رئيس جامعة كفر الشيخ يستقبل وفد السفارة الهولندية لبحث سبل التعاون العلمي    محافظ الجيزة : تخفيض القبول بالثانوي العام إلى 220 درجة    «الصحة»: أكثر من 1.8 مليون قرار علاج على نفقة الدولة بتكلفة تجاوزت ال 10 مليارات جنيه خلال 6 أشهر    انخفاض عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 7-8-2024 بالصاغة    رشا عبدالعال: 1.483 تريليون جنيه حصيلة مصلحة الضرائب من يوليو 2023 حتى يونيو 2024    "الطيران" تطلق خطًا جديدًا مباشرًا بين القاهرة وطوكيو سبتمبر المقبل    66 % ارتفاعًا في تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال يونيو 2024    تجديد تكليف محمد فريد قائمًا بأعمال رئيس الرقابة المالية لمدة عام    تركيا تعلن رسميا تقديم طلب انضمامها إلى قضية الإبادة ضد إسرائيل أمام العدل الدولية اليوم    أولمبياد باريس.. منتخب السباحة التوقيعية يحتل المركز العاشر    ضبط متهم يروج المواد المخدرة لعملائه داخل مستشفى المحلة العام    مصرع 3 أطفال أشقاء إثر نشوب حريق في منزلهم بدمنهور.. اتفحموا    التعليم توضح حقيقة إعادة تصحيح أوراق الامتحانات في تظلمات الثانوية العامة 2024    الحماية المدنية بالفيوم تنجح فى إنقاذ شخص احتجز داخل مصعد    من المسرح إلى الشاطئ.. مهرجان العلمين الجديدة 2024 ينظم فعاليات متنوعة    «خسائر مالية».. توقعات برج الحوت غدًا الخميس 8 أغسطس 2024 (تفاصيل)    فيلم إكس مراتي يقترب من 35 مليون جنيه في أسبوعين.. وولاد رزق 3 يحقق 244 مليونا    في انطلاق جولات أهل مصر.. متحف المجوهرات الملكية بالإسكندرية يستقبل 120 فتاة من المحافظات الحدودية    منها المروحة ومكيف الهواء.. طبيب يحذر من مسببات الإصابة بالعصب السابع    أحمد الجندي: أخوض أولمبياد باريس بهدف التتويج بميدالية    بركلات الترجيح.. ميلان يهزم برشلونة وديا    مشروع حياة كريمة يواصل نجاحه.. المرحلة الثانية تستهدف 1737 قرية    وزير التعليم العالي يرأس اجتماع مجلس المراكز والمعاهد والهيئات البحثية    رئيس جهاز المستهلك: نتابع ميدانيا كافة إجراءات الدولة لضبط الأسواق و أسعار السلع بالمحافظات    رئيس الأركان يتفقد إحدى وحدات التدريب الأساسى لإعداد وتأهيل المجندين    الإدارة العامة للمرور:ضبط 39342 مخالفة مرورية متنوعة    التعليم تتيح نتيجة الثانوية العامة داخل المدارس.. اليوم    «وفا»: حصيلة شهداء غزة جراء الحرب الإسرائيلية تصل إلى 39677    وزير الإعلام اللبناني: اجتياح إسرائيل للبنان سيكلفها أكثر من حرب 2006    306 أيام من الحرب.. إسرائيل تواصل حشد قواتها وتوقعات برد إيراني    مفوض أونروا يدعو للتسليم السريع والآمن للقاحات شلل الأطفال في غزة    تعرف على العروض المختارة لمهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي "مسرح بلا إنتاج"    محمد صبحي: قدمت شخصيات عديدة من الواقع ورفضت تكرارها وأتمنى تقديم أعمال لسعد الدين وهبه    الجمهور يعيد تداول مقطع فيديو لرضوى الشربيني بعد تصريحات شيرين الأخيرة    تعرف على موعد حفل نجوى كرم في دمشق    توافق سياسي جديد.. نجاحات الحوار الوطني في معالجة الملفات الشائكة    وزارة الصحة: الأدوية المصرية بجودة عالمية وتحسن في توافرها بالسوق المحلي    تحرير (138) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    انطلاق قافلة طبية مجانية في مدينة الحسنة بوسط سيناء ضمن مبادرة "حياة كريمة"    «تمنع تشكيل الحصوات».. ما تأثير تناول المانجو على مرضى الكلى؟    