سعر نفط عمان يسجل 75.49 دولار للبرميل    الين يهبط بعد استبعاد مسئول في بنك اليابان رفع الفائدة    القائم بأعمال رئيس جامعة طنطا يشارك في ورشة عمل بالتعاون بين المجلس الأعلى للجامعات    تركيا تعلن رسميا انضمامها لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل في «العدل الدولية»    أولمبياد باريس .. محمد متولي يخسر فرصة الترضية ويودع منافسات المصارعة الرومانية    تحرير 11 محضرًا ومصادرة 250 بطاقة تموين داخل مخبز بكفر الشيخ    متابعة مشروعات حياة كريمة بقرى مركز أرمنت غرب الأقصر    المصرف المتحد و«مصر الخير» يسلمان أجهزة تعويضية لذوي الإعاقة بشمال سيناء    أضرار كبيرة جراء فيضانات في غربي اليمن    الشرطة البريطانية تتأهب لمواجهة مزيد من أعمال الشغب اليوم    حملة "ايد واحدة" تواصل جهودها لدعم مليون ونصف أسرة    مانشستر سيتي يستهدف نجم ريال مدريد    الاتحاد الدولي للخماسي الحديث يعقد مؤتمرا صحفيا قبل انطلاق المنافسات الأولمبية    الشباب والرياضة تعلن إنشاء وحدة للطب الرياضي بمحافظة مطروح    محافظ بني سويف يبحث التعاون وضبط الأسواق مع رئيس جهاز حماية المستهلك    المشدد 15 سنة للمتهمين بالشروع في قتل سائق لسرقته بالمطرية    عاصفة ترابية شديدة تضرب محافظة أسوان    بالأسماء.. تعليم شمال سيناء تعلن نتيجة الثانوية العامة بنسبة نجاح 95.6%    الدرندلي يهنئ علماء جامعة الزقازيق الحاصلين على جوائز الدولة    شيرين عبد الوهاب تستعد للعودة للساحة الفنية بأغنيتين | التفاصيل    مفهوم ريادة الأعمال في نقاشات الملتقى 17 لفنون وثقافة المرأة بالإسكندرية    في مهرجان العلمين الجديدة.. كريم عبد العزيز ونيللى كريم يعودان إلى خشبة المسرح ب«السندباد»    تفاصيل تجهيزات ألبوم رامي جمال الجديد للشتاء    وزير الصحة يعقد اجتماعاً مع ممثل "اليونيسيف" للتعاون بمبادرة "الألف يوم الذهبية"    هيئة الرعاية الصحية تكشف نتائج حملة «اطمن على ابنك» للعام الدراسي 2024/2025    محافظ القليوبية يتفقد عيادة الكشف على المواطنين بأسعار رمزية    وزير الصحة والسكان يناقش تحويل أحد المباني بمعهد ناصر إلى مستشفى تخصصي للأطفال    «فولكس فاجن» تستعد لإطلاق سيارتها الخدمية T7 الجديدة بحلول 2025    الأونروا: أعطينا اللقاحات لنحو 80% من أطفال غزة منذ بدء الحرب    23.8 مليون جنيه.. إيرادات شباك تذاكر أفلام السينما في أسبوع    "الدكتور قالي مش هتخلف".. الورداني يكشف عن أمراض لا يجوز إخفاؤها قبل الزواج    حكم ترك حضور صلاة الجمعة لموظف الأمن    السادس "علمى رياضة" بالثانوية العامة: يجب تنظيم الوقت مع تحديد الأولويات    يونايتد يعرض راتبا مغريا على نجم بيرنلي    مديرية العمل بالإسكندرية تعلن عن 320 فرصة عمل للشباب (تفاصيل)    البورصة تقرر شطب شركة ثقة لإدارة الأعمال إجباريًّا    الصحة تطمئن مرضى السكر: «جاري ضخ كميات كبيرة من الأنسولين في الصيدليات»    «خسائر مالية».. توقعات برج الحوت غدًا الخميس 8 أغسطس 2024 (تفاصيل)    محافظ الجيزة : تخفيض القبول بالثانوي العام إلى 220 درجة    «الصحة»: أكثر من 1.8 مليون قرار علاج على نفقة الدولة بتكلفة تجاوزت ال 10 مليارات جنيه خلال 