أحمد إبراهيم عامر انتشرت صور الطفلة كاترين ابنه الثالثة عشرة التى قتلت فى مدينة سرت الليبية بعد قتل والدها الطبيب مجدى صبحى توفيق وزوجته الصيدلانية سحر طلعت رزق على يد إرهابيى أنصار الشريعة.. ليستمر سيناريو قتل وخطف المصريين والأقباط تحديدا، والذى كنا حذرنا منه ب «الأهرام العربى» حين تم قتل 7 مصريين أقباط بمدينة بنغازى فى شهر مارس الماضى والمخطط الدموى القذر التى تتبناه الجماعات الإرهابية لقتل المصريين فى ليبيا لنجد منذ أيام خبر خطف 20 مصريا آخر فى نفس المدينة سرت التى تعد أحد أكبر مراكز التجمع لجماعة أنصار الشريعة الإرهابية التابعة لتنظيم الدولة «داعش» ولا توجد أى معلومات تؤكد أنهم أحياء حتى الآن. يقدر عدد العاملين المصريين فى ليبيا وفق إحصاءات "شعبة إلحاق العاملة بالخارج" بوزارة القوى العاملة بأكثر من مليونى عامل قبل اندلاع ثورتى مصر وليبيا عام 2011 وحسب تصريحات المستشار العمالى العائد من طرابلس فإن عدد العمالة المصرية التى غادرت ليبيا أثناء اندلاع ثورتها 490 ألف عامل.. تم عودة ما يقرب من 100 ألف مصرى كانوا يحملون تصريحات إقامة رسمية.. فى حين صرحت وزيرة القوى العاملة والهجرة بأن الوزارة قامت بتسجيل 170 ألف عامل فقط عائدين من ليبيا، إثر اضطراب الأوضاع هناك كما سجلت 180 حالة وفاة حتى الآن. وبرغم عدم وجود أرقام دقيقة لعدد العاملين المصريين فى ليبيل فإن المؤكد من جميع التصريحات الرسمية المعلنة أن عدد العاملين فى ليبيا لا يقل بأى حال عن مليون ونصف المليون مصرى موجودين حتى الآن داخل الأراضى الليبية. ليتبادر السؤال المهم ، لماذا لم يغادر كل هؤلاء المصريين ليبيا حتى الآن رغم الظرف الدقيق الصعب وحالة الاقتتال وسيطرة الميليشيات وعدم الاستقرار الأمنى فى جميع المدن تقريبا بلا استثناء، وفى الوقت التى نشاهد نزوحا جماعيا لعائلات ليبية فى اتجاه مصر وتونس للهرب من الحرب الدائرة فى ليبيا وسطوة الميليشيات الإرهابية؟ أهم ما يميز تلك العمالة هى قدومها من محافظات اتسمت بالفقر المدقع، فوفق المؤشرات الإحصائية والبيانية الخاصة بالعمالة العائدة من ليبيا بعد ثورتها، نجد أن الغالبية من العائدين المسجلين من محافظات من سوهاج والمنيا والفيوم وأسيوط وهى أكثر المحافظات فقرا وتتصدر أعلى نسب البطالة بين سكانها. لتبرز طبيعة ونوع العمالة المصرية بليبيا والتى تنحصر بشكل أساسى ما بين عمال التشييد والبناء والزراعة والصيد، أما المهن الأعلى كالمهندسين والأطباء والمحاسبين فنسبهم تكاد تكون معدومة، ليتشابه مشهد سفر المصريين لليبيا بمشهد سفر المصريين عبر قوارب الموت لأوروبا، ويتضح لنا لماذا لم يغادر هؤلاء ليبيا حتى الآن رغم النداءات والتحذيرات المستمرة من الخارجية المصرية بعودة جميع العاملين هناك. لقمة العيش رغم أن العامل المصرى يعلم علم اليقين أن حياته مهددة بالقتل أو السرقة على أقل تقدير، غير أنه يقامر من أجل الحياة، فرغم كل ما يحدث فى ليبيا نجد وحتى الآن الآلاف من العمال المصريين يسعون للسفر بدلا من رجوع الموجودين هناك. فالقوات المسلحة المصرية أعلنت حالة الاستنفار القصوى على الحدود الغربية لمواجهة محاولات التسلل من جانب أعداد من الشباب المصرى إلى ليبيا بحثا عن فرصة عمل. وأن ما لا يقل عن 1500 مصرى حاولوا التسلل إلى ليبيا خلال الشهر الماضى فقط وأن قوات حرس الحدود المصرية ألقت القبض عليهم، حيث يجرى التحقيق معهم خشية تجنيدهم من جانب الميليشيات الليبية. وفى السياق ذاته يتكدس الآلاف من المصريين أمام الخطوط الجوية الليبية لحجز تذاكر العودة إلى ليبيا. وأكد عدد من الراغبين فى العودة إلى ليبيا رغم علمهم بالمخاطر التى تواجههم هناك أنهم مصممون على العودة لعدم وجود فرص عمل فى مصر وتدهور الأوضاع الاقتصادية.. رغم أن عودة العمال المصريين إلى ليبيا فى هذا التوقيت الحرج أمر فى غاية الخطورة والدولة المصرية لا تتحمل أى مسئولية عن تلك العودة غير القانونية التى تجعل العمل دون حماية حقيقية خصوصا فى ظل غلق مكتب التمثيل المصرى العمالى فى طرابلس وغياب التمثيل الدبلوماسى وغلق سفارتنا بالعاصمة الليبية. وللأسف الشديد نجد الحكومة المصرية تكتفى بالبيانات والتحذيرات لسفر المصريين دون إصدار قرارات تمنع سفرهم نهائيا، وبجانب المجهول الذى ينتظرهم فأيضا بحكم صغر سنهم فجميع الإحصائيات تشير إلى أن غالبية الساعين للسفر إلى ليبيا أعمارهم بين 18 و35 عاما، وهم عرضة للانضمام إلى الأطراف المتنازعة فى ليبيا وحمل السلاح والمشاركة فى الحرب الدائرة هناك مقابل المال.. لنجد السلطة التنفيذية فى مصر تتعامل مع عودة المصريين مرة أخرى إلى ليبيا باستخفاف شديد دون تقدير خطورة الموقف على المستوى السياسى والاقتصادى وأنها تدفع الأمر ليظل تحت مسمى أنه خيار العامل وعليه تحمل نتائجه بنفسه وهو أمر غير مقبول، فالدولة بمعناها الحقيقى تحمى رعاياها فى أى مكان بل يمكن لها أن تصدر قرارات بمنعهم من السفر فى بعض الحالات الاستثنائية مثل الحالة الليبية. "6500 جنيه" ثمن تذكرة الموت بالسوق السوداء والغريب والمحزن أن نشاهد طوابير من العمال المصريين أمام مبنى الخطوط الليبية بالقاهرة فى محاولة لشراء تذكرة طيران والتى ارتفع سعرها ليصل إلى نحو 4500 جنيه، أى ما يقارب الضعف استغلالا من الشركة لأنها الوحيدة التى تقوم برحلات من مطار برج العرب بالإسكندرية إلى ليبيا فى عملية ممارسة احتكار تجارى علنى بعد توقف شركة مصر للطيران عن إرسال رحلات إلى هناك وقوائم الانتظار لفترات بعيدة , مما أوجد سوقا موازيا تباع فيه "تذكرة الموت" ب6500 جنيه.