وزير الزراعة: تحرك جديد من أجل السيطرة على أسعار الكتاكيت والبيض    أحمد موسى: تصريحات الرئيس السيسي تؤكد أن صندوق النقد سبب معاناة المواطنين    براتب 3500.. قدم على شقة في الإسكان الاجتماعي لمحدودي الدخل    بينظير بوتو تعترف ل «أخبار اليوم»    الأهلي يتعادل مع سيراميكا في شوط أول مثير بالسوبر المصري    ريمونتادا جديدة.. أتلتيكو مدريد يحول تأخره لانتصار في الدوري الإسباني    السجن المشدد 3 سنوات لعاطل أحدث عاهة مستديمة لشخص بشبين القناطر    الاعتذارات تتوالى.. وتامر عاشور ينقذ مهرجان الموسيقى العربية    جوري بكر تحتفل بعيد ميلادها: "سنة من عمري مضت بحلوها ومرها" (صور)    رمضان 2025| محمد لطفي يتعاقد على «الحلانجي»    اهتمام إعلامي دولي بحوار «المصري اليوم» مع وزير الخارجية الإيراني    أحمد موسى: الرئيس السيسي «خايف» على البلد.. وصندوق النقد «خراب»    استعدادا لرحلات السياح إلى أسوان.. رئيس هيئة السكة الحديد يتفقد محطة بشتيل    وزير العمل: ندرس إنشاء صندوق لشركات لا تعين معاقين لعمل مشروعات لهم    كواليس تصالح اللاعب أحمد فتوح مع أسرة ضحية حادث العلمين    ملك الأردن: وقف الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان ضرورة    وزير الصحة يدير جلسة «التنمية البشرية في أوقات الأزمات» ضمن فعاليات افتتاح المؤتمر العالمي PHDC24    الأردن داعيا لحظر تسليحها: مذبحة إسرائيل في شمال غزة يتوجب التعامل معها بحسم    عاجل - تفاصيل مشروع وفاء عامر لدعم الأرامل والمطلقات    الانشغال بالعبادة والسعي للزيادة.. أمين الفتوى يوضح أهم علامات قبول الطاعة    رمضان عبد المعز: الإسلام دين رحمة وليس صدام وانغلاق    توقيع الكشف على 241 حالة خلال قافلة طبية بمركز ملوي    استشاري: الدولة وفرت أدوية بالمجان وبأسعار زهيدة لمواجهة فيروس سي    للوقاية من أمراض القلب وتصلب الشرايين.. 6 نصائح عليك اتباعها    التربية والتعليم توضح الفئات المسموح لها دخول امتحانات الثانوية العامة بنظاميها القديم والجديد    تموين الإسكندرية تكثف حملاتها الرقابية على محطات تموين السيارات    أستاذ تفسير: الفقراء حسابهم يوم القيامة أسرع من الأغنياء    نقيب المعلمين يفتتح الدورة التدريبية 105 لمعلمى كفر الشيخ    عقد مجلس شؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة رقم 201 بجامعة الفيوم    الرئيس السيسي بالمؤتمر العالمى للصحة والسكان: مصر لديها تجربة ناجحة فى تحويل المحنة لمنحة.. والقضاء على فيروس سي أصبح تاريخ نتيجة تحرك الدولة بشكل فعال والبطالة انخفضت ل6.5% وواجهنا تحدى النمو السكانى بشكل جيد    ريفالدو يُقيم أداء برشلونة مع فليك وفرص الفوز بلقب الدوري الإسباني    وزير التموين يعقد اجتماعاً مع بعثة البنك الدولى لتعزيز التعاون فى الحماية الاجتماعية    فريق القسطرة القلبية بمستشفى الزقازيق ينجح في إنقاذ حياة 3 مرضى بعد توقف عضلة القلب    الرئيس يوجه والحكومة تنفذ لخدمة الأكثر احتياجا.. جميع استثمارات العام المالي المقبل موجهة لاستكمال مشروعات "حياة كريمة"    صلاة واحدة تغفر