من مياه الشرب والصرف الصحي الي الطرق والكباري والمدارس والمستشفيات, ومن الإنشاء الجديد إلي الاحلال والتجديد, ومن مشروعات البناء والإسكان الي الري وتطهير الترع, ومن المواصلات والاتصالات وحتي أبسط المرافق والخدمات.. تعاني محافظات مصر حاليا من تعثر واضح وخطير بسبب نقص الاعتمادات المالية في المقام الأول, ثم بعد ذلك تأتي الأيدي المرتعشة وارتباك الإدارة لتضيف مأساة جديدة الي مآسينا اليومية لتنخر في أساسات البنية التحتية التي تزداد سوءا يوما بعد يوم. وقد لا يبدو في الأفق ما يشير الي أن الحالة الراهنة علي وشك الانفراج, ربما بسبب الارتباك السياسي الحاصل علي الساحة ومشاحنات النخبة من حكومة وبرلمان وقوي سياسية مختلفة, وهو الأمر الذي ألقي بظلال واضحة علي القيادات التنفيذية في كل موقع, حيث كان سوء اختيار هذه القيادات عاملا مشتركا امتد من الإدارة المحلية الي الادارات الأخري المرتبطة بصورة مباشرة مع الجماهير التي اكتشفت منذ الوهلة الأولي أننا نسير من سيء الي أسوأ. مراسلو الأهرام في المحافظات يرصدون حالة المشروعات المتعثرة علي الطبيعة, كذلك حالة الارتباك التي تخيم علي صانع القرار في كل موقع. علي الرغم من الموقع الاستراتيجي المهم الذي تشغله محافظة الاسماعيلية باعتبارها أحد البوابات الرئيسية لحماية الأمن القومي المصرية من الجهة الشرقية وتوسط قناة السويس المرفق الملاحي العالمي لأراضيها حيث تقع نحو48% من مساحة المحافظة شرق قناة السويس, وعلي الرغم من وقوع المحافظة علي شبكة من الطرق الرئيسية والسريعة وقربها من المواني الرئيسية من مواني السويس وبورسعيد ودمياط ومطار القاهرة إلا أن هناك العديد من المشروعات المهمة والاستراتيجية التي مازالت تقف كخيال المأتة علي الرغم من انفاق الملايين عند بداية انشائها وذلك بسبب نقص الاعتمادات المالية وغياب الارادة الادارية والسياسية للمضي قدما في نهو هذه المشروعات ذات الابعاد الاستراتيجية الهامة. ومن ابرز المشروعات المتوقفة مستشفي الطواريء بجامعة قناة السويس التي تعاني من توقف استكمال المنشأت علي الرغم من مرور أكثر من10 سنوات علي انشائه وانفاق أكثر من50 مليون جنيه علي البنية الأساسية للمشروع والمفاجأة أن المشروع توقف عند حدود الانشاءات فقط علي الرغم من انفاق هذه الملايين حيث يحتاج إلي أكثر من90 مليون جنيه لاستكمال التجهيزات وشراء الأجهزة وخاصة أسرة العناية المركزة. ويعد المستشفي ضرورة لا غني عنها وذلك في ظل المشاكل اليومية التي تعاني منها مستشفيات المحافظة بسبب النقص الحاد في أعداد أسرة العناية المركزة ونظرا للزيادة المستمرة في الحوادث بمنطقة القناة وسيناء ووقوع المحافظة في ملتقي الطرق الرئيسية بين العديد من المحافظات مثل بورسعيد والسويسوالشرقيةوالقاهرة وشمال وجنوب سيناء فضلا عن دوره في رفع المعاناة عن أبناء اقليم شرق الجمهورية في السفر إلي القاهرة أو الزقازيق للبحث عن سرير بمستشفياتها العامة أو الخاصة. ويشير الدكتور أحمد اللبان رئيس أقسام الجراحة بجامعة قناة السويس إلي أن عملية انشاء المستشفيات تفتقد إلي خطط التشغيل والتأسيس المادي ويؤكد ان مستشفي الطواريء زادت اليه الحاجة منذ10 سنوات باعتبار ان مستشفيات الاسماعيلية تصب فيها الحوادث باعتبارها مركزا لأكبر شبكة طرق في مصر كما أن طب الطواريء اصبح يحتاج إلي أطباء متخصصين وتخصصات معينة كما ان الاسماعيلية تصب فيها اصابات الحروب فهي خط الدفاع الأول ولذا فمستشفي الطواريء يعد مستشفي ميدانيا تم تصميمه لمواجهة أي طواريء حيث يضم غرف عمليات تحت الأرض وشبكة لتوصيل الغازات في جميع الحجرات كما يمكن تحويل قاعات الاجتماعات إلي حجرات للمرضي عند الضرورة ويشير إلي أن هناك معاناة يومية نظرا لأن مصابي الحوادث الذين لا يجدون أماكن بمستشفيات الاسماعيلية يتم نقلهم للزقازيق أو القاهرة وغالبا ما يتعرضون للوفاة في الطريق أو الانتظار علي التروللي أو البحث كعب داير علي المستشفيات الأخري التي تتطلب نفقات عالية