المادة الشهيرة (107) من قانون العقوبات المصري هي دعوة صريحة للفساد والهروب من العقوبة في حالة «التلبس» شيء يدعو للاستغراب ويدعو أيضاً للحزن الشديد!! فإن واقع الأحداث التي نتابعها يومياً في قضايا شهيرة وغيرها لا تتصف بالشهرة عملت علي كشفها أجهزة رقابية محترمة في الدولة مثل الرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة وغيرها من أجهزة حديثة (هيئة الرقابة المالية) والبنك المركزي المصري وغيرها. هذه القضايا كلها تخضع بعض أطرافها لهذه المادة (107) التي شرعت من أجل الخوف من استشراء الفساد أو انتشار الرشوة وكان الهدف الذي شرعت من أجله، أعتقد بأن يتقدم الموظف الخاضع لضغوط من مرتشي إلي الجهة الرقابية لكي يبلغ عن رشوة معروضة عليه لتأدية خدمة أو لاغتصاب حق للمرتشي دون سند من أحقيته لهذا الطلب. ولكن واقع الأحداث من التحقيقات المنشورة أغلبها إن لم تكن جميعها خضعت بأن تم الكشف عن الرشوة (دافعها وقابضها) من خلال الأجهزة الرقابية ثم يتطوع الراشي بأن يدلي بمعلوماته كاملة لكي تستكمل القضية التي تحول إلي النيابة العامة. التي بدورها تحيلها إلي المحاكم الجنائية لكي تصدر حكماً علي المرتشي ويعفي الراشي من العقوبة! هذا في اللا معقول في الحياة العامة في مصر، وبالتالي فإن كثيراً من القضايا نجد أطرافاً ربما تكون بريئة تماماً قد جذبها الراشي إلي ساحات المحاكم بدعوي أنهم طلبوا الرشوة. وتعنتوا في أداء مهامهم وصعبوا الحياة أمام الراشي حتي أصبح لا مفر أمامه إلا أن يقدم تلك الرشوة للأسف دون إبلاغ السلطات! وهنا يوجب التوقف والتأمل قليلاً أمام أحداث بعينها. فربما يكون الضعف الإنساني أو الحاجة من الموظف الضعيف الشخصية أو القليل التربية وجد الراشي الذي غرر به وطمأنه علي رشوته ثم حين الكشف لا يظهر إلا أنياباً صفراء، تسعي للخروج من المأزق بالإعفاء من العقوبة. إن الفساد أو الرشوة لها طرفان (راشياً ومرتشياً) ولا يمكن الفصل بينهما، هذا هو العدل، وهذا هو الحق ويجب أن تنظر المؤسسة التشريعية في بلادنا لهذه المادة (العوار) في قانون العقوبات المصري.