6 أشهر    الحماية المدنية بالفيوم تنجح فى إنقاذ شخص احتجز داخل مصعد    306 أيام من الحرب.. إسرائيل تواصل حشد قواتها وتوقعات برد إيراني    رئيس دمياط الجديدة يتفقد أعمال إحلال وإعادة تأهيل المرافق بالمنطقة الصناعية    توافق سياسي جديد.. نجاحات الحوار الوطني في معالجة الملفات الشائكة    رئيس الأركان يتفقد إحدى وحدات التدريب الأساسى لإعداد وتأهيل المجندين    محمد صبحي: قدمت شخصيات عديدة من الواقع ورفضت تكرارها وأتمنى تقديم أعمال لسعد الدين وهبه    وزير الإعلام اللبناني: اجتياح إسرائيل للبنان سيكلفها أكثر من حرب 2006    العثور على جثث 20 قياديا في حزب الشيخة حسينة ببنجلاديش    وزيرة التضامن تلتقي ممثل «يونيسف» في مصر لبحث سبل التعاون المشترك    بلومبرج: المرشح الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس الأمريكي تربطه صلات قوية بالصين    السجن المشدد 5 سنوات للأقارب الأربعة بتهمة الشروع في قتل شخص بالقليوبية    مجانا.. موعد إعلان نتيجة الثانوية العامة 2024 في المدارس    طارق سليمان: كل لاعبي المنتخب جاهزون لمواجهة المغرب باستثناء واحد    منافسات منتظرة    موعد مباراة منتخب مصر وإسبانيا في كرة اليد بربع نهائي أولمبياد باريس والقنوات الناقلة    أسامة قابيل: الاستعراض بالممتلكات على السوشيال يضيع النعمة    هل يجوز ضرب الأبناء للمواظبة على الصلاة؟ أمين الفتوى يجيب    للسيدات.. هل يجوز المسح على الأكمام عند الوضوء خارج المنزل؟ الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة السياسية والإرادة الشعبية

تنمية الثقافة السياسية أو تطويرها قضية مهمة لبناء أي نظام ديمقراطي, وهي أكثر أهمية في مراحل التحول. وإذا أردنا أن نوجه هذه العملية أو نتحكم فيها علينا أن نفهم مكنون العوامل التي تؤثر فيها إن سلبا أو إيجابا; فنعظم ماله دور إيجابي ونقلص من سطوة السلبيات. تقليديا ثمة اتفاق علي أن وسائل الإعلام والأحزاب والمؤسسات التعليمية ودور العبادة. وربما منظمات المجتمع المدني الأخري هي التي تتولي هذه المهمة... وهذا صحيح علي المدي الطويل, لكن هناك عوامل سريعة التأثير; وبالتالي فالتعويل عليها يعد أكثر جدوي.
وإن تكن القيم والاتجاهات التي تتشكل لدي المواطنين إزاء السلطة هي جوهر الثقافة السياسية; فإن ذلك يعني عدة أمور: الأمر الأول هو أن هذه الثقافة تصير أكثر عرضة للتبدل والتغير في لحظات التحول السياسي برغم ما يعرف عنها من الثبات النسبي والذي يستلزم وقتا طويلا لتغييرها. الأمر الثاني هو أن الممارسات السياسية من جانب مؤسسات الحكم أو من جانب النخب السياسية يتعاظم تأثيرها في الثقافة السياسية قياسا إلي الأدوار التثقيفية أو التوجيهية التي يمارسها الإعلام أو تديرها الأحزاب أو قوي المجتمع المدني, ونتحدث- هنا- يقينا عن حدة هذا التأثير وسرعته. أما الأمر الثالث فهو أن أوجه التأثير السريع في الثقافة السياسية تنصرف إلي أهم مفردتين من مفرداتها وأقصد بهما تشكيل الوعي السياسي للمواطن من ناحية وتدشين رغبته في الممارسة السياسية وقدرته عليها من ناحية أخري; فالمواطن يشارك عندما يري لمشاركته جدوي, وهو يختار في ذلك الوسيلة التي يراها أكثر جدوي!
