فى تيسير دور الجيش، حيث بدأت ملحمة الشعب والجيش لتوفير الأمن. وكانت وحدات الجيش تنتشر وفي الوقت نفسه كان الشعب يقوم بتنظيم أوضاعه الشخصية لحماية العقارات والطرقات صباحا ومساء. على الفور ظهرت اللجان الشعبية من الرجال الذين تركوا منازلهم لتأمين عائلاتهم وممتلكاتهم، كل يحمل ما يستطيع لتسليح نفسه ضد عصابات الإجرام التي استخدمت الأسلحة النارية، ناشرة الرعب وباحثة عن الأموال والممتلكات.. وبأسلحة بيضاء وعصي استطاع الشعب أن يحمي نفسه من تلك العصابات التي وجدت نفسها فريسة في يد القوات المسلحة التي قامت بالقاء القبض عليها بالتعاون مع اللجان والتجمعات الشعبية، حيث كانت تلتقطهم اللجان الشعبية وتطاردهم الدبابات وسيارات الشرطة العسكرية التي تجوب الشوارع وتنشر معها الأمن. رغم حالة الذعر التي سيطرت على الجميع إلا أن انتشار وحدات الجيش والتعزيزات العسكرية التي ظهرت في الشوارع بددت الخوف التي جاءت بعد الإعلان عن فرار السجناء من بعض سجون مصر، ولجوء عدد من الفارين لترويع المواطنين وممارسة عمليات السرقة والنهب، ولكن كان تصدي الشعب والجيش لهم مثيرا للفخر، حيث كانت تتوالى بلاغات المواطنين للخط الساخن الذي أعلنته القوات المسلحة. وقامت عناصر الجيش بالتوجه للأماكن التي يتم الإبلاغ عنها للتعامل مع المجرمين والسجناء لاعتقالهم وإلقاء القبض عليهم، ليس فقط في القاهرة ولكن في كافة محافظات مصر. وهو ما كانت تكشفه البيانات التي تذيعها القوات المسلحة عبر التليفزيون، والتي تضمنت أيضا اعترافات للسجناء وعصابات الإجرام عن ممارساتهم وجرائمهم وطريقة تنفيذها.. غرفة عمليات القوات المسلحة كانت تعمل على مدارالساعة للتعامل مع بلاغات المواطنين للإرشاد عن المجرمين واللصوص، في سائر أنحاء الجمهورية. مهمة أخرى قامت بها القوات المسلحة وهي المساهمة في توفير الاحتياجات للمواطنين وبخاصة البنزين من خلال محطات الوقود التابعة للقوات المسلحة والتي ظلت توفر البنزين والوقود بينما نفذ الوقود من محطات الوقود الأخرى، وكانت محطات الوقود التابعة للقوات المسلحة هي التي ساهمت في عدم شل حركة السيارات بشكل تام في مصر. كذلك ومع الدقائق الأولى لنشر الجيش يوم الجمعة 28 يناير تم إنقاذ المتحف المصري الذي يضم العديد من أبرز القطع الأثرية المصرية التي تجعله من أهم متاحف العالم، من السرقة على يد اللصوص، ليتم إنقاذ المتحف المصري أحد الرموز الهامة في مصر. وأحد أبرز المهام التي تقوم بها القوات المسلحة هي التعامل مع المظاهرات لحمايتها وحماية الممتلكات، ففور نزول الدبابات إلى الشوارع استقبلهم المتظاهرون بالترحاب والهتافات المؤيدة. وفي قلب القاهرة كانت مشاعر الود سائدة بين الجيش والمتظاهرين الذين رحبوا بقوات الجيش بشكل لافت للنظر، وحرصت وسائل الإعلام المصرية والأجنبية على تسجيل صور ترحيب المتظاهرين بقوات الجيش، والتي حرصت على تأمين المواقع الهامة دون التعرض بأي شكل من الأشكال للمتظاهرين تاركة لهم حرية التعبير عن رأيهم، حتى رغم تواجد المتظاهرين في الشوارع في أوقات حظر التجول. سعت القوات المسلحة بحزم وحسم إلى بث الطمأنينة في قلوب الجميع والتأكيد على أنها درع للوطن من أعدائه الخارجين ويد تبطش بمن يهدد أمن مصر الداخلي من عصابات البلطجة واللصوص، كما انتشرت طائرات القوات المسلحة في سماء القاهرة في فترات المساء للتأكيد على التواجد المستمر للجيش وحفظه لأمن مصر ومتابعة الحالة الأمنية في كافة المناطق. وكان أبرز دليل على العلاقة الحميمية بين الجيش والمتظاهرين هي التحية الكبيرة التي قوبل بها المشير حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والانتاج الحربي من المتظاهرين الذين كانوا متجمعين أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون، مرددين هتافات التأييد للجيش المصري.