وسط مخاوف من فشل واشنطن في رأب الصدع الذي أصاب العلاقات الأمريكية- الخليجية، يقيم الرئيس الأمريكى باراك أوباما مأدبة عشاء في البيت الأبيض خلال ساعات لاستقبال قادة دول الخليج المشاركين في القمة الخليجية- الأمريكية. ومن المقرر أن يعقد أوباما سلسلة من الاجتماعات الثنائية مع القادة الخليجيين في البيت الأبيض، قبل انطلاق اجتماعات القمة في منتجع كامب ديفيد الرئاسي اليوم، وذلك في إطار الجهود الأمريكية الحثيثة لطمأنة حلفائها إلى أنها ستظل يقظة إزاء تصرفات طهران «المزعزعة» للاستقرار خلال المفاوضات حول الملف النووي الإيراني. وتنعقد القمة في أجواء من التوتر، وبعد ساعات على دخول هدنة إنسانية حيز التنفيذ في اليمن بعد سبعة اسابيع من الغارات الجوية التي يشنها التحالف العربي بقيادة السعودية ضد المتمردين الحوثيين. وفي غياب العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي عدل عن الحضور في اللحظة الأخيرة، فإن أوباما سيجري محادثات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف ،وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في المكتب البيضاوي قبل انطلاق القمة مع زعماء دول مجلس التعاون الخليجي في كامب ديفيد. وقبل ساعات من انطلاق القمة، أكد أوباما، فى تصريحات صحفية، أن واشنطن لا تزال حذرة ومتيقظة إزاء تصرفات إيران المتهورة والمزعزعة للاستقرار، واعترف بأن دول المنطقة محقة في شعورها بالقلق إزاء أنشطة إيران، خاصة إزاء دعمها لمجموعة عنيفة داخل حدود دول أخرى». وللمرة الأولى، رصد أوباما الدول التي تتدخل فيها إيران عن طريق تقديم الدعم لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وحزب الله في لبنان ،وحركة حماس في قطاع غزة ،والحوثيين في اليمن، وذلك في إطار دفاعه عن المفاوضات النووية. وأضاف: «يمكننا أن نتخيل كيف يمكن أن تصبح إيران أكثر استفزازا إذا كانت تمتلك سلاحا نوويا، وهذا هو أحد أسباب الاتفاق الشامل الذي نسعى إليه مع إيران لنزيل أحد أخطر التهديدات لأمن المنطقة»، ودافع عن التواصل مع طهران قائلا إنه وسيلة لدمج إيران في المجتمع الدولي وتعزيز زعمائها الأكثر اعتدالا. كما أشار أوباما أيضا إلى انتشار آلاف الجنود الأمريكيين في المنطقة، وشدد على أن الولاياتالمتحدة تقوم بعدة مناورات عسكرية مشتركة في المنطقة سنويا، مؤكدا أن دول الخليج يجب ألا يكون لديها «أي شك» إزاء التزام الولاياتالمتحدة تجاه «شركائها» في مجلس التعاون الخليجي. وقال اوباما إن الهدف من القمة الخليجية-الأمريكية هو «تعزيز وتقوية شراكتنا الوثيقة، بما في ذلك التعاون الأمني ومناقشة كيفية مواجهة التحديات المشتركة معا.» وأضاف أن المباحثات ستتناول أيضا «العمل على حل الصراعات في منطقة الشرق الأوسط التي قضت على حياة أعداد كبيرة من الأبرياء وتسببت في الكثير من المعاناة لشعوب المنطقة.» يأتي ذلك في الوقت الذي دعا فيه جون كيري وزير الخارجية الأمريكي أمس إلى ترتيبات دفاعية أكثر وضوحا بين دول الخليج والولاياتالمتحدة وحلف شمال الأطلنطي (الناتو) لمكافحة الإرهاب، وذلك قبل اجتماع وزراء خارجية الناتو في أنطاليا جنوب غرب تركيا. وأوضح كيري «أعتقد أن جميع الدول الأعضاء في الحلف على قناعة بأن وضع ترتيبات دفاعية أوضح مع دول مجلس التعاون الخليجي، وغيرها من الدول الصديقة وبين الولاياتالمتحدة سيكون أساسيا لمساعدتها على التصدي للإرهاب». وأضاف أن هذا النوع من الاتفاقات يمكن أن يساعد على مكافحة الأنشطة التي تجري في المنطقة والتي تزعزع جميع هذه الدول، في اشارة إلى التمرد الحوثي في اليمن. وفي غضون ذلك، أشارت وكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية إلى اعتراف كيري بأن تصدير صواريخ الدفاع الجوي الروسية إلى إيران لا يخالف القانون الدولي. فقد أكد الوزير الأمريكي، عقب لقائه نظيره الروسي في سوتشي، فى ردعلى سؤال حول احتمال تصدير منظومات الدفاع الجوي الصاروخية الروسية «إس-300» إلى إيران، قائلا :»إذا رغبت روسيا في بيع منظومات الدفاع الجوي الصاروخية إلى إيران ، فلا مخالفة في هذا». ومن ناحيته، اعتبر بروس ريدل مستشار الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون حول الشرق الأوسط أن غياب الملك سلمان يشكل «رسالة واضحة ومتعمدة» من السعودية إلى الإدارة الأمريكية ، مستبعدا إحراز القمة لأي نتائج تذكر. وأوضح ريدل الباحث لدى معهد بروكينجز أن «السعوديين لم يتحمسوا (لهذه القمة) منذ البداية، وكلما اقترب موعدها زاد شعورهم بأنها لن تؤدي إلى مقترحات ملموسة فعلا». أما السيناتور الجمهوري جون ماكين فاعتبر أن غياب العاهل السعودي «مؤشر على غياب الثقة» لدى السعودية ودول أخرى من الخليج. ولخص جون الترمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأزمة بقوله إن «الولاياتالمتحدة تركز على التهديد النووي الذي تمثله إيران»، لكن من وجهة نظر دول الخليج، فإن البرنامج النووي هو واحد فقط من الوجوه المتعددة للتهديد الإيراني».