الذنوب مهما بلغت.. مرة في الشهر أو العمر تكفيك    القبض على عاطل هارب من إعدام وآخر مطلوب للتنفيذ عليه في 8 أحكام تزوير بالدقهلية    إصابة 4 أشخاص في حادث مروع بطريق نوي - شبين القناطر بالقليوبية    المجلس الوطنى الفلسطينى:انتهاكات المستوطنين باقتحام الأقصى إرهاب منظم    الطيران الحربى الإسرائيلى يواصل غاراته على بلدات جنوب لبنان    كامل الوزير: إعادة طرح قطع الأراضى المسحوبة من المستثمرين غير الجادين    جامعة الزقازيق تعقد ورشة عمل حول كيفية التقدم لبرنامج «رواد وعلماء مصر»    «شبح الإكس يطاردهم».. 3 أبراج تعتقد أن شريكها السابق أفضل    87 شهيدا ومفقودا وأكثر من 40 مصابا جراء مجزرة الاحتلال فى بيت لاهيا شمال غزة    وكيل أوقاف الدقهلية ورئيس جامعة المنصورة يفتتحان معرض الكتاب بالمكتبة المركزية    رد الجنسية المصرية ل24 شخصًا.. قرارات جديدة لوزارة الداخلية    الفنان محمد فوزي.. ذكرى وفاة عبقري الموسيقى    هاتريك ميسي يقود إنتر ميامي لرقم قياسي في الدوري الأمريكي    واشنطن تحقق فى تسريب وثائق سرية لخطط إسرائيل لمهاجمة إيران    مواعيد مباريات اليوم.. ليفربول مع تشيلسي وقمة روما أمام إنتر ميلان في الدوري الإيطالي    رئيس نادي الزمالة السوداني: الاسم أسوة بالزمالك.. ونتمنى ضم شيكابالا مهما كان عُمره    جثة شاب ملقاة بجرجا وآثار طعنات غامضة تثير الرعب.. البحث جارٍ عن القاتل    هل مقولة "اللي يحبه ربه يحبب فيه خلقه" صحيحة ولها أصل في الشرع؟.. الإفتاء توضح    ماذا يحدث فى الكنيسة القبطية؟    استشاري: السيدات أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام «المرض الصامت»    اليوم.. نظر قضية ميار الببلاوي والشيخ محمد أبوبكر    حسام المندوه يطلق تصريحات قوية قبل السوبر المصري    5548 فرصة عمل في 11 محافظة برواتب مجزية - التخصصات وطريقة التقديم    هشام يكن: الزمالك سيدخل لقاء بيراميدز بمعنويات عالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخاطر التوظيف السياسي للمساجد
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 01 - 2013

مع دخول البعد الديني السياسة المصرية, ومع صعود تيار الاسلام السياسي بعد ثورة25 يناير تفاقمت ظاهرة استعمال منابر مساجد مصر للترويج لفكر وتيار سياسي معين بحيث أصبحت بيوت الله ساحة للدعاية السياسية تستغلها القلة التي تستطيع أن تختطف المسجد. أصبحت مساجد مصر ساحة مفتوحة يوظف فيها كثير من الخطباء أو الأئمة المنابر للدعاء لحاكم معين أو الدعاء علي حاكم آخر, أو الدعوة الي التصويت بشكل معين علي موضوع مطروح للتصويت الشعبي. فأنت لاتعرف من هو الامام المنوط به امامة الناس والقاء الخطب ولكن المهمة تتوزع طبقا للأوزان النسبية لبعض علية الخطباء حتي أصبح من التقاليد المستقرة أن توزع كل أسبوع قائمة بأسماء خطباء الجمعة من علية القوم في معظم مساجد مصر الكبري, كلهم لديهم أجندات سياسية مع أو ضد تيارات سياسية معينة. ونظرا لأن من يفعلون ذلك يعلمون بأنهم يمارسون اختطافا للمسجد بل وللاسلام ذاته لصالح أجندتهم الخاصة التي ربما لاتكون من