ليس سهلا أن تدفع الجمهور إلى الذهاب للمسرح ومتابعة عروضه اكثر من مرة، خاصة إذا كان هذا المسرح لا يضع أى أفيشات دعائية على واجهته، إلا إذا كانت هناك حالة من الثقة بين الجمهور والفرقة المسرحية التى تقدم عروضها.. أتحدث عن فرقة تياترو مصر المسرحية التى استطاعت أن تبنى جسرا من الثقة بينها وبين مشاهديها بدأت تشييده مع بدايات موسمها الأول، والذى حقق نجاحات مبهرة أكدت أننا متعطشون للمسرح الخاص، وها هو الموسم الثانى يبدأ وتتوالى عروضه، ولكن شىء ما قد تغير.. فما هو؟.. مع بدايات عروض هذا الموسم رحبت بدعوة الصديق الفنان أشرف عبدالباقى لمشاهدة المولود الثانى لفرقته، فتابعت عرضى «ماشت كورة» و»الخلطة السرية»، ولاحظت وقتها أن التجربة لم تكتمل بعد وأن حالة من فقدان التواصل يعيشها الممثلون على المسرح وأنه يحاول ربط هذه الحلقات المفقودة بخفة ظله المعهودة.. تجاوزت هذا نظرا لكونهم فريقا جديدا من الشباب استقدمه عبدالباقى أغلبهم يقف على المسرح لأول مرة، وبالطبع تكوين جيل جديد فى الفرقة أمر مهم وايجابى بعد تألق ممثلى الجيل الأول مثل على ربيع وأسامة ومحمد أنور وزيادة طلب المنتجين لهم للعمل فى السينما والتليفزيون، ثم تابعت باقى العروض خلال عرضها تليفزيونيا، ولكنى لاحظت استمرار هذه الحالة بالإضافة لفقدان الفكرة أو التيمة الذى تقدم من خلاله الدراما. استطيع أن أتفهم كثيرا ما قاله لى أشرف عبدالباقى بأن هدف التجربة الأساسى هو الإضحاك وغرس البسمة فى نفوس مشاهديه بعد ما عانيناه السنوات السابقة، وهو هدف نبيل جذب الجمهور منذ عروض الموسم الأول حتى أنه مع بدء الموسم الثانى اختفت أفيشات الدعاية من فوق واجهة المسرح لظروف تخص إدارة الجامعة التابعة لها المسرح، ورغم هذا استمر الإقبال الجماهيرى بل ومازال يتزايد، وهذا ما يشعرنى بالخوف من توقف التجربة، فقد تصورت أنه مع تولى نادر صلاح الدين مسئولية تأليف وإخراج العروض فى نهايات الموسم الأول، أن التجربة ستنطلق كالصاروخ نظرا لما تملكه من مقومات النجاح سواء ممثلون شباب واعدون أو نجم بحجم أشرف عبدالباقى أو مخرج ومؤلف بقيمة نادر صلاح الدين أو المساندة الإنتاجية القوية التى تروج للعروض وتسوق لها من خلال عرضها التليفزيونى، ليصبح لدينا مسرح تليفزيونى وخاص فى ذات الوقت، ولكن ما يحدث الآن هو الاعتماد على الإفيهات والنكات فقط وبعضها سبق تقديمه فى الموسم الأول، وفقدان بعض الممثلين حماسهم وتعالى بعضهم فى الأداء على الخشبة، واستمرار البحث عن كل ما هو مضحك بغض النظر عن الرسالة او الفكرة العامة للعرض التى يكتفى المخرج/ المؤلف بتوضيحها فى جملة يلقيها بطل العمل بشكل مباشر سطحى فى نهاية العرض. قد يكون فتور الأحداث الجارية سببا فى هذا الخفوت الدرامى، لهذا أتصور أن التجربة تحتاج إلى إعادة نظر من قبل صناعها على مستوى التأليف فى المقام الأول فما المانع من تشكيل فريق كتابة يشرف عليه نادر صلاح الدين تكون مسئوليته ضخ الأفكار والتيمات المختلفة بشرط أن يتم بلورتها دراميا بشكل أكثر عمقا من حيث المضمون لأن التجربة فى موسمها الثانى لابد ان ترسخ اقدامها لا أن تهتز من جديد، بالإضافة لضرورة التزام شباب الممثلين، ومساندة جيل الفرقة الأول للجيل الثانى الصاعد بمزج الجدد بالقدامى فتلك هى روح الفريق المطلوبة، وأثق أن أشرف عبدالباقى قادر على صنع هذه الحالة خوفا على التجربة وعشاقها الذين باتوا جدارا رابعا حقيقيا لا غنى عنه فى حالة تياترو مصر.