إذا ترجمنا هاتين المفردتين إلي قيم واتجاهات سوف نتأكد من أن قيمة الثقة في عالم السياسة هي القيمة الكبري التي تصيغ سلوك المواطنين, والثقة لا تقتصر علي النخبة أو علي مؤسسات الحكم وإنما تمتد إلي السياسات والنظم والآليات والمواقف والخطاب العام. ولعل ما حدث منذ بداية الثورة وحتي الآن يعزز هذه المقولة; فقد رأينا في الأيام الأولي للثورة أروع أشكال السلوك السياسي وأكثرها تحضرا, وبعد أن تبين للجماهير أن هناك نخبا تتصارع وتبحث عن مصالحها الخاصة في تجاهل تام للمصلحة العامة أو تغافل عنه تبدت لدي المصريين أسوأ أشكال الانتهازية وشرع كل فرد كما شرعت كل جماعة في البحث عن استفادتها الخاصة كل بطريقته الخاصة أيضا. في المرحلة الأولي ارتفع مستوي الثقة السياسية إلي أبعد حد ممكن بفعل الثورة أو بفضلها, وفي المرحلة الثانية تردي مستوي الثقة إلي أدني معدلاتها.
في تقديري أن الفترة القادمة سوف تعيد صياغة هذه القيمة للمرة الثالثة, وأن هذه الصياغة سوف تظل باقية لفترة غير قصيرة. وسوف يتوقف ذلك بدرجة كبيرة علي كيفية إدارة معارك ثلاث أعتقد أننا مقبلون عليها وعلي مدي النجاح فيها. المعركة الأولي هي معركة الاقتصاد وهي حساسة في بناء الثقة وتعزيزها أو هدم جدارها; فاخفاء الحقائق الاقتصادية عن الجماهير سوف يقلص مستوي هذه الثقة في مؤسسة الحكم, وفي نفس الوقت فإن المصارحة مالم تكن محسوبة وعلي قدر من الوعي قد يترتب عليها فقدان الثقة في الأوضاع والسياسات. ونفس المنطق يسري علي كل جوانب المعالجات الاقتصادية; فكل سياسة اقتصادية تظل سيفا ذا حدين حتي تؤتي ثمارها.
المعركة الثانية هي المعركة القانونية القضائية, ولها شقان: الشق الأول هو الملاحقة القانونية للسياسات والتشريعات التي تتخذها مؤسسات الحكم والتي لاتروق لقوي المعارضة, وربما تلحق هذه المطاردات القانونية بأشخاص من النخبة علي الجانبين. والشق الثاني هو التخوف من احتمال دخول القضاء طرفا في معركة من نوع تصفية الحسابات. وفي الحالتين ليس هناك إلا معني واحد سوف يستقر في ضمير المواطن; وهو افتقاد الثقة في كل الآليات السياسية وأن تصبح مصائر الأمور معلقة في ساحات القضاء, وأن تصبح الأداة القانونية هي الأداة الوحيدة لتسيير مناحي الحياة, وأن تصبح المحكمة هي الجهة الوحيدة التي يناط بها حسم التناقضات السياسية كبديل عن الديمقراطية وآلياتها. البديل الآخر لهذا البديل السابق يتمثل فيما قد تسفر عنه المعركة الثالثة وهي المعركة السياسية والتي سوف يدور رحاها بين الحكم والمعارضة في عدد من الساحات السياسية تعد الانتخابات مجرد واحدة منها. ما أقصده- هنا- تحديدا هو أن يستغل البعض حقيقة الإرادة الشعبية- التي بلورتها الثورة- في تعطيل مسار العمل السياسي من خلال التظاهر في الميادين والاعتصامات وفرض الحصار مما يعطي رسالة للمواطن بأن أسلوب لي الذراع هو الأجدي في تحقيق المطالب.
المزيد من مقالات د.صلاح سالم زرنوقة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.