الاسلام في شيء, فانهم يجندون مجموعات من البلطجية الذين يدعون أنهم يصلون ولكنهم مجندون في الواقع لحماية الخطيب السياسي المتحيز وارهاب كل من يجرؤ علي انتقاده. فما إن تعبر للخطيب بعد الصلاة عن اعتراضك علي توظيف المنبر للدعاية السياسية المخالفة للدين, حتي ينطلق الشبيحة للصياح بل وللاعتداء علي المعترضين كما حدث بعد خطبة القرضاوي في الأزهر في25 يناير, وكما حدث بعد خطبة الشيخ ياسر برهامي في الاسماعيلية في18 يناير, حيث تم طرد الصحفيين من المسجد. من ثم يتحول بيت الله الي ساحة للعراك السياسي بل والمشاحنة اليدوية والملاسنة الكلامية التي تهبط بقيمة وكرامة البيت. في أحد المساجد, اعتلي أحد الخطباء المنبر في فترة عدوان حلف الأطلنطي علي ليبيا لكي يدعو بانتصار حلف الأطلنطي( الكافر في نظرهم) علي معمر القذافي متجاهلا الأمر الرباني بالاصلاح بين أي طائفتين من المؤمنين تقتتلان. وفي مسجد آخر اعتلي الخطيب منبر صلاة الجمعة لكي يقول للمصلين أن من يصوت ضد مشروع الدستور فهو شاهد زور وهو مايعادل الشرك بالله. وبالتالي وصف فريق المعارضين للدستور الذين جاءوا لأداء الصلاة بالشرك بالله كأن الموافقة علي مشروع الدستور والايمان بالله صنوان لايفترقان. وكانت النتيجة أن تحولت ساحة المسجد بعد الصلاة الي ساحة للعراك والصياح انطلق فيها مجموعات البلطجة تهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور وتدعو المحتجين الي اختيار مسجد آخر للصلاة كأنهم قد امتلكوا بيت الله وحملوا مفاتيح دخوله في جيوبهم. وفي بعض الأحيان يحتال هؤلاء علي المصلين فلا يتحدثون في تحيزاتهم السياسية في الخطبة ولكنهم يحشرونها حشرا في أثناء الصلاة باجبار المصلين علي الدعاء خلفهم لصالح أو ضد تيار سياسي معين محل جدل بين المصلين فيما يعد خيانة صريحة للأمانة التي يقومون بها حيث يفاجئون المصلين بدعوات قد لايوافق كثير منهم عليها, خاصة اذا كانت تلك الدعوات تتضمن التوصل الي الله بهلاك فريق من البشر وجعل أطفالهم يتامي, وذلك بقلب غليظ ليس فيه من الايمان شيء. يتكرر هذا المشهد في كثير من مساجد مصر بطولها وعرضها دون تمييز بين خطباء أميين وآخرين أساتذة في الجامعة.
يكمل هذا المشهد الهزلي بعد ثورة25 يناير ظاهرة جديدة وهي استقدام خطباء أجانب للالقاء خطب الجمعة في مساجد مصر, كأن مصر قد عقمت من الخطباء الفصحاء من الذين علموا المسلمين أصول الدين. ومن ذلك استدعاء السعودي عائض القرني لكي يخطب في مسجد الحصري في6 اكتوبر, والسعودي العريفي لكي يخطب في مسجد عمرو بن العاص. بالطبع فان الهدف ليس دينيا ولكنه سياسي في الصميم. لأنه لو كان الهدف هو الدين لكان يصلح للمهمة أي إمام مسجد مصري وهم بعشرات الآلاف. لكن الهدف هو استثمار الثقل السياسي للخطيب المستقدم للترويج لفكرة سياسية معينة من خلال توظيف ثقله السياسي الخارجي لدعم تيار معين. كأن يستدعي السلفيون سلفيا أجنبيا لدعم توجههم السلفي, والاخوان خطيبا اخوانيا لدعم فكرهم, وبصرف النظر علن أن البعض منهم مدان في بلده بالسرقة العلمية لكتب غيره ولكن لديه الجرأة لكي يحاضر المصريين حول الايمان والتقوي.
