التساهل في أمر الدَيْن وعدم اهتمام المقترض بأداء ما عليه من الدَيْن أمر محرم، بل كبيرة من كبائر الذنوب، وقد ثبت الوعيد على ذلك في أحاديث منها: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَخَذَ أموال الناس يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ، فمن أخذ مال الناس بنية عدم الوفاء صار خائنا وسارقا حتى ولو كان مجاهدَاً شهيداً فى سبيل الله وعليه دين، فرغم كونه شهيدا فإنه يحجب عن الجنة,ومن مات وعليه دين قضى من حسناته .. ومن تداين بدين وفى نفسه وفاؤه ثم مات تجاوز الله عنه ، وأرضى دائنه بما شاء بأن يزيد فى حسناته ويغدق عليه من نعمه. يقول: البغوي في كتابه(شرح السنة) إن الحديث الشريف يعتمد على جملة شرطية أساسية وأخرى فرعية تكمل معنى الجملة الأولى وأفعال الشرط والجواب كلها فعلية إشارة إلى كون أمور التعاملات بين الناس تقع بصورة مستمرة تستلزمها طبيعة الحياة، وأن الدين كله يقوم على حسن المعاملة. ومن أخذ أموال الناس كناية عن وجوه التعامل بين الناس كالقرض، والودائع والدين وغير ذلك ثم قال: يريد أداءها كناية عن صحة النية، وحسن العزم على السداد، والنتيجة طيبة (أدى الله عنه) جملة الجواب وتدل على عون الله تعالى له على ردها وقد وفقه الله وألهمه رشده ، وفتح له أسباب السداد. ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها، كناية عن عدم الرغبة فى الرد، والطمع من المقترض والنتيجة صعبة هذه المرة(أتلفه الله) كناية عن أن الله تعالى أتلف أمواله فى الدنيا بكثرة المصائب ومحق البركة، وإذا مات وعليه الدين، ولم يسدد عنه ورثته يكون قد عرض نفسه لسوء العاقبة. والحديث الشريف فيه إيجاز للمعانى، وكلمات دقيقة متآلفة وجملة (يريد أداءها) أدى الله عنه، فيه جناس جعل الكلام متآخيا والمقابل لهذه الصورة (يريد إتلافها أتلفه الله) كذلك هو جناس نقلنا إلى حالة أخرى من الجزاء الذى يترتب عليه سوء القصد والنية.