وزيرة التضامن تلتقي ممثل «يونيسف» في مصر لبحث سبل التعاون المشترك    إحالة تشكيل تخصص في سرقة السيارات بالمرج لمحكمة الجنايات    ب14 مليون جنيه.. ضبط قضايا اتجار غير مشروع في النقد الأجنبي    بلومبرج: المرشح الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس الأمريكي تربطه صلات قوية بالصين    الصين تحذر من انهيارات طينية وفيضانات محتملة بسبب الأمطار الغزيرة    رئيس الحكومة المؤقتة ببنجلاديش: نحتاج إلى خارطة طريق لإجراء انتخابات جديدة    «الطفولة والأمومة» يحبط زواج طفلة تبلغ من العمر 15 عاما في كفر الشيخ    لطلاب الثانوية علمي وأدبي.. مؤشرات تنسيق كلية تجارة في جميع المحافظات (نموذج استرشادي)    طارق سليمان: كل لاعبي المنتخب جاهزون لمواجهة المغرب باستثناء واحد    منافسات منتظرة    موعد مباراة منتخب مصر وإسبانيا في كرة اليد بربع نهائي أولمبياد باريس والقنوات الناقلة    أسامة قابيل: الاستعراض بالممتلكات على السوشيال يضيع النعمة    تقارير فرنسية: الأهلي يرغب في ضم مدافع باريس سان جيرمان السابق    هل يجوز ضرب الأبناء للمواظبة على الصلاة؟ أمين الفتوى يجيب    المصري وبيراميدز يستهدفان ضم نجم الزمالك    للسيدات.. هل يجوز المسح على الأكمام عند الوضوء خارج المنزل؟ الإفتاء توضح    «الدكتور قالي مش هتخلف».. هل يجب إخبار خطيبتي؟ أمين الفتوى يرد (فيديو)    "لا يجوز حتى في الطهارة".. الإفتاء توضح حكم الإفراط في استعمال الماء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في انتخابات المرحلة الأولي

لسببين اثنين تورع كثيرون عن نقد العملية الانتخابية‏,‏ السبب الاول هو ان الجميع انبهر بالمشهد ولم يكن مقبولا أن يفسد أحد هذه الفرحة أو يشوه ما اعتبره كثيرون عرسا‏.‏ والثاني هو أن الجهات المسئولة اعتبرت ذلك نجاحا يضاف الي شرعيتها او يضيف الي هذه الشرعية‏. . ولم يكن هذا محمودا ولا ذاك صحيحا.
وربما الصحيح هو أن هذه الانتخابات هي اول انتخابات تشهد إقبالا جماهيريا كثيفا ليس له سابق خصوصا في جولتها الأولي, وهي اول انتخابات تشارك فيها كل القوي السياسية دون قيود, وهي اول انتخابات تتم فيها المنافسة بين قوي وأحزاب جميعها خارج السلطة وليس من بينها حزب يمكن ان يوصف بأنه الحزب الحاكم او حزب الحكومة او حزب الاغلبية, وهي اول انتخابات تعد نزيهة في معني محدد وهو انه ليست هناك جهة رسمية تتولي عملية التزوير بشكل منهجي ومنظم كما كان في السابق, وهي اول انتخابات يقع عليها عبء تهذيب الخريطة الحزبية التي بدت هلامية الي حد الفوضي, أو هي التي نظن أنها سوف تشذب من أغصان شجرة النظام الحزبي فتبلورها في عدد محدود من القوي السياسية الأكثر قدرة علي التعبير عن أطياف المجتمع ومصالحه.