تصل إلي الفي جنيه في اليوم الواحد. ويؤكد أنه كانت هناك محاولات لتجهيز المستشفي علي مراحل باعتباره وحدات منفصلة إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل ويستعرض اللبان هذه المحاولات قائلا: بدأت المحاولات بمحاولة الحصول علي تمويل من وزارة التعليم العالي وفشلت ثم محاولة أخري لعمل تمويل مشترك مع وزارة الصحة باعتبار أن المستشفي يقوم بعلاج مواطني الاسماعيلية الا أن الفشل كان أيضا مصير المحاولة ثم وصلت المحاولات إلي درجة قيام رئيس الجامعة الأسبق بإصدار قرار بتسميتها علي اسم أحد شيوخ دولة الامارات العربية المتحدة إلا أن التمويل تم سحبه في اللحظات الأخيرة ثم محاولة أخري مع وزير الصحة لجعلها مستشفي متكاملا مع مستشفي العريش الميداني بعد أن ظهرت الحاجة له أثناء الحرب الاخيرة علي غزة ثم المحاولة الاخيرة بمحاولة توجيه انفاق اعضاء مجلس الشعب بالملايين أثناء الحملات الانتخابية نحو دعم المستشفي إلي أن الفشل أيضا كان مصيرها. ويعد مشروع وادي التكنولوجيا شرق قناة السويس والذي تم البدء في انشائه منذ أكثر من17 عاما علي مساحة16 ألفا و500 فدان لاقامة صناعات البرميجيات والهاي تيك والسوفت وير من المشروعات التي تعرضت للتوقف علي الرغم من الآمال العريضة التي واكبت التفكير في انشائه باعتباره من ضروريات الأمن القومي في صناعة البرمجيات من ناحية والمساهمة في القضاء علي الفراغ الاستراتيجي الذي تعاني منه سيناء من ناحية أخري حيث كان المشروع يعد النواة الأساسية لإقامة مدينة الاسماعيليةالجديدة شرق قناة السويس علي مساحة130 ألف فداتن في صورة مجتمع متكامل يضم مؤسسات زراعية وصناعية وتعليمية وسكنية متكاملة. ويشير الدكتور رأفت عبدالعظيم أحد المخططين والمصممين الرئيسيين لمشروع وادي التكنولوجيا إلي أن المشروع يعد من المشروعات القومية التي اثبتت الدراسات جدواه الكبري مؤكدا ان البدء في التفكير في اقامته كان سابقا لشروع اسرائيل بإقامة مثل هذا النوع من المشروعات ويشدد علي أن توقف المشروع لم يكن بسبب الامكانيات بل كان لأسباب سياسية وأسباب غير منطقية خاصة إذا علمنا أنه كان بمنزلة أمن قومي في صناعة البرمجيات خاصة مع وجود العمالة الماهرة والمدربة بشهادة شركات عالمية قامت بإجراء الاختبارات للمصريين في القاهرة مثل شركة مايكروسوفت وشركة انتل وأضاف بأنه تلقي دعوة من جامعة هارفارد الأمريكية في عام1998 للحديث عن المشروع أمام نادي أعضاء هيئة التدريس بالجامعة والذين انبهروا بالمشروع وفكرته ويؤكد أن الوادي في الوقت الحالي في حاجة إلي تطوير الدراسات السابقة خاصة ان المشروع كان يقوم علي انشاء صناعات وجامعة ومعارض للمنتجات وحضانات للبرمجيات من عدة دول مثل الهند وفرنسا. ومن المشروعات الهامة التي مازالت في طي النسيان مشروع مدينة فوديكو السكنية بجوار جامعة قناة السويس والذي مازال حبيس الأدراج منذ أكثر من15 عاما وذلك علي الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلها المحافظون الذين تعاقبوا خلال هذه الفترة الطويلة علي المحافظة مع إحدي الجهات السيادية لحل مشكلة الأرض الخاصة بالمشروع والذي يعد الأمل الاخير أمام مواطني الاسماعيلية للحصول علي مسكن ملائم غرب قناة السويس بأسعار مناسبة ويتمتع بالمواصفات العصرية والبيئية والتخطيطية والمساحات الكبيرة من المسطحات الخضراء. كما يعد مشروع تطوير سوق الجمعة من المشروعات التي مازالت تمثل لغزا كبيرا علي الرغم من أن السوق تعد بؤرة خطيرة من بؤر التلوث بمدينة الاسماعيلية ومن الغريب أن المحال الخاصة بتطوير السوق مازالت مغلقة منذ فترات علي الرغم من الدور الكبير الذي يمكن أن تقوم به في حل مشكلة التلوث والفوضي المرورية والزحام التي تتسبب عن السوق كما يعاني انشاء مشروع سوق السمك الجديد بالقرب من بحيرة الصيادين من التوقف علي الرغم من تسبب السوق الحالية بمدينة الاسماعيلية في مشكلات عديدة لسكان المنطقة التي يقع بها السوق من انتشار الفئران والروائح الكريهة.