في مستشفي المقاولين العرب, يرقد الآن بين يدي الرحمن أحد أخلص وأوفي أبناء مصر, الأديب الصحفي الفيلسوف أحمد بهجت. هذا العملاق حينما تقرأ رائعته قصص الأنبياء. في مستشفي المقاولين العرب, يرقد الآن بين يدي الرحمن أحد أخلص وأوفي أبناء مصر, الأديب الصحفي الفيلسوف أحمد بهجت. هذا العملاق حينما تقرأ رائعته قصص الأنبياء, تجد أنك أمام رجل يقف علي ثغر من ثغور الإسلام, مدافعا عن الفكرة الإسلامية المعتدلة الصحيحة, وعن المسلمين المضطهدين في كل مكان وفي أي زمان. أما في كتابه بحار الحب عند الصوفية فهو يروي حكايات لها العجب, ويقول ان هناك إحتمالا كبيرا لأن تغرق في هذا البحر لو لم تكن تجيد السباحة. وفي قصص الحيوان في القرآن مثل: ذئب يوسف ودابة الأرض والطير الأبابيل وحمار عزيز, فأنت أمام أسلوب مدهش في رقته, مع قدرة مبهرة علي المزج بين العلم والدين,.. وهو دعوة صريحة للتأمل العميق مع التفكير.. وفي أنبياء الله, تجدك أمام إحساس متفرد وعذوبة لا نظير لها, بجوار حس صوفي يحكم النظرة العامة للفيلسوف.. وفي قصص القرآن وأحسن القصص للأطفال, فأنت أمام مؤسسة تعليمية كاملة في نقش الفكر الإسلامي الرشيد, بحروف نوارنية, تفشي في نفوس الأطفال تلك الروح البيضاء الصافية.. أما عن أدبه الساخر, وعن مدي كراهيته لبلاده, فإنك تجدها في مؤلفه مذكرات زوج. وبالنسبة لي فقد قادني حظي الكبير الي هذا العملاق الصوفي صادق الحديث, فنشر لي عشرات المقالات في عموده اليومي صندوق الدنيا بجريدة الأهرام, وبالرغم من أني لم أكن قد التقيت به من قبل, فإن اللقاء الروحي كان أعمق.. وأتذكر أنه من فرط إحساسه الوطني رفيع المستوي فقد نشر مقالا لي عن المخاطر التي تحيط بمصر, ونشرها بعنوان رسالة مهمة ثم عاد بعد عدة سنوات, ليخرج ذات المقالة من أرشيفه الشخصي, ليعيد نشرها في2010/12/15 بعنوان مرة أخري رسالة مهمة وقبيل ثورة يناير وتحديدا في10 يناير2011 وقبل مرضه إرسلت له مقالي الأخير, للتنبيه عن ظهور كميات هائلة من الغاز الطبيعي في مياه البحر المتوسط أمام الإسكندرية, وطالبت الخارجية المصرية بسرعة إتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة علي حقوق مصر البحرية في المنطقة الاقتصادية البحرية, مثلما فعلت لبنان وتركيا ضد إسرائيل, فإذا به بحسه المهني رفيع المستوي يوقف نشر سلسلة مقالاته, وينشر المقال مع تعليق منه بكلمات تفيض بالوطنية الغيورة الصادقة. وحينما علمت مؤخرا بمرضه, قمت بزيارته في مستشفي المقاولون العرب وكان اللقاء الأول, وقلت له نحن كلنا من صنع روحك أيها العظيم.. فلم يجب في عزلته لكن إبتسامة سرمدية غامضة انبعثت من روحه الطاهرة. غادرت المستشفي وأنا أدعو الله, وأدعو الملايين من المصريين الأوفياء آن يقفوا مع الرجل في محنة مرضه الشديد, وأن يتوجهوا بدعواتهم الي العلي القدير, لتخفف من الآلام, وأن يمن بالشفاء علي صاحب الكلم الطيب الفيلسوف القدير أحمد بهجت. المستشار محمود العطار نائب رئيس مجلس الدولة