عاجل - الجنيه ينتفض أمام الدولار في البنوك.. كم سعر العملة الِأمريكية الآن؟ (تحديث جديد)    مجزرة خان يونس.. استشهاد 6 فلسطينيين في قصف إسرائيلي جنوبي قطاع غزة    اليوم.. وزراء الخارجية العرب يبحثون وقف العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة ودعم فلسطين دوليا    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة مصر وبتسوانا في تصفيات الأمم الأفريقية    البطل الأولمبي محمد السيد: صلاح ورونالدو الأفضل وهاخد شوبير في ماتش خماسي    سبب غياب كهربا عن مران الأهلي    إصابة سيدة في حريق هائل بمخزن كاوتش بمركز اطسا بالفيوم    ارتفاع في درجات الحرارة.. حالة الطقس المتوقعة اليوم الثلاثاء    «طبيب مزيف» يجري جراحة مستعينا بمقاطع «يوتيوب».. والنهاية مأساوية    جيش الاحتلال يوقف قافلة للأمم المتحدة شماليّ غزة    هنغاريا تعتزم تحويل مساعدات دفاعية إلى تشاد بدلا من أوكرانيا    استشهاد 5 فلسطينيين جراء قصف إسرائيلي على شقة سكنية في غزة    وزير الزراعة: سعر توريد محصول قصب السكر تاريخي.. واحتياطي القمح يتخطى 6 أشهر    وزير الزراعة عن أسعار البطاطس والطماطم: مصر الأرخص في العالم.. ولا زلنا ندعم الخبز والبنزين    محمد الأتربي: تغييرات مرتقبة في المناصب القيادية بالبنوك الحكومية (فيديو)    إبراهيم نور الدين: الكاميرا بتحبني..« ولا أبحث عن الشو»    أيمن الشريعي: الأهلي لو طلب أي لاعب «سأخذه من يده لباب الجزيرة»    مصدر يكشف لمصراوي موعد حسم صفقتين محليتين جديدتين للزمالك    المغرب تفوز بصعوبة أمام ليسوتو بهدف في تصفيات كأس أمم إفريقيا    أيمن الشريعي: سأترشح على منصب رئيس الرابطة    بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى.. ننشر حركة قيادات النيابة العامة    مفاجأة في عيار 21 الآن.. ارتفاع أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 10 سبتمبر 2024 بالصاغة    وجبة فاسدة.. العناية الإلهية تنقذ عمال مصنع بأكتوبر من الموت    إخلاء سبيل صاحبة إعلان ميلودي من قسم أكتوبر    "أول ممثل أفريقي جسد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية".. 10 معلومات عن الراحل جيمس إيرل جونز    هل طلبت زوجة عصام صاصا خلوة شرعية معه في السجن؟.. فيديو توضح ما حدث    شيرين توجه رسالة لجمهورها بعد الفوز بجائزة غنائية.. ماذا قالت؟    17 سبتمبر.. عودة أسبوع الأفلام فى معهد جوته القاهرة والإسكندرية    برج الدلو.. حظك اليوم الثلاثاء 10 سبتمبر 2024: حل مشكلات الماضي    أوقاف الفيوم تحتفل بذكرى المولد النبوي الشريف من المسجد الكبير بالصعيدي    فيديو.. مصرع فارس مغربي بعد انفجار بندقية يطلق منها النار في وجهه    وزير الزراعة: تفتت الحيازة يهدر 10% من الأراضي    حملة مكبرة لإزالة الإشغالات بأسواق المنشية للأسبوع الثاني    برقم الجلوس.. رابط نتيجة الثانوية العامة 2024 الدور الثاني فور إعلانها على موقع الوزارة الرسمي    القبض على مالكي منشآت طبية شهيرة وتشميعها في الجيزة (صور)    مصرع مسن صدمة القطار أثناء عبور المزلقان بأبو حمص فى البحيرة    حققوا أموال طائلة.. تفاصيل إحالة عدد من منتجي البيض للنيابة بتهمة رفع الأسعار    على باب الوزير    مصدر رفيع المستوى ينفي تبادل إطلاق نار على الحدود المصرية الإسرائيلية    أنجولا تتصدر المجموعة السادسة بالفوز على