في نظرة متفائلة لمستقبل مصر الاقتصادي, رصد الخبير الاقتصادي العالمي محمد العريان في مقال لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية خمس عناصر رئيسية قد تسهم في انتشال مصر من كبوتها الاقتصادية الراهنة. فقد أكد العريان أنه علي الرغم من أن المشهد المصري لا يبعث علي التفاؤل إلا أن الأمل لايزال قائما في إصلاح المنظومة الاقتصادية في مصر. وأشار إلي أنه في الوقت الذي يلوح فيه شبح الحرب الأهلية في الأفق, تسعي الطبقة السياسية في مصر للالتحام وإدارة الحكومة في ظل إجراءات انتقالية وأوضاع حرجة بهدف تمهيد الطريق نحو ديمقراطية حقيقية في البلاد. وذلك في ظل مجتمع يعاني من حالة من الانهيار الاقتصادي وانتشار الفقر ونقص معدلات النمو وارتفاع معدل التضخم والبطالة وانهيار دخل الفرد. ويؤكد العريان أنه في ظل هذا المشهد القاتم لا يجوز أن نغفل خمسة عناصر أساسية يمكن أن تقود مصر نحو التعافي من عللها الحالية, مشيرا إلي أن هذه العناصر كانت تعاني من نظام حرص علي استغلالها في خدمة حفنة قليلة من المواطنين بدلا من تكريسها لخدمة الوطن بأكمله. ورتب العريان هذه العناصر كالآتي: أولا: أكد العريان أن مصر تتمتع بالعديد من المحركات الاقتصادية التي تلعب دورا هاما للنمو الاقتصادي والدخل وزيادة فرص العمل, علي رأسها السياحة والصناعات الزراعية والتي تعاني من وقف مؤقت ولكن يمكن إعادة تشغيلها والاستفادة منها بمجرد عودة الهدوء والاستقرار للشارع. ويؤكد العريان أنه علي عكس بعض الاقتصادات الأوروبية مثل اليونان وقبرص فإن المحركات الاقتصادية المصرية لاتزال مفعمة بالحيوية والقوة ويمكنها أن تدر دخلا كبيرا. ثانيا: أشار الخبير الاقتصادي المصري الأصل إلي أنه علي الرغم من أن الأوضاع المالية الداخلية تبدو في حالة فوضي, إلا أنها في الوناقع قابلة للإصلاح. فالعجز في ميزانية الدولة يعكس تراجعا حادا في الإيرادات وأنماطا مركبة من الإنفاق يمكن إصلاحها. والأهم من ذلك من وجهة نظره هو إعادة توجيه الدعم ليخدم الفئات الأكثر احتياجا له في المجتمع وليس الأثرياء والشركات. وهو ما يجعله نظاما أكثر كفاءة وعدالة. ثالثا: مصر قادرة علي زيادة الاحتياطي الأجنبي لديها من خلال التمويل الطارئ, مستشهدا في ذلك بالمليارات التي تدفقت علي مصر من الإمارات والسعودية والكويت, وتأكيد هذه الدول علي حرصها دعم مصر في هذه المرحلة الانتقالية. رابعا: أكد العريان أن مصر عانت علي مدي أعوام طويلة من سوء إدارة ومتاعب سياسية, لكن الفترة الماضية ساعدت في توعية الساسة المصريين والمؤسسة العسكرية ليتعلموا من أخطاء الماضي والمضي قدما في طريق التصحيح والإصلاح. خامسا: الشباب المصري مفعم بالطاقة والحيوية والذي لعب دورا أكبر كثيرا من تغيير مصير ومقدرات البلاد, فقد ازداد حس الملكية والانتماء في الفترة الأخيرة, ويمكن الاستفادة من هذه الطاقة علي العديد من المستويات الأخري الصحية والتعليمية وغيرها علي الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي. وتأتي هذه النظرة المتفائلة في الوقت الذي أشارت فيه السياسية الدكتورة مني مكرم عبيد إلي أنها اجتمعت مع مجموعة من مسئولي صندوق النقد الدولي خلال زيارتها الحالية إلي العاصمة الأمريكيةواشنطن لشرح ما شهدته مصر في الفترة الأخيرة والتأكيد علي أنه إرادة شعبية لتصحيح واستكمال مسيرة الديمقراطية. وأضافت أنهم أكدوا لها ضرورة تشجيع بناء اقتصاد جديد في مصر وقطاع خاص جديد مبني علي أساس التنافسية وليس المحاباة كما كانت الحال سابقا, إضافة إلي العدالة التي تكفل تساوي الفرص للجميع. كما أكدوا ضرورة تشجيع بناء اقتصاد جديد يتضمن إعطاء فرص للمشاريع الصغيرة والمتوسطة, والعمل علي إلغاء العقبات التي تعترض سبيلها, وتحرير قوانين التجارة والبنية الاستثمارية, وتشجيع مشاريع الشباب, وتحقيق الشفافية في ميزانية الدولة, والاستثمار في التعليم والصحة, مع مبادرة المصريين أنفسهم للبدء بالاستثمار لتشجيع الاستثمار الأجنبي.