وهم الرجولة الزائفة جعله يهدم أسرته و يشرد أطفاله الصغار بعد أن حفر في ذاكرتهم لحظات مؤلمة شاهدوا أمهم تقتل أمام أعينهم و لم يملكوا سوي صرخات تدوي في سماء المنطقة يكاد يهتز لها عرش منزلهم البسيط وفجأة صمت الجميع فالأب لا يصدق ما حدث و اطفاله توقفت قلوبهم قبل أن تصمت ألسنتهم ليجدوا أمامهم أمهم جثة هامدة و أبوهم هو القاتل وكأن عقارب الساعة قد توقفت ويتركهم أبوهم و جثة أمهم و يفر هاربا يغسلون جسد أمهم بدموعهم. كل ذلك لأنها تأخرت في إعداد الطعام ! فليته صام باقي سنين عمره و لم يدمر أطفاله و أسرته بدعوي الرجولة الزائفة متقمصا شخصية سي السيد. في منزل ريفي بسيط و حياة رضيت الزوجة بما قسمه الله لها في حياتها تراعي أطفالها و تعين زوجها الصياد البسيط الذي كان يقابل كل ذلك بالضرب و الإهانة بشكل مستمر و لكنها تحملت كل ذلك حتي تستطيع تربية أطفالها الذين أصبحوا بالنسبة لها كل حياتها و الدنيا كلها و تتعلق بهم و لأنها مصدر الحنان لهم أصبحت بالنسبة لأطفالها الأب و الأم معا فأبوهم لا يعرف سوي لغة الضرب و الإهانة و كأنهم يشفقون عليها مما هي فيه ولم تكن تدري ما أخفاه القدر لها فكأنها رضيت بالهم و الهم لم يرض بها و في الأسبوع الماضي استيقظت في الصباح الباكر و أطفالها تعد لهم الطعام و تهتم بهم كعادتها إلا أن زوجها استيقظ من نومه و طالبها بإعداد الإفطار و أثناء قيامها بذلك فوجئت به ينهال عليها بوابل من السباب و الشتائم لاتهامه لها بالتأخر في إعداد الطعام و هو ما اعتادته منه و يصاب أطفالهما بحالة من الذعر التي اعتادوها و لم يكن ذلك رادعا للأب الذي تمادي و قام بالاعتداء بالضرب علي زوجته أمامهم و انهال عليها بالضرب المبرح و بكي الأطفال لما يشاهدونه أمامهم و لكنه استمر في وصلة الضرب المبرح لأمهم التي لم تدر هل حقا تأخرها في إعداد الطعام يستحق كل ذلك لا بل إنه في نظر سي السيد زوجها يستحق أكثر من ذلك فقد أخذ ( إيشاربها ) من علي رأسها ووضعه حول عنقها ليخنقها و أطفاله يبكون ليتركها فيجدها سقطت علي الارض جثة هامدة فاعتقد أنها أصيبت بإغماء إلا أنه اكتشف موتها و هنا تسود المنزل حالة من الصمت المرعبة و تنهمر دموع الاطفال دون صوت خوفا من بطش أبيهم الذي تحجر قلبه ليتركهم بجوار جثة أمهم و يفر هاربا ليشعر الأطفال الصغار بأن الحياة قد انتهت و الدنيا توقفت فيرتمون علي جثمان أمهم محاولين إيقاظها و لا يدرون أنها لن تستيقظ مرة أخري حتي تأكدوا أن والدتهم قد ماتت و لا يدرون ماذا يفعلون فقد بللت دموعهم ملابسها فيهرعون إلي منزل جدهم و يقولون ؛؛ماما ما بتردش علينا؛؛ و يهرول إلي منزلهم ليجد ابنته ملقاة علي الأرض فيحاول إيقاظها و لكن دون جدوي و أحفاده حوله يصرخون و يطالبونه بإيقاظ والدتهم فاستعان بالجيران و قاموا بنقلها إلي مستشفي الصف المركزي محاولين إنقاذها رافضين أن يعترفوا بوفاتها و يحلمون بأن تعود إلي الحياة مرة أخري إلا أن الأطباء أخبروهم بأنها توفيت ويحتضن الجد أحفاده و تسود الدنيا في أعين الجميع ما بين أطفال فقدوا امهم و كرهوا ابوهم الذي قتلها في لحظات انهارت الأسرة كلها فالأم ماتت و الأب هرب و الاطفال أصبحوا وحدهم في الدنيا يصارعون أمواجها العاتية وكل ذلك بسبب الطعام ووهم الرجولة الزائفة و أمرض مجتمعية تصيب الاسرة و رجل اعتقد أن الرجولة في إهانة زوجته. وكان اللواء محمود فاروق مدير الادارة العامة لمباحث الجيزة قد تلقي اخطارا من مستشفي الصف باستقباله ربة منزل مصابة باختناق و لفظت انفاسها الاخيرة فور وصولها حيث قرر والدها امام اللواء جرير مصطفي مدير المباحث الجنائية بالجيزة ان زوجها وراء الجريمة و انتقل العميد محمود شوقي مأمور الصف الي مكان الواقعة و يكثف رجال الامن جهودهم لضبط المتهم و اخطرت النيابة للتحقيق بإشراف المستشار ياسر التلاوي المحامي العام لنيابات جنوبالجيزة.