داخل ساحة أحد المساجد وقف شاب علي اعتاب الباب ينتظر ويرصد وفور بدء الصلاة سارع بالاستيلاء علي صندوق التبرعات وقفز من النافذة محاولا الهروب . إلا ان المصلين وتمكنوا من الامساك به وسلموه للشرطة وأحيل للمحاكمة الجنائية.. المشهد الذي يوحي لأول وهلة بأن ذلك اللص الشاب لديه من الظروف القاسية ما دفعه لارتكاب فعلته بذلك المكان المقدس الا ان التفاصيل حملت قصة مختلفة تماما. خلف قفص الاتهام وقف اللص الشاب في العقد الثالث من عمره بالجانب الآخر جلس والدان وعلامات الثراء تتحدث عن نفسها بمظهرهما الخارجي, واعتلت هيئة المحكمة المنصة وأخذ رئيس الدائرة يفحص أوراق القضية ويتأمل ما حوته من قصص كانت مفاجئة. فالمتهم يعمل بوظيفة مرموقة بإحدي الشركات الأجنبية وينتمي لعائلة ثرية حيث يعمل والداه في مجالي الطب وادارة الاعمال وهو لص مختلف لايسرق لمجرد السرقة وإنما يهوي ابتكار الحيل لتحقيق غرضه فذات مرة ارتدي ملابس العمال الذين يقومون بتنظيم وقوف السيارات بأحد الاندية وأوهم المحيطين به أنه من العاملين بالنادي. فيحصل منهم علي مفاتيح السيارات ليقوم بسرقة محتوياتها, واذا دخل الي مول تجاري ليشتري شيئا ثمينا تغلب العادة عليه فيسرق بجانبه شيئا آخر. وفي كل مرة يرتكب فيها هذه الافعال تقوم أسرته بمعالجة الامر املا في علاجه وخشية الفضيحة, واستمر الحال هكذا ببطل قصتنا الي ان قررت أسرته ان يزوجوه ربما ينصلح حاله وخلال6 أشهر فقط انتهت حياته الزوجية بعد ان استطالت يده لتمتد بسرقة زوجته وحماته. ويبدر هنا السؤال ماذا يفعل بهذه المسروقات كانت الاجابة التي سطرتها التحريات في أوراق القضية غاية في الغرابة ففي داخل إحدي حجرات شقته الخاصة كان يجمع المسروقات ويحفظها كأنها مقتنيات وعلي كل قطعة ورقة مدون بها تاريخ استيلائه عليها وبعد ان انتهت المحكمة من قراءة هذه التفاصيل ناقشت الشاب المتهم فتحدث قائلا لست لصا اسرق من اجل السرقة وإنما اتابع الافلام الاجنبية وتستهويني المغامرات والخطط التي تمثل فيها فاحاول تقليدها. وتحدثت والدته باكية مؤكدة انهم حاولوا علاجه وقدمت من الاوراق الطبية الداله علي صحة حديثها مؤكدة أن نجلها يعاني المرض وليس مجرما بطبعه. وعقب ان استمعت المحكمة لجميع الاطراف أصدرت حكمها برئاسة المستشار خالد الشباسي وعضوية الدكتور أحمد عاصم عجيلة وماجد مصطفي بمعاقبة الشاب بالحبس3 سنوات ورأت ان تأخذه بالعقاب برغم انها أول قضية له, مشيرة في اسباب حكمها إلي انها وجدت المتهم مسئولا عن افعاله ولايوجد ما يؤثر علي اهليته فخرجت جريمته عن نطاق الاشخاص, وامتدت الي دور العبادة ومن الممكن ان يشكل خطرا علي المجتمع لذلك تري المحكمة ان عقابه يمكن ان يكون علاجا لما يعانيه من مرض بعد ان اخفقت محاولات علاجه طبيا حيث تبين انه يعاني من هذا الامر منذ ان كان عمره71 عاما.