السودان 2-1    مواعيد وخطوات الكشف الطبي للطلاب المستجدين بجامعة بنها 2024-2025    حدث بالفن| موقف محرج لابنة نجمة وثري يعرض على فنانة مرتب شهري وأول تعليق لبدرية طلبة بعد العملية    سامح قاسم يكتب: سيد درويش.. من ألحان الفقراء إلى صوت الشعب    شارك صحافة من وإلى المواطن    سعاد صالح توضح حكم ارتداء الشباب للبناطيل المقطعة -(فيديو)    سعاد صالح: لا يجوز للزوج أن يأخذ مليمًا واحدًا من زوجته إلا بإذن    «البياع» رئيساً للمكتب الفني و «أبو زيد» مديراً لإدارة التحفظ    تعرف على فوائد تناول الأسماك يوميًا لمرضى السكري    تضم أدوية ضغط وسكر وأورام.. ضخ 113 مليون عبوة جديدة للصيدليات    استعدادًا لدخول المدارس.. طريقة تحضير العيش البلدي في المنزل «الخطوات»    بالتعاون مع جنوب الوادي.. الجامعة المصرية للتعلم الإلكتروني تحتفل بتخريج الدفعة الثانية    سامح حسين يعود إلى الشاشة الصغيرة ب "برامودا"    جائز بشرط.. الإفتاء توضح حكم إقامة مجالس الذكر في المساجد والجهر بها    أمين الفتوى: عدم قول «بحبك» للزوجة تقصير تحاسب عليه يوم القيامة    محافظ دمياط يبحث الارتقاء بالمنظومة الصحية    رمضان عبد المعز: الصلاة تمحو الذنوب وتخفف الأعباء عن المؤمنين.. فيديو    وزير الداخلية يودع نظيره السعودي بمطار القاهرة    «التعليم» تصدر كتابًا دوريًا لتنظيم إجراءات صرف المقابل المادي لمعلمي الحصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموجة الثانية للثورة
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 12 - 2011

قامت ثورة‏25‏ يناير لكنها لم تصل للسلطة وأنابت عنها القوات المسلحة ممثلة في المجلس العسكري في قيادة زمام الأمور‏,‏ وحظي المجلس منذ اللحظة الأولي بشرعية ثورية ضمنية لم تأت من تفويض الرئيس المخلوع له بإدارة البلاد‏,‏ كما لم تأت نتيجة استفتاء عام, بل جاءت من تقدير الشعب للدور الخالد للجيش في حماية الثورة وهي في مهدها, مصدر الشرعية إذن هو الرضا الشعبي العام, وهو أقوي مصادر الشرعية لأنه فوق القانون والدستور والكفاءة وهو المؤشر الأهم لقدرة السلطة علي البقاء أو الزوال, أما أسباب هذا الرضا فهي انحياز المجلس لمطالب الثورة وإعلانه الصريح عزوفه عن السلطة واقتصار دوره علي إدارة المرحلة الانتقالية وتأكيده علي أنه ليس بديلا عن الشرعية, فهل حافظ المجلس العسكري علي هذا الرضا, أعني الشرعية, وهل لا تزال أسباب الشرعية قائمة؟
عبر شعار الثورة الجيش والشعب إيد واحدة عن الشرعية التي منحها الأخير للأول, فالأمة هي مصدر السلطة والشرعية في آن واحد ولا يعدو المجلس أن يكون وكيلا عنها لأداء مهمة محددة في إطار زمني محدد وهي إتخاذ ما يلزم تعبيرا عن الإرادة العامة لنقل السلطة للمدنيين. وبدلا من أن يتجه المجلس بالثورة نحو تحقيق أهدافها بوسائل ثورية انتهج منطقا إصلاحيا تدريجيا أوجد فجوة بدأت تتعمق وتتضح معالمها كان من نتائجها تآكل تدريجي للشرعية إلي أن داهمتنا الموجة الثانية للثورة ليعامل فيها الشعب في شارع محمد محمود بأسوأ مما عومل به في موقعة الجمل, ويقيني لو أن الثورة تعاملت بجدية مع قتلة ثوار يناير لما أريقت دماء ذكية جديدة بنفس الأيدي الملطخة بدماء موقعة الجمل, ويقيني أيضا أن غياب المنطق الثوري من قبل المجلس العسكري هو المسؤول عن تردي الأوضاع وتردي مستوي الرضا العام والتآكل التدريجي للشرعية.
