تحت عنوان "لماذا يمكن أن يتعافى الاقتصاد المصري"، أعد الخبير الاقتصادي "محمد العريان" رئيس مجلس التنمية الدولية، التابع لمكتب الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، تحليلًا يبعث خلاله بريقًا من الأمل والتفاؤل حول إمكانية إنعاش وتعافي الاقتصاد المصري من خلال 5 عوامل. واستهل "العريان" تحليله اليوم الذي نشرته صحيفة (فايننشال تايمز) البريطانية، قائلاً: من الصعب، إن لم يكن مستحيلًا، سماع أو قراءة أي شيء متفائل بشأن مصر في هذه الأيام، خاصة في ظل استمرار الاضطرابات في الشوارع، والتهديدات والمخاوف من وقوع المواجهة بين بعض أنصار الرئيس المعزول "محمد مرسي"، ومعارضوه والجيش. فالطبقة السياسية تناضل من أجل الالتفاف حول تدابير انتقالية فورية لإدارة الحكومة، في ظل انهيار الاقتصاد وانتشار الفقر ونقص النمو، وارتفاع التضخم، وزيادة البطالة وانهيار الدخل, وليس هناك من ينكر أن مصر تفتقر اليوم إلى المراسي الاقتصادية والمالية والمؤسسية والسياسية القوية, حتى المراسي الاجتماعية تتعرض لضغوط غير مسبوقة. وحتى الآن، بقدر التشاؤم الحالي الذي له ما يبرره من حقائق على أرض الواقع، إلا أنه لا ينبغي أن يعمينا عن 5 عوامل من شأنها أن تدفع إلى مزيد من الانتعاش الاقتصادي لمصر في نهاية المطاف. أولا: مصر لديها العديد من مجالات النمو الاقتصادي ومصادر الدخل ومحركات العمالة التي يمكن إعادتها بسهولة بمجرد استعادة الهدوء. وسواء كان ذلك متمثلا في السياحة أو الصناعات التحويلية، وصناعة الزراعة أو المالية الإقليمية فإن عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي قد يعرضهم لوقفات غير مجدية. وحتى الآن خلافا لبعض الاقتصادات الأوروبية، بما في ذلك قبرص واليونان، فتبقى محركات النمو هذه قابلة للحياة ويمكن الاستفادة منها قريبا. ثانيا:بالرغم من الوضع الفوضوي إلا أنه يمكن ان يتم إصلاح المالية الداخلية للبلاد، حيث أن عجز الميزانية المتزايد يعكس على حد سواء انخفاض في الإيرادات وضرورة إصلاح أنماط الإنفاق التركيبية. الأهم من ذلك، الاستهداف والاستفادة الأفضل من الإعانات التي يمكن أن تساعد على تحقيق أهداف الكفاءة والعدالة. ثالثاً: يمكن أن تخفف مصر فوراً من ضغوط الاحتياطي الأجنبي والعملة من خلال استغلال التمويل الطارئ بشروط جذابة للغاية. والشاهد على ذلك الالتزامات بمليارات الدولارات من قبل الكويت والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. الذين يتحدثون عن الاستعداد لدعم التحول التاريخي الذي ينظر إليه على أنه حرج ليس فقط من قبل 85 مليون مصري ولكن أيضا في المنطقة ككل. ويأتي ذلك في ظل ارتفاع أسعار النفط العالمية وتعزيز عائدات مصر من قبل اصدقاء وحلفاء في الخليج. رابعاً: لسنوات كثيرة جدا، قد تم تقويض مصر نتيجة الحوادث المؤسفة للإدارة الاقتصادية التي لم يتم تفاديها والتجاوز السياسي المفرط. ولكن حرية التعبير التي حصلت عليها مصر في ثورة يناير 2011 ساعدت على إنهاء هذا التقويض. وعلاوة على ذلك، فإن الإجراءات الأخيرة، والجهات الفاعلة السياسية المختلفة والجيش يبدو أنهم جميعا تعلموا من أخطاء الماضي ويتم تنفيذ التصحيحات بطبيعة الحال، ولو جزئية ومؤقتة في البداية. خامساً: تمكين الشباب المصري من المشاركة بشكل أكثر تأثيرا على مصير البلاد، وتوصيل مشاعر الملكية والانتماء لخيرات بلدهم عندهم من خلال تغيير الحقائق على المستوى الجزئي.