قانون محاربة الفساد مطلب شعبي لتحقيق العدالة الاجتماعية التي قامت من أجلها ثورتا25 يناير و30 يونيو وهو ضروري لمنع استغلال المنصب العام في تحقيق مكاسب غير مشروعة... والمتوقع ان يصدر المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية قريبا هذا القانون بهدف منع استغلال النفوذ او اساءة استخدام السلطة والتربح من الوظيفة العامة. احكام القانون تسري علي رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس مجلس الوزراء والوزراء, والمحافظين وسكرتيري عموم المحافظات, ورؤساء الهيئات والمصالح العامة والأجهزة الرقابية, ومن يفوضونهم تفويضا دائما في بعض سلطاتهم والسؤال المطروح: هل ينجح هذا القانون فعلا في مكافحة الفساد؟! في البداية يؤكد مشروع القانون أنه يحظر علي أي مسئول حكومي عضوية مجلس إدارة أي شركة خاصة غرضها تحقيق الربح, فيما يسمح بعضوية مجالس إدارات الجمعيات الأهلية التي لا تسعي لتحقيق الربح. وفيما يخص ما يمتلكه المسئول الحكومي من أسهم أو حصص في الشركات التي تخضع لرقابته, فقد ألزم القانون المسئول الحكومي بالتصرف في أسهمه, أو حصصه فيها, أو القيام بتوكيل إدارتها إلي جهة مختصة, كما يحظر المشروع علي المسئول الحكومي شراء أسهم أو حصص في شركات, أو أن يزيد من مساهماته فيها طوال شغله المنصب, إلا في إطار المشاركة في زيادة رأس مال الشركة, أو في إطار الاكتتاب في صناديق استثمار مطروحة للاكتتاب العام. واعتبر المشروع أن ممارسة الأنشطة المهنية, بجميع أنواعها, وكذلك الأنشطة الاستثمارية, تتعارض بصورة مطلقة مع قيام المسئول بعمله العام, ومن ثم فإنه يحظر علي المسئول الحكومي القيام نهائيا بها, ويوجب عليه تصفية نشاطه, أو وقفه تماما, خلال توليه المنصب الحكومي. ويلزم المشروع المسئول الحكومي بالبيع أو الشراء أو الاستئجار وفقا للسعر السائد في السوق, دون مجاملة أو معاملة خاصة أو تفضيلية, مثله مثل أي فرد من الجمهور, كما يلزم المشروع المسئول الحكومي بتقديم صورة من إقرار الذمة المالية الخاص به إلي لجنة الوقاية من الفساد وتحديثه سنويا. وتناول المشروع موضوع الهدايا التي تمنح للمسئولين, حيث لا يسمح إلا بالاحتفاظ بالهدايا الرمزية التي لا تتجاوز قيمتها ثلاثمائة جنيه, وأن يسلم الهدايا التي تقدم من باب المجاملة للجهة التي يرأسها, وتصبح ملكا لها, وينص المشروع علي عقوبة الحبس والغرامة, التي تساوي ضعف ما تحقق من كسب غير مشروع, أو إحدي هاتين العقوبتين, لكل من يخالف أحكامه, علي أن يصاحب ذلك العزل من الوظيفة العامة وجوبا. واكد محمد زارع رئيس المنظمة العربية للاصلاح الجنائي ان مصر في حاجة ماسة الي هذا القانون لإن أحد الاسباب التي قامت الثورة من اجلها هي المطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية فطالما عشنا عصرا استفاد منه اشخاص بعينهما بمواقع ومناصب قيادية دون غيرهم واستفادوا من المجاملات الخاصة بمواقعهم دون رقابة او محاسبة لا لشيء الا لانهم متقلدون هذه المناصب وهذا هو الفساد المقنع الذي اصبح التخلص منه امرا غاية في الاهمية. وأوضح ان كثيرا من المسئولين كانوا يتقاضون هدايا من مؤسسات وشركات بشكل دوري للحصول علي ميزة بعينها او تسهيلات لقضاء مصالحهم وهي بذلك تصبح رشوة مقنعة. اما بعض الشركات فكانت تتبع اسلوبا اخر وهو تعيين المسئول في مجلس ادارتها او عضو في احدي هيئاتها مقابل مبالغ مالية مجزية ولم يكن احد يرفض ذلك بل وصل ان اعتبرته بعض الجهات حراكا لخدمة المنصب. واضاف زارع ان هذا القانون يجعلنا نتأكد ان الدولة جادة في محاولتها القضاء علي الفساد فاذا كنا نتحدث عن الحد الادني والحد الاقصي للاجور فلا يمكن ان نغفل فجوة الرشاوي والتربح من الوظيفة العامة مما ينال من العدالة الاجتماعية ويؤدي الي زيادة الفوارق بين الطبقات. وشدد علي ان هذا القانون سيظل حبرا علي ورق حتي يطبق بنصه وبروحه فكثيرا من الدساتير والقوانين تتحدث عن العدالة الاجتماعية والمساواة وغيرها ولكن لم تطبق اوتوجد علي ارض الواقع فالعبرة بالتطبيق الفعلي والرغبة الصادقة في تفعيله. واوضح ان الهدايا