وسط أجواء من الترقب والحذر احتشد المصلون بمسجد الخرطوم الكبير من أطراف العاصمة السودانية لأداء صلاة الجمعة.. وبينما انتهي مئات من المصلين من صلاتهم بعد خطبة حماسية لإمام المسجد أقدم شاب إلي إدارة المسجد طالبا اشهار إسلامه، وما أن أعلن الإمام الخبر إلا وتوافد المصلون الي منبر المسجد ليشهدوا اشهار إسلام ذلك الشاب الذي قال إنه اثيوبي جاء إلي الخرطوم. ردد الشاب الاثيوبي بصعوبة وراء إمام المسجد الشهادتين اعلانا منه علي الدخول في الاسلام، وهو ما اجتذب الكثير من المصلين للالتفاف حوله .. وفي هذه الاجواء ظهرت اصوات بعض المصلين تقول " ساعدوه يا اخواننا ".. فأخرج كثير من الحاضرين ما يستطيع عليه من اموال للتبرع بها لذلك الشاب. هذا المشهد يمكن أن يتكرر في أي مسجد أو أي مركز إسلامي خاصة في الدول الإسلامية.. لكن المفاجأة فيما كشفه عدد من المصلين ومن بينهم مهندسون مصريون يعملون في الخرطوم بأن مسالة اشهار الإسلام تتكرر كثيرا في مساجد الخرطوم لأنها فرصة لجمع الاموال والتبرعات. ويروي المهندس محمد يونس في هذا الاطار أن هناك مساجد تشهد اشهار إسلام حوالي 15 شخصا في الاسبوع ولكن في كل مرة لانجد الاشخاص الذين يعلنون اعتناقهم للاسلام، ويضيف: هذا المشهد معتاد في الخرطوم.. حيث نجد شبابًا واشخاصا من جنوب السودان أو دول افريقية مجاورة مثل اوغندا أو كينيا او اثيوبيا أو تشاد يأتون ويطلبون اشهار اسلامهم وبعدها يبادر المسلمون هنا بجمع مبالغ مالية تساعدهم علي العيش وتعلم مبادئ الدين الجديد الا أنهم يختفون بعدها. وأضاف أن التبرعات قد تصل إلي مائة جنيه علي الاقل، وبالتالي هناك من لم ينخدع بمثل هذه المشاهد ويعتبرونها محاولة لجمع الاموال من المصلين تعاطفا معهم بعد الدخول في الاسلام. تناقض في توقيت الجمعة ومن المفارقات التي كشفتها صلاة الجمعة في الخرطوم أيضا أن توقيت الصلاة ليس موحدا في جميع المساجد.. حيث يتوقف ذلك علي إمام المسجد ووقت صعوده المنبر فقد يكون ذلك في الواحدة والنصف أو في الثانية أو في الثالثة .. حيث يؤذن للصلاة في توقيت الظهر العادي وبعدها يجتمع المصليون انتظارا لأذان آخر خاص بصعود الإمام للمنبر. وحسب ماهو متعارف عليه فأن الإمام يختار توقيت صعوده المنبر فمنهم من يري أن التوقيت الشرعي قبل زوال الشمس، أي قبل الثانية ظهرا ومنهم من يري أنها بعد الزوال، وهناك مدن مثل ملكال في الجنوب يصعد الإمام المنبر في الثانية .. ونتيجة لذلك قد تنتهي صلاة الجمعة في بعض المساجد قبل أذان العصر بفترة بسيطة وعليه ينتظر المصلون حتي الفريضة الثانية. التغيير يبدأ من مسجد عباس بدأ بناء المساجد في السودان في عهد الخلفاء الراشدين، وحسب منشور أصدرته إدارة المسجد فإن اول مسجد كان في عهد عثمان بن عفان في 652 ميلاديا.. ثم تلاه مسجد دنقلا العجوز في عام 1318 علي يد الملك النوبي المسلم سيف الدين برشنبو.. في حين جاء مسجد الخرطوم الكبير " مسجد عباس سابقا " وذلك نسبة إلي الخديو عباس الذي أنشأه أثناء توليه الحكم في 1892 وقت أن كانت مصر والسودان دولة واحدة. ويقع المسجد في وسط ميدان عباس وهو في قلب العاصمة الخرطوم ومحور حركتها وأحد أبرز معالمها المعمارية القديمة.. ونظرًا لموقعه الجغرافي رفعت إدارة المسجد شعارا " من هنا يبدأ التغيير" باعتبار أن المساجد لها تأثير كبير علي السودانيين الشماليين نظرا لتدينهم وارتباطهم القوي بالدين.