أما الفلسفة الإدارية للمجلس فهي عدم التدخل والإكتفاء بدور المراقب وفي أحسن الظروف دور الوسيط كما حدث بين القضاة والمحامين, وبين أصحاب المطالب الفئوية والوزارات المعنية, وبين أساتذة الجامعات والقيادات الجامعية, وبين المسلمين والأقباط, وبين أنصار الدستور أولا والانتخابات أولا, وبين قوي الثورة المضادة والثوار, وأخيرا بين وثيقة السلمي والمجتمع المدني والأمثلة لا تحصي, وفي تقديري إن اتخاذ المجلس دور المراقب أو الوسيط فيه إخلال بالمسؤولية التي حمله إياها وشرفه بها الشعب المصري.
لقد كانت الأمانة والمسؤولية تقتضي من المجلس العسكري أن يبادر باتخاذ مواقف وقرارات وقوانين تضمن التحول الديمقراطي, إذ كيف يمكن لثورة أن تنطلق في ظل بقايا نظام قديم لا يزال يخترق كل المؤسسات ذات الثقل السياسي في الدولة بدءا بالإعلام مرورا بالجامعات والبنوك والإقتصاد والقضاء وانتهاء بالأمن, ألم يكن من الأجدي لثورة تعلم منها العالم أجمع أن تعزل بقايا النظام القديم وتطهر الساحة السياسية من كل من ساهم في إفسادها في عهد الرئيس المخلوع, هل يعقل إرجاء قانون إفساد الحياة السياسية لما بعد الانتخابات البرلمانية, هل يعقل أن يترك هذا الأمر للإدارية العليا مع احترامنا الكامل لها ولدورها لتصدر حكما ذات مرة بحل الحزب البائد بدون مرسوم بقانون وفق حيثيات تؤكد علي إفساده للحياة السياسية وحكما آخر يتيح لنفس الحزب الفاسد مباشرة الحقوق السياسية بدعوي أن حرمانه سياسيا يتطلب مرسوما بقانون. هل كانت المحكمة في حاجة لدليل علي احتكار هذا الحزب للسلطة, ألا يمثل احتكار القوة في ذاته أعلي درجات الإفساد السياسي. إن فساد الحزب المنحل مرده إلي فساد رموزه وشخوصه وهو ما انتهي إليه عن حق حكم القضاء الإداري بالمنصورة.
إن تضارب الأحكام القضائية وصدورها لصالح النظام البائد مرده التفسيرات المتباينة لنظام قانوني يجب ألا يمثل مرجعية في التعامل مع قضايا الثورة, بدءا بالفساد السياسي مرورا بقتلة الثوار وانتهاء بمحاكمة آل مبارك لأنه لا يمكن تقييم نظام أو محاسبته بمعايير داخلية من انتاجه خاصة في ظل مفهوم الثورة التي تمثل نقطة مفصلية في حركة التاريخ تحتاج أن يكون لها نظامها الخاص وإلا لا يمكن الإدعاء بوجودها.
المشكلة ليست في الأحكام القضائية بل في انتهاج المجلس العسكري دور المراقب أو الوسيط لا دور القائد المتبني لفلسفة الثورة الذي آثر أن يترك الأمر للتنافس الطبيعي بين قوي الثورة والقوي المضادة مؤجلا القضية برمتها ليتعهدها برلمان ورئيس منتخب, وهو تنافس سوف يبطل مفعول الثورة إن عاجلا أو آجلا للدرجة التي لن يختلف فيها وجه مصر بعد الثورة عنه قبلها إلا في إطار ما يسمح به التنافس الطبيعي بين قوي ثورية ناشئة وضعيفة بلا قائد وبلا برنامج وقوي فاسدة ضاربة في البنيان المصري متجذرة في أحشائة تقاوم التغيير وتتآمر عليه.
ويصبح التساؤل هل لا تزال هناك فرصة أمام المجلس لدعم شرعيته حتي30 يونيو القادم أو علي الأقل مقاومة تآكلها؟ وهل لا تزال الفرصة قائمة لاستعادة الثورة من محاولة اختطافها؟ وإلي أي مدي تمثل حكومة الجنزوري آلية للمنطق الإصلاحي أم الثوري؟ وهل نجاح الانتخابات البرلمانية يعيد إنتاج النظام القديم أم الجديد؟ هذا ما نجيب عليه في مقال لاحق إن شاء الله تعالي.
المزيد من مقالات د.بسيونى حمادة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.