الشخصية والعلاقات الشخصية الانسانية بين المسئول وغيره ملك له طالما لا ترتبط بوظيفته العامة فمن حقه ان يهدي ويتهادي لكن اي هدية تصله باعتباره مسئولا في الدولة فهي ملك للدولة ولكن لابد ان نوفر دخلا محترما يكفي المسئول بشكل كامل حتي نعاقبه عقابا رادعا اذا اخطأ وهذا ضمانا لعدم التهاون في اعطاء شيئ لفرد كحق ليس له. ويشير الدكتور رأفت فودة رئيس قسم القانون الدستوري العام بكلية الحقوق جامعة القاهرة الي ان مكافحة الفساد بكل صوره امر مطلوب وعاجل في دولة عانت منذ الخمسينات حتي الآن كافة اشكال الفساد موضحا ان مكافحة الفساد لا يجب ان تقتصر علي الفساد السياسي و القادة السياسيين فقط ولكن يجب ان تشمل كل من يتولي امرا في الدولة كموظف عام او غير عام وعلي ذلك يكون المطلوب كل من يعمل او يتعامل مع اجهزة الدولة, مشيرا الي ان لدينا في قانون العقوبات ما يجعل المخالف يفكر مرارا قبل المخالفة فعقاب الراشي والمرتشي رادع ولكن الاهم من القانون هو تطبيقه ومعاقبة هؤلاء تتمثل في السجن والغرامة بضعف مبلغ الرشوة التي تقاضاها ومع ذلك تجد افراد المجتمع يتعاملون مع الرشوة علي انها امر عادي بل ويغضون الطرف عنها وتكون علي مرأي ومسمع من الجميع لذلك فنحن في حاجة الي قطع دابر الفساد علي مستوي المجتمع اولا بحيث تكون فكرة مواجهة الفساد في حد ذاتها موجودة ومسيطرة. والمسألة مسألة وعي واهتمام بالمصلحة العامة ولا نترك قضايا الفساد تمر بدون عقاب مجتمعي ليكون مرتكبه عبرة لمن يعتبر اي ان يتفرع العقاب الي جنائي وتأديبي وتشهيري فلا نجهل اسم مرتكب جريمة بعد ثبوتها عليه لانه لا يستحق ان نحافظ علي سمعته لانه اخطأ لان التساهل في تطبيق العقوبة يدفع الناس للتمادي في الاخطاء. كذلك تجاهل المتفوق لمصلحة من هو اقل منه بسبب الوساطة وعدم تكافؤ الفرص يجعل مسألة الفساد عملية تربوية تبدأ من النشأة لانه اما استفاد منها او اكتوي بنارها لذلك لابد ان تبدأ السلوكيات السليمة من الاسرة والمدرسة علي السواء حتي لا يخرجوا مفسدين كذلك لابد ان يتصدي الشعب بنفسه للمفسدين وكشفهم اينما وجدوا كذلك يجب علي الجهات الرقابية الاهتمام البالغ والمتابعة الفاعلة لاي شكوي وتأخذ مأخذ الجد كذلك التنبيه والتوجيه في دور العبادة وتوضيح وجه التحريم بالادلة السماوية. اما بالنسبة للهدايا وتحديد ثمن لا تزيد عنه في القانون فهذا امر لا اقبله فلماذا لا يتم منع الهدايا نهائيا حتي لا نوجد ثغرة فلمن سيكون الحق في تحديد قيمة الهدية اما من يحصل علي هدية فهي لانه في منصبه وليس لشخصه اذن هي ملك للمكان الذي يتولي رئاسته لذلك فهي بالتبعية ملك الخزانة العامة للدولة. اما محمد عبد العزيز مسئول الاتصال السياسي في حركة تمرد فيري القانون الذي نحن بصدده الان فكرة جيدة وخطوة علي طريق التقدم ونتمني الا يكون فيه ثغرات تمكن اي مسئول من استغلالها في تحقيق مصالح شخصية.. كما ان مبادرة الحكومة بمثل هذا القانون يجعل المواطنين يطمئنون الي ان هناك ارادة حقيقية من الدولة لمحاربة ومكافحة الفساد. ويشرح الدكتور ابراهيم درويش استاذ القانون الدستوري اننا نسمع يوما بعد يوم عن قوانين جديدة يفترض ان تطل برأسها علينا قريبا ولكن بالنسبة لقانون محاربة الفساد فما نشر عنه الي الان لا يجعلنا قادرين علي تحليل او ابداء الراي فيه لانه لم تتأكد بعد المفاهيم التي يقوم عليها مشروع هذا القانون. خاصة ان قانون العقوبات حدد بالتفصيل قضايا الفساد وعقوباتها فالعبرة في قضايا الفساد ليست في التجريم ولكن في تطبيق القانون واذكر ان الرئيس السادات قد طلبني عام1980 ليوصل عقوبة الرشوة للموظف العام الي الاعدام ولكني اقنعته ان المسالة ليست في العقوبة ولكن في عدم تنفيذ القانون وعدم التحقيق في الشكاوي فعقوبة الراشي والمرتشي رد المبلغ ومثيله واشغال شاقة مؤقته الي جانب الفضيحة فالكارثة في عدم قدرة السلطة التنفيذية في التحقيق علي اثبات التهمة فلدينا ما يقرب من25 جهازا رقابيا في مصر بما ليس له مثيل في اي دولة في العالم ولكن العبرة باخذ المسألة بشكل جدي في البحث والتدقيق وجدية المراقبة.