برغم ذلك فإننا لسنا متأكدين من أن هذه الانتخابات سوف تكون بالمستوي المأمول بعد الثورة, ولا ان تسفر عن برلمان يعبر حقيقة عن الثورة, وأظنها ليست جديرة بأن تشكل الاساس الصحيح الذي سوف نبني عليه النظام الجديد. فلم تكن اهداف الثورة علي اجندات المرشحين او برامجهم, ولعل المشكلة الكبري هي انها جاءت قبل صياغة الدستور, كما جاءت علي أساس نظام انتخابي معيب حيث يجمع بين الفردي والقائمة ويحتفظ بنسبة العمال والفلاحين ويسمح بالتحايل علي صفاتهم من جانب المرشحين, وافتقدت الي عدالة المنافسة من نواح عديدة. وإذا كان ذلك قد فات اوانه فإن اهم السلبيات التي يجب تداركها اليوم هي ذلك الأداء السيئ والمتردي للعملية الانتخابية, والذي تقع مسئوليته علي كاهل اللجنة العليا للانتخابات.. أقصد ذلك الغموض والارتباك والتردد الذي سمح بكثير من التجاوزات, فهناك غموض في كل مفردات العملية الانتخابية لدرجة أننا حتي الآن لم نعرف النتيجة علي وجه الدقة, ومازلنا لانعرف الكثير عن قوائم المرشحين في المرحلة الثانية, كما لانعرف كيفية توزيع المقاعد المتبقية للقوائم. وإن تكن المعلومات مهمة فإننا لم نزل بحاجة الي التأكد من مدي صحة الجداول الانتخابية وهي قديمة ولم تتم تنقيتها وتصحيحها, وكثير من الناخبين لم يعرف شيئا عن المرشحين ولا برامجهم حتي لحظة التصويت. لذلك حدثت تجاوزات عديدة مثل ممارسة الدعاية امام اللجان وتأخر وصول بطاقات ابداء الرأي وتعطل بعض اللجان وضياع صناديق وإعلان اكثر من نتيجة.
فعلا شهدت الجولة الاولي من المرحلة الاولي إقبالا غير مسبوق قد يكون لشعور المواطن لأول مرة ان لصوته قيمة بعد التيقن من أنه ليس هناك من يمارس التزوير. لكن هذا الاقبال يمكن تفسيره بأنه نتاج لمجموعة من الظروف التي تعانقت في لحظة معينة لتستدعي الروح الوطنية لدي الشعب المصري, ومن ثم ليس من المتوقع ان تشهد المراحل المقبلة نفس النسبة من المشاركة في التصويت, لأن الجماهير أفرغت شحنتها في الجولة الأولي ولأن تركيبة الظروف ارتبطت بلحظة لن تدوم علي حالها. أعتقد ان التصويت في هذه المرحلة كان تعبيرا عن المزاج المصري العام ولم يكن ابدا تعبيرا عن رؤية لمستقبل البلاد. هنا قد نتصور ان قسما من الناخبين قد حركته هذه الروح دون ان يعرف بالضرورة كيف ينفق صوته, ومن ثم كانت نسبة الاصوات الباطلة كبيرة, وكانت هناك فرصة لممارسات توجيه هذه الاصوات لصالح تيار او مرشح بعينه وكان من بين الناخبين من يصوت بطريقة عشوائية... هذا القسم قد لايعود في المراحل المقبلة.
فيما عدا هذا القسم تأثر السلوك التصويتي للناخبين بعدد من العوامل, أهمها الخطاب الديني, والحساسية المفرطة إزاء المحسوبين علي النظام البائد, والقدرة علي إثبات الوجود من خلال التواصل مع الشارع. وعليه كان هناك اتجاهان في التصويت, الاول هو التصويت الاستقطابي والذي تمايز بين التيارين الديني والمدني, ولعل هذا الاستقطاب بات واضحا في الخريطة الحزبية منذ اللحظة الاولي ونتائجه لم تكن مفاجئة, لكن الغريب فيه انه انحدر لدي البعض الي استقطاب طائفي. هذا الاتجاه لايمكن فهمه بمعزل عن الاتجاه الثاني وهو التصويت العقابي بمعني حرمان كل من تشوبه شبهة النظام الساقط من الحصول علي اصوات, فكان العقاب موجها للفلول كما انصرف الي الاحزاب القديمة التي ساهمت في تجميل قبح النظام القديم وبالتالي فقد عني التصويت العقابي البحث عن المناضلين القدامي من ناحية والقوي الجديدة المنظمة من ناحية اخري.