المدهش في الأمر هو أن الدول التي استدعي منها هؤلاء لاتسمح اطلاقا لخطيب لايحمل جنسيتها بالخطبة في أي مسجد فيها, بما في ذلك المساجد التي تهم كل المسلمين كالمسجد الحرام. كما أنها لاتسمح لهم بالحديث في السياسة علي المنابر إلا باذن رسمي, بل إن في بعض الدول الخليجية يتم تسجيل خطب الجمعة والاستماع اليها من وزارة الأوقاف ومحاسبة الخطباء اذا تحدثوا في السياسة خارج اطار الدعوة لولي الأمر, أو خارج اطار ماهو مسموح لهم به. لكن مساجد مصر أصبحت مستباحة لهؤلاء ويتسترون خلف نغمة دغدغة مشاعر المصريين للوصول الي أهدافهم. بينما كان من الأولي اذا كانت لديهم تلك المشاعر لدي المصريين أن يناشدوا حكامهم الغاء نظام الكفيل الذي هو الشكل المعاصر لنظام الرق, أو تطبيق مبدأ المساواة في الأجر بين المسلمين, بصرف النظر عن جنسياتهم والذين يقومون بالعمل ذاته تطبيقا لشرع الله.
أتصور أنه علي وزارة الأوقاف أن تتحمل مسئولياتها ازاء بيوت الله التي أنيط بها مهمة رعايتها لكي تكون مكانا للعبادة, وللتوافق بين المسلمين بدلا من أن تكون منبرا للتيارات السياسية الفئوية وساحة للعراك بين المصلين. ويكون ذلك ببدء خطة فورية لتعيين خطيب وامام في كل مساجد مصر يلتزم بالقاء خطب الجمعة والدروس الدينية في مسجده بنفسه ولايفوض أحدا مهما كان مركزه للقيام بتلك المهمة, علي أن يشمل ذلك المساجد التي أقنعت بعض الهيئات وزارة الأوقاف بترك المسجد لكوادرها. فقد استخدمت تلك الهيئات هذه الرخصة بعد ثورة25 يناير لكي تفرض سطوتها الارهابية علي المسجد وتوظفه لصالح أجندتها الفئوية. ويشمل ذلك أن يقتصر دور الخطيب والامام علي الدعوة والتعبير عن الأمور المتوافق عليها والبعد عن الأمور المختلف حولها. ويشمل ذلك أيضا عدم السماح لغير المصريين بالخطابة في المسجد إلا إذا كانت دولة هذا الخطيب تسمح للأئمة المصريين بالخطابة في مساجدها, تطبيقا لمبدأ المعاملة بالمثل.
أناشد فضيلة شيخ الأزهر أن يصوغ سياسة معلنة حول الخطابة علي منبر الجامع الأزهر يكون في مقدمتها حظره هذا المنبر علي أصحاب الأجندات السياسية مهما كانت صلتهم بالسلطة وبالذات اذا لم يكونوا مصريين. وليس في ذلك انقاصا من قضية وحدة المسلمين ولكنه اعلاء لقيمة المساواة بين المسلمين. فمساجد مصر ليست ساحة مفتوحة لكل من هب ودب. لأن الأمر جد خطير واذا استمر الاتجاه الحالي فاننا سنشهد تحول مساجد مصر لأول مرة في تاريخها الي ساحة مفتوحة للاقتتال بدلا من أن تكون ساحة حرة لعبادة الله تعالي.
المزيد من مقالات محمد السيد سليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.