أصبحت عمليات التجميل بمثابة حالة من الهوس لا يمكن النجاة منها أملا فى الوصول إلى الكمال بفعل تأثير مواقع التواصل الاجتماعى ولا سيما عند المراهقين ومدمنى «السيلفي» الذين يتسابقون فى التقاط صورهم لتبدو أكثر مثالية عند مشاركتهم بها على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة أنهم يتلقون تعليقات فورية على صورهم ويقارنون أنفسهم بالآخرين، وهو ما جعل عددًا كبيرا منهم يلجأ لإجراء عمليات التجميل. ويشير التقرير الذى نشرته مجلة «التايمز» الأمريكية إلى أنه على الرغم من وجود آلاف التطبيقات المتاحة والتى يستطيع من خلالها المراهقون تعديل صورهم لتكون مناسبة لنشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعية، ولا سيما «الانستجرام»، فإن ذلك لم يثنهم عن الإقبال على إجراء هذا النوع من العمليات ، والتى أصبحت مثل ماراثون يتسابقون فيه للوصول إلى الصورة المثالية من وجهة نظرهم، فهؤلاء المهووسون بالتقاط صور «السيلفي» والذى بات واحدا من أمراض العصر المنتشرة مؤخرا، كانوا سببا فى دفع بعض المراهقين إلى الانتحار و الاكتئاب نتيجة قلة تفاعل الآخرين على صورهم، علاوة على ذلك فقد توصلت دراسة طبية حديثة إلى أن صور «السيلفي» تعد سببا فى الاصابة بالشيخوخة المبكرة، فتعرض البشرة للضوء الأزرق والأشعة الكهرومغناطيسية التى تنبعث من الهواتف الذكية بصورة مستمرة يتسبب فى ضرر البشرة على المدى الطويل. والغريب فى الأمر انتشار الإعلانات التى تشجع على إجراء مثل هذه العمليات لمن بلغوا سن 13 عاما. فعلى سبيل المثال قام أحد المراكز الطبية بتقديم إعلان على وسائل التواصل الاجتماعى يحمل أسم نجمة تليفزيون الواقع «كيم كاردشيان» يشمل تجميل الفك ، والخدين، ونحت الذقن، ومن المدهش أن هذا الإعلان لاقى اهتمام ما يقرب من 10,0000 متابع، ويرى العديد من الخبراء أن الترويج لإعلانات الجراحات التجميلية للمراهقين مثيرة للقلق وتصرف غير مسئول. وفى هذا السياق قال «راجيف جروفر» رئيس الجمعية البريطانية لجراحة التجميل: «إن هذه العروض يجب أن تكون تحت إشراف طبى وليس مجرد علاج تجميلي، حيث من الممكن أن تؤدى إلى تشوهات خطيرة، خاصة أنه لا توجد سن قانونية محددة تحكم خضوع هؤلاء المراهقين لهذه الجراحات». وقد أعلنت الجمعية الأمريكية لجراحى التجميل مؤخرا أنه تم إجراء أكثر من 220 ألف عملية تجميل على المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و 19 عاما ، ومن العمليات الجراحية الأكثر شيوعا جراحة الأنف وجراحة الأذن، بالإضافة إلى ذلك ، تم إجراء أكثر من 160.000 عملية تجميل غير جراحية فى هذه الفئة العمرية، وكان أكثرها شيوعا حقن البوتوكس.وأفادت الدراسة أيضا أن آلاف المراهقين يلجأون إلى هذا النوع من الجراحات بسبب ضغوط وسائل التواصل الاجتماعى ، وأن نحو 6% من الفتيات اللواتى تتراوح أعمارهن بين 13 و 16 خضعن لجراحات تجميل لتحسين مظهرهن لأسباب غير طبية . وتشير الرابطة الطبية الأمريكية إلى وجود صلة وثيقة بين زيادة معدلات استخدام وسائل التواصل الاجتماعى وزيادة مستويات القلق والاكتئاب، ولذلك فإنها توصى لمواجهة هذه الأزمة بضرورة مشاركة الآباء أبناءهم فى متابعتها، ليصبحوا على دراية كاملة بالمواقع التى يترددون عليها، ومشاهدة ما يراه أبناؤهم وذلك لمساعدتهم فى تخطى هذا الهوس و معالجته، لأن هؤلاء المراهقين فى هذه السن لا يمتلكون حسا كاملا بالهوية والقدرة على التفكير، وتقدير العواقب الناتجة عن إجراء هذه الجراحات.