في ضوء هذين الاتجاهين يمكن تفسير النتائج, فقد توافرت احزاب التيار الاسلامي علي سمات جذب الناخبين, وكانت فرصة القوي الجديدة التي تعبر عن الثورة كبيرة لولا ضعف قدرتها التنظيمية والدعائية وتشرذمها امام تيار منظم وحاضر في الساحة بقوة. وكان من الطبيعي ان يتراجع حزب الوفد وغيره من الاحزاب القديمة كالتجمع والذي لم يحصل مرشحوه علي أصوات برغم وجودهم علي قائمة الكتلة. وهنا قد نتوقف امام اختيار الناخب والذي لم يزل يتعامل مع القائمة بمنطق النظام الفردي وبالمناسبة فإن كثيرين مازالوا يعاقرون منطق النظام الفردي حيث كان الاقبال علي الترشح علي المقاعد الفردية كبيرا من الناحية العددية مقارنة به علي القوائم, وبالمناسبة ايضا كان ذلك لصالح اصحاب الاوزان الثقيلة من المرشحين خصوصا الذين فازوا من الجولة الاولي.
في تقديري ان المرحلتين المقبلتين سوف تشهدان تراجعا في معدلات التصويت وأن من سيذهبون الي صناديق الانتخابات هم هؤلاء الذين يعرفون لمن يعطون اصواتهم, لكن يقابل ذلك ان هاتين المرحلتين سوف تجريان في محافظات يغلب فيها الطابع الريفي والذي يعد اكثر ميلا للتيارات الدينية.. تلك التي تعرف جيدا كيف تعبئ الناخبين, ومن ثم سوف يتحول التصويت في القري من العصبية العائلية الي العصبية الدينية. ومن المتوقع ان ترتفع نسبة التصويت للقوي الجديدة دون خصم من رصيد التيار الديني, لكن الخصم سوف يقع علي كاهل حزب الوفد... من سوء حظ الوفد انه وقع في المنحني الخطأ في قوسي اتجاهات التصويت, فمن حيث الاستقطاب لم يره الناخب ولم يحسبه وما كان ممكنا ان يحسبه علي التيار الديني, لكنه في نفس الوقت ولأسباب من صنع الوفد نفسه لم يره في موضع القطب الليبرالي برغم عراقة تاريخه في هذا التوجه, فقد تموضع في منطقة رمادية عديمة اللون, قد يكون لها مستقبل في المستقبل, لكن الاستقطاب الآن لايقبل المواقع الوسط ولايحبذ من يمسك العصا من المنتصف. ومن ناحية التصويت العقابي وضع الحزب نفسه في مرمي المستهدفين بالعقاب بسبب تحفظات كثيرة علي أدائه السابق علي الثورة وفي غضونها وفي اعقابها..... إذ يرشح الفلول علي قوائمه.
لم نعرف نتائج المرحلة الأولي علي وجه الدقة, ليس فقط بسبب تضارب الأرقام, ولكن أيضا بسبب عدم معرفة الأساس القانوني لتوزيع المقاعد المتبقية وهو الأمر الذي يمكن ان يغير من هذه النتائج, لكن وفقا لماهو متداول فإن النتائج في عمومها تعبر عن المزاج العام من حيث هو الانطباعات الاولي التي شكلت الوعي الجماهيري, لاسيما اذا قرأنا النتائج من منظور ضياء رشوان حيث ذهب الي انه باستبعاد القوي السلفية سوف نجد ان القوي الاخري( الإخوان والقوي الليبرالية) متساوية في حظوظها. لكن هل يمكن قراءة المشهد بصورة مختلفة مفادها ان الصامتين الذين خرجوا عن صمتهم إنما يذهب تأييدهم للسلفيين ؟ أعتقد ان المشهد لم يزل مصرا علي تقديم مفاجآت, وأن شكوكا كثيرة تلقي بظلالها علي العملية برمتها.
المزيد من مقالات د.صلاح سالم زرنوقة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.