الجرائم التي بصدد القاء الضوء عليها للانها اصبحت شئ عادي وطبيعي يمارسها الشعب يوميا وأصبحت صفة وقوة ومدي نجاح وقدرة فاعلها ويباهى بها امام الجميع دون حمرة من خجل لأنها اساس من اسس الحكم وأركانه إلا وهي جريمة الرشوة وكافة صورها المختلفة حيث ان هذه الجريمة من جرائم الوظيفة العامة للانها تنطوي هذه الجريمة علي الاتجار من جانب الموظف العام او المستخدم او المكلف بأداء وظيفة عامة لصالحة الخاص سواء كان لعمل معين او للامتناع عن اداء معين يكون من خصائص وظيفته حيث ان الموظف يرتبط بالدولة للأداء اعمال وظيفته وذلك لقاء اجر وليس ان يتقاضي من الافراد مقابل للأداء هذا العمل للاغراضه وهو ما يؤدي بالمكانة الوظيفية وللاختلال ميزان العدل لذلك حرم المشرع هذه الجريمة وصورها المخلفة فالرشوة بمعناها الدقيق هي اتجار الموظف واستغلاله لوظيفته إن الرشوة تكون في القضاء فيُعطَى الحكم من لا يستحق، ويُمنعه من يستحق، وتكون الرشوة في الوظائف والمسابقة فيها، فيُقدَّم من أجل الرشوة من لا يستحق النجاح أو تُعطى له الأسئلة قبل الامتحان، وتكون الرشوة في تنفيذ المشاريع، وفي التحقيقات الجنائية وغيرها، فيتساهل المحققون المرتشون في التحقيق ويُخفون الحقيقة، وأغرب من هذا أن تدخل الرشوة في التعليم، فينجح من لا يستحق النجاح، ويتساهل المراقبون في مراقبة الطلاب من أجلها، فيتقدم الطالب الضعيف، ويؤخر المؤهّل وفي ذلك حصول الكوارث والحوادث في المجتمع، والشرور على البلاد والعباد. ان الشارع لم يقصر تطبيق احكام الرشوة علي الموظفين العموميين والمأمورين ايا كانت وظيفتهم من المقرر ان الموظف العام يعهد الية بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة او احد اشخاص القانون العام عن طريق شغل منصبا يدخل في حكم الموظفين العموميين مواطن ما اورد به نصا ان أهلية الأداء صفة قدرها الله سبحانه وتعالى فى الإنسان تجعل تصرفاته ماضية وصحيحة وان مسؤولية الراشي تثبت عليه ما دام قد امتلك الأهلية الكاملة وتثبت عليه الأحكام بوجود تلك الصفات المؤهلة لوقوع الحكم الشرعي على المكلف وقد عد العلماء العقل مناطا لأهلية الأداء فلا أهلية للمجنون ولا للصبي غير المميز ولا للمكره لان هؤلاء جميعا لا يدركون مراد الخطاب الشرعي ومقصد الشارع الحكيم وبهذا لن يمتثلوا لأمر ولن يجتنبوا نهي وعليه فأهلية الراشي للأداء تعني ان يكون صالحا لصدور الأفعال عنة لتصح تصرفاته شرعا ، ولتترتب عليه آثارها هذه هي وصف جريمة الرشوة بصفة عامة ثم ننتقل الي الجرائم التي ترتكب يصفه عامة بين الناس او احادهم وتعتبر ركن من اركان هذا النظام ولم تنتهي حتى من بعد قيام ثورة 25 يناير ومنتشرة في ربوعها وأصبحت سمة من سمات المجتمع ويتباهى بها علي رؤوس الاشهاد كأنها عمل عظيم وخارق فعلة متباهي هذا العمل إلا وهي الاستجابة للرجاء او التوصية او الوساطة ( ذهبت المادة 105 مكرر عقوبات الي معاقبة كل موظف عمومي قام او امتنع عن عمل من اعمال وظيفته او اخل بواجباتها نتيجة للاستجابة لتوصية او لرجاء او ووساطة) دون اية فائدة او جعل سابق او لاحق وذلك لشبهة هذه الجريمة مع جريمة الرشوة وما تؤدي هذه الجريمة من اخلال نتيجة للعابثين من الموظفين ان القانون ذهب للاعتبار الموظف العام الفاعل الاصلي للجريمة بينما صاحب المصلحة او الوسيط او من قام بالتوصية ما اعتبره القانون مجرد محرض او شريكا بالتحريض او الاتفاق حني استجاب الموظف لذلك بينما لا يعاقب لنص المادة من كان مستفيدا دون ان يكون له دور في اية مرحلة من مراحل تلك الجريمة أ- الرجاء او الوساطة او التوصية تعتبر تلك الوسائل من وسائل الاغراء التي تقدم للموظف للانحراف من الاعتبارات الوظيفية فالرجاء:- هو حدث من جانب صاحب المصلحة للاستعطاف الموظف العام لقضاء مصلحته الوساطة:- هو حدث من جانب الغير للاستعطاف الموظف العام لقضاء حاجة صاحب المصلحة التوصية:- هو حدث من جانب شخص ذو نفوذ علي الموظف العام نفسه بأمر الموظف بقضاء حاجة صاحب المصلحة ب_ الاستجابة من جانب الموظف الاستجابة شرط اساسي لوقوع الجريمة كاملة للأركان بحيث يتعين استجابة الموظف العام للرجاء او الوساطة او التوصية *** استغلال النفوذ ( ذهبت المادة 106 مكرر عقوبات الي ان كل من طلب لنفسه او لغيرة