هبطت أسعار الأسهم في جميع انحاء العالم اليوم الخميس بعد تصريحات رئيس المركزي الأمريكي وقراره برفع الفائدة.وتراجعت البورصات العالمية وسط مخاوف المستثمرين من اقتراف مجلس الاحتياطي الفدرالي خطأ بعد أن أبقى بدرجة كبيرة على خططه لزيادة أسعار الفائدة العام القادم رغم تنامي المخاطر على النمو، مما أوقد شرارة عمليات بيع في الأسهم العالمية. في وول ستريت وأوروبا واليابان انخفضت جميع المؤشرات. فتراجع مؤشر نيكي الياباني إلى أدنى مستوياته في 15 شهرا اليوم الخميس وهوى 2.8 % إلى 20392.58 نقطة، في أضعف إقفال للمؤشر القياسي منذ سبتمبر 2017.ونزل المؤشر توبكس الأوسع نطاقا 2.5 % إلى 1517.16 نقطة، وهو أدنى مستوى إغلاق له منذ ابريل 2017.
رفع المجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأمريكي) الأربعاء أسعار الفائدة بواقع 25ر0 نقطة لتتراوح بين 25ر2 إلى 5ر2%.
وقال المجلس إنه من المرجح أن يرفع أسعار الفائدة مجددا بشكل تدريجي، لكنه توقع أن يتم زيادة أسعار الفائدة مرتين خلال عام 2019، بعدما كانت التوقعات في سبتمبر الماضي ، تشير إلى ثلاث زيادات. كما خفض مجلس الاحتياطي سعر الفائدة المرجعي على المدى الطويل إلى 8ر2 % من 3 %. وأضاف: ترى اللجنة أن المزيد من الزيادات التدريجية على المدى المستهدف لمعدل الفائدة الفدرالي يتوافق مع التوسع المستمر للنشاط الاقتصادي وأوضاع سوق العمل القوية ووجود معدل تضخم قريب من نسبة 2 % المستهدفة على المدى المتوسط". وقال جيروم باول رئيس المجلس في مؤتمر صحفي إن هذه الخطوة، التي كانت متوقعة على نطاق واسع تأتي نتيجة مسار "معتدل" للنمو الاقتصادي في عام 2019 بعد رفع النمو في بداية 2018 . وأكد باول أن عام 2018 هو الأقوى منذ الأزمة المالية في عام 2008 ولكن ربما يشير بعض التراجع في النمو العالمي وتقلب السوق المالية "إلى بعض التخفيف". كان الرئيس الامريكي دونالد ترامب مارس ضغوطا كبيرة على المجلس الذي يعمل بشكل مستقل عن السياسة.وحذر من هذه الخطوة بدعوى أن رفع أسعار الفائدة بدون ضرورة يمكن أن يخنق الاقتصاد الأمريكي. ويشار إلى أن هذه هي المرة التاسعة التي يرفع فيها المجلس أسعار الفائدة منذ عام 2015 والرابعة خلال العام الجاري. يذكر انه في افتتاحية غير مألوفة، نصحت صحيفة "وول ستريت جورنال" المرجع الأساسي لأوساط الأعمال التي تهزها التقلبات الهائلة في بورصة نيويورك، أيضا المؤسسة التي تقوم بمهام البنك المركزي الأمريكي ب"التوقف".
وعادة تميل الصحيفة التي تملكها مجموعة روبرت مردوك الى "الصقور" الذين يخشون التضخم ويريدون رفع المعدلات، بدلا من الوقوف إلى جانب "الحمائم" الذين يعارضون ذلك. ومنذ رفع المعدلات الأخيرة في نهاية سبتمبر، أصدر أول اقتصاد في العالم إشارات متناقضة زاد من حدتها تصحيح سوق المال التي كانت مرتاحة. لكن التوتر المرتبط بالسياسات الحمائية وتباطؤ النموين الصيني والأوروبي والقلق المتعلق ببريكست وارتفاع سعر الدولار مع زيادة المعدلات، أثرت سلبا على آفاق الاقتصاد الأمريكي.
وما زالت إدارة ترامب تعتقد أن نسبة النمو ستبلغ 3% على الأقل في 2019، لكن الكثير من خبراء الاقتصاد يشككون في ذلك معبرين عن قلقهم من غياب التأثير الإيجابي لخفض الضرائب على الاستهلاك وارتفاع العجز في الميزانية. ويتحدث الأكثر تشاؤما منهم عن انكماش في النصف الثاني من 2019 أو في 2020.
لكن تحت تأثير ضغوط الرئيس الذي لا ينظر بتقدير إلى ارتفاع تكلفة القروض ونظرا لشكوك الخبراء الاقتصاديين، من غير المستبعد حدوث مفاجأة مع أن الاحتياطي الفدرالي الذي يدافع بشدة عن استقلاليته، لا يريد أن يبدو وكأنه تحرك تحت تأثير ما.
من جهة أخرى، يمكن للاحتياطي الفدرالي أن يعيد النظر في استراتيجيته لخفض حصيلته، وهي خطوة يمكن أن تؤدي بشكل غير مباشر إلى زيادة تكلفة القروض. وقد ارتفعت إلى أكثر من أربعة آلاف مليار دولار بعد عمليات شراء كثيفة لسندات خزينة من أجل دعم الانتعاش بعد الأزمة المالية. وللعودة إلى الوضع الطبيعي، توقف البنك المركزي الأمريكي عن تجديد استثماراته بشرائح تبلغ كل منها خمسين مليار دولار.
والأمر الثاني الذي طلبه ترامب من المسئولين عن السياسة النقدية في تغريده يوم الثلاثاء "توقفوا عن مسألة الخمسين مليارا. اشعروا بالسوق ولا تتخذوا قرارات على أساس أرقام لا معنى لها".