ترك رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول في الكونجرس الأربعاء الباب مفتوحا أمام خفض معدلات الفائدة قريبا ورسم في الوقت نفسه صورة متباينة للاقتصاد الأمريكي المعرض لمخاطر مستمرة. وأدت تصريحات باول إلى ارتفاع البورصات من وول ستريت إلى طوكيووالصين. وفي إفادة أدلى بها أمام لجنة في الكونجرس، أشار جيروم باول الذي يتعرض لضغوط الأسواق والبيت الأبيض لخفض معدلات الفائدة، إلى "القلق من ضعف النمو العالمي" و"الغموض المرتبط بالخلافات التجارية" اللذين يمكن أن "يؤثرا على الاقتصاد الأمريكي. وكشف بأن "كثيرين" من أعضاء اللجنة النقدية في الاحتياطي الفيدرالي "بدوا مستعدين" للنظر في "سياسة نقدية أقل تشددا" في الاجتماع الأخير الذي عقد في 19 يونيو وترك معدلات الفائدة بلا تغيير. ويفيد محضر هذا الاجتماع الذي نشر الأربعاء أن اثنين من المشاركين أبديا استعدادهما لخفض معدلات الفائدة بسبب القلق من التضخم المنخفض. ويشير المحضر إلى أن "كثيرين رأوا أن خفضا في معدلات الفائدة في الأمد القصير يمكن أن يساعد في تخفيف آثار صدمات قد تحدث في المستقبل". وصوت عضو واحد في اللجنة النقدية ضد قرار الإبقاء على معدلات الفائدة بلا تغيير في أول معارضة يواجهها باول منذ توليه المؤسسة الجماعية التي تقرر السياسة النقدية للبلاد. وشكلت تصريحات باول دفعا للأسواق المال. فقد فتحت بورصتا الصين، هونغ كونغ وشنغهاي الخميس على ارتفاع نسبته 0,92 بالمئة و0,44 بالمئة على التوالي. أما بورصة طوكيو فقد سجلت ارتفاعا نسبته 0,19 بالمئة عند بدء الجلسة. وتأثرت هذه البورصات بتحسن وول ستريت الأربعاء. فقد أغلق مؤشر "ناسداك" لأسهم التكنولوجيا على ارتفاع نسبته 0,75 بالمئة، بينما تقدم مؤشر داو جونز 0,29 بالمئة. أما المؤشر الموسع "ستاندارد اند بورز 500" فقد ربح 0,45 بالمئة. وتميل البورصات إلى الارتفاع عندما تطرح إمكانية خفض معدلات الفائدة لأن الأسهم تصبح أكثر ربحية من السندات. - انتقادات - يواجه باول والمؤسسة التي يرئسها وتقوم بمهام البنك لمركزي، انتقادات باستمرار من قبل الرئيس دونالد ترامب الذي يطالب في تغريداته بخفض معدلات الفائدة ويؤكد أن الاحتياطي الفيدرالي "لا يعرف ماذا يفعل". ويرى الرئيس الذي يسعى للفوز بولاية ثانية في انتخابات 2020، أنه لولا زيادة معدلات الفائدة في نهاية العام الماضي لكانت مؤشرات أسواق المال تقدمت بشكل أكبر بكثير ولوصل النمو إلى "4 أو 5 بالمئة"، وهو ما ينفيه خبراء اقتصاديون عدة. وأكد المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض لاري كودلاو الثلاثاء أن ولاية جيروم باول على رأس الاحيتاطي الفيدرالي ليست مهددة، نافيا بذلك معلومات صحفية عن رغبة الرئيس في إقالته. وردا على سؤال للجنة المالية في مجلس النواب عن إمكانية تلقيه اتصالا من الرئيس يدعوه إلى الرحيل، أكد باول أنه لن يغادر منصبه وسيبقى حتى نهاية ولايته. وسألت رئيسة اللجنة ماكسين ووترز "إذا تلقيت اتصالا من الرئيس اليوم يقول فيه أنه قام بطردك وعليك الرحيل ماذا ستفعل؟". ورد باول بصوت منخفض "لن أفعل ذلك وسيكون ردي لا". وقالت ووترز بسخط "لا أسمعك! (...) ألن تحزم أغراضك وترحل؟". ورد باول بصوت أقوى "لا يا سيدتي". وأضاف أن القانون "يمنحني بشكل واضح ولاية من أربع سنوات أنوي إكمالها" حتى نهايتها. وكان ترامب عين باول في هذا المنصب في فبراير 2018. ويشير برنامج عمله مايو الذي نشره الاحتياطي الفيدرالي أنه أجرى اتصالا هاتفيا استمر خمس دقائق في 20 مايو مع الرئيس. في مجال النقد بدا جيروم باول وكأنه يتحدث عن خطر تباطؤ يمكن أن يبرر خفض معدلات الفائدة وقائيا، لكنه امتنع عن ذكر أي موعد لذلك. وستعقد اللجنة النقدية اجتماعها في 31 يوليو ويعول الجزء الأكبر من القطاع المالي على خفض معدلات الفائدة. لكن باول تحدث أيضا عن اقتصاد متين، وهذا لا يصب في مصلحة خفض المعدلات. وقال إن "السيناريو الأساسي هو أن النمو سيبقى متينا وسوق العمل تتسم بالحيوية والتضخم سيرتفع إلى الهدف المحدد ب2 بالمئة". وبلغت نسبة النمو 3,1 بالمئة بالوتيرة السنوية في الربع الأول من 2019. إلى ذلك تحدث رئيس الاحتياطي الفيدرالي عن حيوية الاستهلاك المحرك التقليدي للاقتصاد الأمريكي. في المقابل، تباطأت استثمارات الشركات "ما يعكس ربما القلق من الخلافات التجارية وبطء أكبر في النمو العالمي". وأكد باول أن استئناف المحادثات التجارية بين الصين والولايات المتحدة يشكل "مرحلة بناءة" لكنه "لا يبدد الشكوك". وأشار إلى أن الهدنة في حرب الرسوم الجمركية، التي أعلنتها واشنطن وبكين بعد قمة العشرين في أوساكا في اليابان في نهاية يونيو هي "نبأ سار نسبيا". وأضاف "اتفقنا على استئناف المناقشات مع الصين. هذا يمثل مرحلة بناءة لكنه لا يبدد الشكوك بشأن الآفاق الاقتصادية".