او قبل او اخذ وعد او عطية للاستعمال نفوذ حقيقى او مزعوم للحصول او لمحاولة الحصول من اية سلطة عامة علي اعمال او اوامر او احكام او قرارات او نياشين او التزام او ترخيص او اتفاق توريد او مقاولة او علي وظيفته او خدمة او اية من اي نوع يعد في حكم المرتشي ويعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 104 من هذا القانون ) ان كان موظفا عموميا وبالحبس وبغرامة لا تقل عن مائتي جنية ولا تزيد علي خمسمائة جنية او بأحدي هاتين العقوبتين ) والجاني لايستغل نفوذه للقيام بنفسه بالعمل المطلوب وإنما يستغل ذلك النفوذ الحقيقي او المزعوم لحمل الموظف العام علي قيام بأداء او الامتناع او الاخلال بواجبات وظيفته تذرعا بنفوذه لدي السلطة العامة *** الاستفادة من الرشوة ( نصت المادة 108 مكرر عقوبات علي معاقبة كل شخص عين للأخذ العطية او الفائدة او علم بة ووافق علية المرتشي او اخذ او قبل شيئا من ذلك مع علمه بسبب يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة متساوية بقيمة ما اعطي بة او وعد به وذلك اذا لم تكن قد توسط الي الرشوة) فإذا كان المستفيد وسيطا في الجريمة او كان علي اتفاق مع الراشي والمرتشي للارتكاب الجريمة استفادته منها فأنة يكون شريكا في الرشوة فعلا ما قام الوسيط بالإخبار او الاعتراف المؤدي للأدلة ثابتة مع بينان اركان الجريمة تامة فان ذلك يعفيه من العقاب علي الاشتراك في جريمة الرشوة ولكن لا يعفيه من الاستفادة من الرشوة ويعاقب بمقتضي المادة 108 مكرر اما اذا اقتصر دور المستفيد بحيث لم يتعدى ذلك ولم يكن له اي دور اخر احدث الجريمة من اتفاق او الوساطة مع علمه بالرشوة فإنما لا يعفيه ذلك من العقوبة المقررة وفقا لنص المادة 108 مكرر حيث انها تعاقب علي الاستفادة من جريمة الرشوة بالجريمة فجريمة الاستفادة مبنية علي جريمة الرشوة فلا بد من وجود قبول بالإخلال بالوظيفة من جانب الموظف اي توافر اركان جريمة الرشوة لكي يتم محاسبة المستفيد عن تلك الاستفادة ويلاحظ ايضا ان المشرع لم يفرق بين الموظف العام والموظف الخاص فقد ساوي المشرع في تلك الجريمة بينهما لمعاقبة المستفيد ويشترط توافر الجريمة بركنيها المادي والمعنوي إذا فشت الرشوة في مجتمع من المجتمعات فلا شك أنه مجتمع فاسد محكوم عليه بالعواقب الوخيمة، وبالهلاك المحقق. لقد تحمل الإنسان الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها، والواجب على هذا الإنسان أن يؤدي الأمانة على الوجه الأكمل المطلوب منه لينال بذلك رضا الله تعالى ، أما إذا ضيعت الأمانة ففي ذلك فساد المجتمع واختلال نظامه . وإن من حماية الله تعالى لهذه الأمانة أن حرم على عباده كل ما يكون سببًا لضياعها أو نقصها؛ فحرم الله الرشوة وهي دفع المال للتوصل به إلى باطل ، يقول الله تعالي {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقًا من أموال الناس بالإثم وانتم تعلمون عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي). لقد اقتحمت الرشوة الكثير من الجوانب في المجتمعات المختلفة حتى لم يكد يسلم منها مجال من المجالات،والرشوة تكون في الوظائف أيضًا حيث يقوم الشخص بدفع الرشوة للمسئول عن الوظيفة فيعينه رغم استحقاق غيرة وكذلك تكون الرشوة في التعليم وفي مجالات البناء والتشييد وغيرها من المجالات ولرشوة اثار مدمره على المجتمع منها** تدمير المبادئ والأخلاق الكريمة إن انتشار ظاهرة الرشوة في مجتمع من المجتمعات يعني تدمير أخلاق أبناء هذا المجتمع وفقدان الثقة بين أبنائه، وانتشار الأخلاقيات السيئة كالتسيب واللامبالاة وفقدان الشعور بالولاء والانتماء وسيطرة روح الإحباط. وأيضا إهدار الأموال وتعريض الأنفس للخطر: فلو تخيلت أن الرشوة قد سادت في مجتمع حتى وصلت إلى قطاع الصحة وإنتاج الدواء فكيف ستكون أحوال الناس الصحية حين يستعملون أدوية رديئة أُجيز استعمالها عن طريق الرشوة؟ ثم تخيل أنك تسير على جسر من الجسور التي بها عيوب جسيمة تجعل منها خطرًا على أرواح الناس وممتلكاتهم، وقد حصل المقاول على شهادات إتمام العمل والبناء عن طريق الرشوة، كم سيترتب على انهيار هذا الجسر من خسائر في الأرواح والأموال وقس على ذلك جميع المجالات لهذا كانت الرشوة إهدارًا للأموال وتعريضًا للأنفس للخطر