تشهد الأسواق العالمية تصاعدا مستمرا في الأسعار العالمية للذهب, نتيجة زيادة الطلب العالمي عليه, علي أثر أمة الديون السيادية بالولاياتالمتحدة.فما هي انعكاسات تلك الازمة علي السوق المصرية؟ وهل هناك حالة من الذعر تنتاب الأسواق المصرية ؟ ولماذا الإقبال المتزايد علي الشراء الآن ؟ وهل تشهد مصر موجة من تحويل المدخرات إلي ذهب ؟ الدكتورة ماجدة شلبي أستاذ الاقتصاد بحقوق بنها وعضو هيئة التدريس بالقسم الفرنسي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة, تري أنه تفاقمت حدة أزمة الديون السيادية في الولاياتالمتحدة وأوروبا وأصبحت تهدد اقتصادات هذه الدول, خاصة بعد تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة بدرجة واحدة للمرة الأولي منذ عام1941, من قبل مؤسسة ستاندرد اندبودز مما يدق ناقوس الانذار في العالم, وقد يتسبب في اضطرابات الأسواق المالية العالمية وسط مخاوف من تفشي الكساد. تضيف أن أزمة الديون السيادية أدت لتصاعد حدة ارتفاع أسعار الذهب العالمية حتي بلغت قيمة أوقية الذهب1718 دولارا مساء الاثنين الماضي, وهنا يثار التساؤل حول هذا التصاعد وهل لايزال الذهب يمثل الملاذ الآمن للاستثمار أم أنه يمكن أن يشكل فقاعة تتسبب في خسائر هائلة للمستثمرين الذين يعتبرونه ملاذا آمنا للقيمة في أوقات الأزمات وعدم الاستقرار بعيدا عن محافظ الأوراق المالية عالية المخاطر, وبدافع الحماية من تصاعد حدة معدلات التضخم وتدهور القيمة الحقيقية للعملة. وترجع الدكتورة ماجدة شلبي أسباب تصاعد أسعار الذهب العالمية لزيادة حجم الطلب عليه, خاصة أن الطلب جاء بغرض الاستثمار, ويمكن تفسير هذه الزيادة في الطلب علي الذهب لمخاوف تفاقم حدة الأزمة العالمية وضعف الدولار, في ظل انخفاض حجم المعروض عن حجم الطلب, ويأتي ذلك بالرغم من زيادة حجم مبيعت البنوك المركزية من الذهب اعتبارا من عام2009 والتي أدت لزيادة حجم العرض بنحو207 أطنان من الذهب, وبرغم ذلك فالسعر العالمي آخذ في الزيادة, ويرجع ذلك للمضاربات الشديدة علي الذهب كملاذ آمن للاستثمار, بالإضافة الي أنه أصبح يحقق عوائد مالية تفوق العوائد المتحققة من أي وعاء استثماري آخر, وبمعدل ربح يصل الي30% سنويا خلال السنوات القليلة الماضية وهو معدل يفوق مستويات أسعار الفائدة علي الودائع المصرفية في أي دولة. وحول تداعيات أزمة الديون السيادية وتأثيرها المباشر علي الاقتصاد المصري في ظل تصاعد أسعار الذهب العالمية, يقدر حجم استثمارات الاحتياطي النقدي المصري في أذون الخزانة الأمريكية بنححو13 مليار دولار وهو ما قد يؤدي لانخفاض القيمة الحقيقية للاحتياطي النقدي المصري الذي ترتفع فيه نسبة الاحتياطيات الدولارية, خاصة مع التوقعات بانخفاض قيمة الدولار مما قد يضع مصرفي مخاطر عدم القدرة علي استعادة نسبة من تلك الاستثمارات في ظل تفاقم حدة الديون الأمريكية وعدم استقرار الأسواق المالية العالمية, كما قد تعكس هذه الأزمة أثرها علي مصر وسائر الدول الناشئة بعد انخفاض الاستثمارات الأمريكية في هذه الدول, بالإضافة الي أ الولاياتالمتحدة والمجتمع الأوروبي يمثلان أكبر شريك تجاري لمصر مما قد يؤثر علي حركة التجارة والاستثمار مع هذه الدول. الادخار بالذهب عدنان الكحكي أحد كبار الصياغ يري أنه تجددت ثقافة المواطن بالعودة للادخار بالذهب مثل ما كان أيام الحصاد إذ كانوا يبيعون المحصول ويقومون بشراء الذهب وكان ذلك مقصورا علي المزارعين, أما الآن فإن جميع الفئات من الشعوب العربية تقوم بشراء الذهب كنوع من الادخار والاستثمار وهي ثقافة عالمية يتجمع حولهاه جميع الشعوب والأطياف والثقافات والأديان. ويري