أجمع الفقهاء علي مشروعية القرض لمن يحتاجه. وأنه من حيث الأصل سنة يثاب فاعلها» لأنه من باب التعاون علي البر الذي دعا إليه القرآن الكريم في قوله سبحانه: "وتعاونوا علي البر والتقوي" "المائدة:2".وأخرج ابن ماجه بإسناد فيه مقال عن ابن مسعود. أن النبي. صلي الله عليه وسلم. قال "ما من مسلم يقرض مسلماً قرضاً مرتين إلا كان كصدقتها مرة". وأخرج مسلم عن أبي هريرة ان النبي. صلي الله عليه وسلم. قال: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. ومن يسر علي معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة. ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه". وأجمع الفقهاء علي ان القرض يصير ديناً في ذمة المقترض لا تبرأ إلا بأدائه أو إسقاط المقرض عنه هذا الدين» لأن الاستيلاء علي مال القرض أكل للمال بالباطل. وقد قال تعالي: "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم" النساء: 29". وأخرج ابن حبان في صحيحه من حديث أبي حميد الساعدي. أن النبي. صلي الله عليه وسلم. قال: "لا يحل لمسلم أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفس منه". قال ذلك: لشدة ما حرم الله من مال المسلم علي المسلم. ويجب علي المقترض ان يكون حسن النية في رد القرض لصاحبه. فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة أن النبي. صلي الله عليه وسلم. قال: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدي الله عنه. ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله". ولا يجوز للمقرض أن يشترط علي المقترض رد أكثر مما اقترض. والا كان شرطاً محرماً بالاجماع» لما رواه الحارث بن أبي أسامة باسناد ضعيف. وتلقته الأمة بالقبول. عن فضالة بن عبيد. ان النبي صلي الله عليه وسلم قال: "كل قرض جر منفعة فهو وجه من وجوه الربا". أما اذا تطوع المقترض- من باب حسن المعاملة والشكر علي المعروف- بتقديم هدية زائدة علي القرض فقد ذهب كثير من الفقهاء عند المالكية والحنابلة إلي تحريم تلك الهدية الزائدة» لأنها من الربا- وإن لم تكن مشروطة في عقد القرض- لأن الزيادة جاءت بمناسبة القرض. وذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية وبعض المالكية إلي ان هذه الهدية الزائدة من باب رد المعروف طالما لم تكن مشروطة في عقد القرض» استدلالاً بما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي رافع. أن رسول الله. صلي الله عليه وسلم. استسلف من رجل بكرا- يعني جملاً- فقدمت عليه ابل من ابل الصدقة. فأمر أبا رافع ان يقضي الرجل بكره. فرجع إليه أبورافع. فقال: لم أجد فيها إلا خياراً رباعياً. فقال. صلي الله عليه وسلم: "اعطه إياه ان خيار الناس أحسنهم قضاء".