هل آن لنا أن نعود لمقاييس ومعايير محددة لاختيار الوزراء, فالموضوع في غاية السهولة إذا التزمنا والتزم المسئولون بهذه المعايير, فالزمن غير الزمن, والطريق غير الطريق, لقد اتفق السياسيون دوما في الماضي علي أن مصر تفتقد معايير تحديد الوزير. وأن العلاقات الشخصية تعتبر العامل الأول في اختيار الوزراء أو وجود مصالح, وأن معظم الوزراء الذين كان يتم اختيارهم من قبل فنيون وتكنوقراط ليس لديهم تجربة وخبرة سياسية, وللأسف أيضا لم تفرز المرحلة السابقة كوادر تستطيع أن تقود المجتمع في مجال ماسواء كان الصحة أو التعليم أو غيرهما, فالوزير من المفترض أن يكون سياسيا في الأصل, وفي هذا الوقت بالذات هناك ضرورة لوجود وزراء سياسيين, وفي نفس الوقت تكنوقراط, لأن الوزير السياسي يشعر بالشعب والجماهير والرأي العام, ويستطيع أن يتفاعل معهم ويحقق لهم مطالبهم, وبالتالي ينجح. ان هناك وزارات معينة في مصر تحتاج لأن يكون المرشح لهذا المنصب لديه خلفية كبيرة في القطاع الذي سيعمل به, فالوزير في مصر يقوم بعملين الأول فني والآخر سياسي, ولذا يحتاج إلي أن يتم تأهيله سياسيا للعمل الفني الذي يقوم به, فتاريخ الوزير وخبراته في مجال عمله وسيرته الذاتية ومكانته في المجتمع هي التي تحدد اختياره, وعلي هذا الاساس لابد لأي وزير أن يكون رجلا سياسيا في المقام الأول, فلو تم اختيار وزير مهني كأساتذة الجامعات, فلابد أن يكون له ممارسات سياسية, فالإضرابات والاعتصامات والمظاهرات التي زادت في الآونة الأخيرة كانت بسبب غياب الوزراء السياسيين, فوزراء الصدفة والتربيطات والشلل ممنوعون اليوم. ان الدستور المصري يخلو من قواعد اختيار الوزير, ولا يوجد به سوي معايير اختيار رئيس الجمهورية, وجعل اختيار الوزير من مسئولية رئيس الجمهورية بعد أخذ موافقة رئيس الوزراء. نحن في حاجة إلي أن نختار الوزراء في مصر بشكل علمي وموضوعي من الشخصيات التي تتمتع بتعليم وخبرة عالمية تستطيع أن تقود مسيرة الإصلاح الجديد في مصر الحديثة, فالوزير الناجح يجب أن يكون قوي الشخصية ولديه قدرة فائقة علي حل المشكلات, فلماذا نعين وزيرا ثم نفكر في تغييره بعد فترة وجيزة. ومن هنا علينا أن نضع مبدأ الموضوعية في الاختيار, في المكان المناسب لأنه الاساس الذي يبني عليه أي اختيار جيد, فمنصب الوزير ليس من المناصب التي يجري عليها مبدأ المحاولة والخطأ أو التجريب, بل الحاجة إلي الكفاءة والتي تعني المهنية في أعلي مستوياتها, أي يجب أن يكون الوزير متخصصا ومشهودا له بالكفاءة من الجميع في مجال تخصصه, وأن يكون وطنيا, متمتعا بالولاء والانتماء لبلده, وليست لديه أية توجهات تحسب عليه, وتضعه في فئة ضد فئة, وأن يكون متمرسا في العمل العام, ولديه رصيد عند المواطنين, قدم خدمات وعلي استعداد لأن يقدم خدمات دون انتظار لعائد من أحد, لديه حس سياسي, فالوزير الكفء في عمله المفتقد للحس السياسي سيصطدم حتما مع المجتمع, خصوصا أنه واجهة بلده في الملتقيات السياسية الدولية, وأن يتمتع بقدر عال من المهارات الاجتماعية وأساليب التعامل مع الآخرين, قادر علي كسب ثقة تابعيه ومرءوسيه, أن يكون متمتعا بخصال شخصية راقية, فلا هو قلق ولا مكتئب ولا عصبي, قادر علي اتخاذ قرارات حاسمة في الأوقات التي تتطلب ذلك, وأن يكون واسع الثقافة والاطلاع باعتباره واجهة للبلد, أن يكون مرنا بعيدا كل البعد عن التصلب والبيروقراطية والجمود الوظيفي, أن يكون قوي الشخصية, ولديه قدرة فائقة علي حل المشكلات واتخاذ القرار, أن يكون في رغد من العيش حتي لا يطمع في الوظيفة, ويتكسب من ورائها, أن يتمتع بالمثابرة والصبر, والحلم, حتي يتمكن من حل المشكلات التي تواجه مؤسساته, وما يخص وزارته, أن يتمتع بالوقار والهيبة حتي يكون قائدا ناجحا, وأخيرا أن تكون لديه قدرة علي التواصل الجيد والخطابة. هذه بعض معايير اختيار الوزراء, نتمني التعاطي معها بجدية, فمصر لا يصلح اليوم فيها التجربة, فقد ولت أيام اختيار الوزير بالقرابة أو لأسباب شخصية أو مصلحية, فمصلحة مصر أكبر وأهم. د. حامد عبدالرحيم عيد أستاذ بعلوم القاهرة