أن الذهب هو الملاذ مع تطور الأحداث العالمية من تطورات اقتصادية متتالية تأثرت بها دول العالم, وبالنسبة للسوق المصرية فمعظم المواطنين يتجهون لشراء الذهب من سبائك وجنيهات ذهبية واستبدال معظم الأوراق المالية المصرية أو الأجنبية الي ذهب بسبب ركود الأسواق بأنواعها سواء أوراق مالية أو تجارية محليا وعالميا. وبالنسبة لسوق الماس فقد شهدت الأشهر الثمانية الماضية ارتفاعا بنسبة15% الي25% إلا أنه يو,اجه حركة شراء ضعيفة حيث أن الماس والمشغولات الذهبية أيضا سلع رفاهية, والنشاط يتوجه لاستخدامه كاستثمار ومدخرات في صورة سبائك وعمات ذهبية.وبالنسبة للمجتمع الريفي لم تنقطع عنه ثقافة البيع والشراء للذهب مع موسم الحصاد فالحركة أكثر نشاطا خاصة لعيار21 من الذهب. وبالنسبة للفضة فقد ارتفعت أيضا أسعارها مرتبطة بالذهب حيث عيار925 بلغ 7.05, جنيه للجرام خام و 6.24 جنيه لعيار800 وعن تطور أسعار الذهب يقول عدنان الكحكي إنه في عام1999 بلغ عيار12 نحو 27.5جنيه للجرام وفي 2011 بلغ 282.5جنيه للجرام أي بزيادة ألف في المائة خلال11 عاما, وذلك نتيجة ضعف اقتصاديات بعض الدول أحيانا ولجوء الحكومات والبنوك للذهب لتعويض خسائر الدول المنهارة اقتصاديا. إحدي السيدات داخل محل لبيع الذهب اشترت السبت الماضي خمسة جنيهات ذهبية ثم عادت لشراء عشرة أخري نظرا للارتفاع المتواصل خلال الفترة الماضية وتحاول تحويل مدخراتها النقدية لذهبية تحوطا لانخفاض قيمة المدخرات النقدية, سواء جنيه أو دولار مع الاستفادة من ارتفاع سعر الذهب عالميا, وأشارت الي أنه بسهولة إعادة تسيل الذهب الي عملة نقدية عند الاحتياج وبذلك تكون احتفظت بقيمة مدخراتها أمام ارتفاع الأسعار لجميعخ السلع. سيدة أخري كانت تقوم ببيع بعض المشغولات حيث الاسعار المرتفعة للذهب حاليا محققة مكسبا لمواجهة بعض الاحتياجات استعدادا لتزويج أحد أولادها. شريف السرجاني رئيس رابطة الصياغ يقول, إن هناك مجموعة من تجار الجملة تجمع الذهب( الكسر القديم) من الأفراد بعياراتها المختلفة(18 و12) وينقون الذهب ويرفع عياره وتعمل سبائك ويقومون بتصديره وبيعه في الخارج وهذه الظاهرة بدأت مع ارتفاع أسعار الذهب العالمية واستمرت حتي قرار حظر التصدير للذهب بكل أشكاله ثم عاد السماح بالتصدير. ويقترح أن يكلف البنك المركزي أحد البنوك التجارية العاملة في مصر بشراء الذهب لحساب البنك المركزي من التجار بعد المعايرة واستلام من واقع فواتير مبيعات من التجار والصناع المسجلين وذلك في إدارة متخصصة بالمعايرة وللاستلام وسداد القيمة بالجنيه والاحتفاظ بالذهب في البنك, لأنه من المعلوم للجميع والمتخصصين انخفاض قيمة الدولار واليورو عالميا وارتفاع سعر الذهب, واستمرار ذلك آجال قد تطول لفترة ليست بالقصية يستفيد فيها البنك والاقتصاد المصري من هذه الفروق الكبيرة مع الوقت. ويتم الشراء حسب السعر العالمي مع حساب فارق بين البيع والشراء مثل فروق سعر العملات بيعا وشراء, مع حساب مدل مخاطر انخفاض للسعر. ويمكن للبنك أن يبيع للصناع من هذا الذهب عند احتياجهم لخام لتصنيعه للسوق المحلية أو للتصدير مشغل, لأن كل التصدير للمشغل يرد بدلا منه ذهب خام مضضاف إليه أجور نقدية بالعملة الصعبة للتشغيل تحويلا من أحد بنوك المستوردين. ومن مميزات هذه الفكرة تحويل جزء من الاحتياطي الاستراتيجي الي ذهب الذي يرتفع سعره علي العملات العالمية مقابل سداده بالجنيه, إما من مدخرات الأفراد طرف البنوك أو بطبع عملة بضمان هذا الذهب. وأخيرا, محاسبة هؤلاء التجار أو الصناع بائعي هذا الذهب للبنك ضرائبيا علي ضريبة المبيعات للبضائع المباعة للبنك وفقا للاتفاق المعمولبه.{